ইঘওয়া ট্যাভারনেক
إغواء تافرنيك
জনগুলি
ترجمة
هبة عبد العزيز غانم
مراجعة
هبة عبد المولى أحمد
الجزء الأول
الفصل الأول
اليأس والاهتمام
وقفا على سطح نزل بلندن في حي ميدان راسل - إحدى تلك الاستراحات القاتمة، التي يلجأ إليها القلة البائسة من عابري المحيط الأطلنطي والبريطانيون الفقراء. كانت الفتاة، التي مثلت النوع الأول، تتكئ على السور الواهن، بوجه تغمره الكآبة وعينين جامدتين كما لو كانت تثبتهما على المشهد البانورامي المحبط متأملة إياه. ووقف الشاب، الإنجليزي بلا أدنى شك، مستندا إلى المدخنة على بعد بضع أقدام، يراقب رفيقته. لم يكسر حاجز الصمت بينهما شيء بعد، منذ أن تسللت من غرفة المعيشة المتهالكة في الدور السفلي، حيث كانت سيدة متوردة تصدح بصوت أجش بأغنية قصيرة من أغاني قاعات الموسيقى. ودون أن ينبس ببنت شفة سار هو في أعقابها. كانا شبه غريبين، باستثناء كلمة أو اثنتين من التحية التي تقتضيها آداب اللياقة في المكان. ومع ذلك فقد قبلت تجسسه عليها دون أي اعتراض بكلمة أو بنظرة. لقد تبعها لغرض محدد للغاية. كان يسائل نفسه، هل استنتجت هذا الغرض؟ لم تكن قد أدارت رأسها أو تعطفت عليه بأي سؤال أو ملاحظة منذ أن شق طريقه في أعقابها مباشرة عبر الباب المؤدي إلى السطح. ومع ذلك فقد تراءى له أنها لا بد قد خمنت.
أسفل منهما، امتدت أسطح منازل، وأبراج ومداخن مكللة بالدخان، بعيدا إلى الأفق الغامض المخضب بحمرة الدم، في منظر بانورامي بدا مثل صورة متخيلة لمدينة مرسومة. حتى وهما يقفان هناك، تلطخت السماء بلون أعمق، وبدأت الشمس الغاضبة تغرق في كتل السحب الكثيفة المتراكمة. كانت الفتاة تراقب المشهد بتجهم، وفي الوقت نفسه باستغراق واهتمام. كانت عيون رفيقها لا تزال مثبتة كلية عليها بنظرة ناقدة متفحصة. تساءل من تكون؟ لماذا غادرت بلدها لتأتي إلى مدينة يبدو أنها لا يوجد لها فيها أي أصدقاء، ولا مصالح؟ في ذلك النزل الذي يلجأ إليه المسافرون المنكوبون، كادت تكون شخصية غير ملحوظة، صامتة، محجمة عن المحادثة، ولم تكن جذابة بأي شكل من الأشكال. ملابسها، على الرغم من أنه بدا أنها فصلت على يد واحدة من خياطات الدرجة الأولى، فقد كانت رثة وغير عصرية، حتى إن أناقتها المفرطة كانت في حد ذاتها مثيرة للشفقة. كانت نحيفة، لكنها لا تخلو من خفة حركة حيوية تتناقض دائما مع عينيها المتعبتين، وإحساسها الدائم بالاكتئاب. وعلاوة على ذلك، كانت متمردة. كان هذا واضحا في أسلوبها، وظاهرا في تعبيراتها العدائية المتجهمة، وفي عينيها اللتين تشعان نارا. كانت تمسك بوجهها الطويل، الذي يميل إلى النحافة، بين يديها، بينما يستقر مرفقاها على حاجز الشرفة المبني بالطوب. حدقت في ذلك العالم من الضباب الدامي، والمباني البشعة القبيحة، والألوان الغريبة الفاقعة؛ وأنصتت إلى مزيج فظ صارخ متواصل من الأصوات، كأنه أنين عالم عار - وكانت طوال الوقت تبدو وكأنها تكره الشيء الذي تنظر إليه.
قرر تافرنيك، الذي لم يرض فضوله بشأن رفيقته بعد، أن الوقت قد حان للحديث. وتقدم خطوة إلى الأمام نحو السطح. وحتى ذلك الحين كان مترددا إلى أن أقدم في النهاية على التقدم إلى الأمام. فيما يتعلق بمظهره، لم يكن هناك ما يلفت النظر فيما عدا الإحساس العام بالتصميم الذي ميز ملامحه غير المميزة. كان طوله يزيد بقليل عن المتوسط، وكان عريض المنكبين، ذا شعر أسود وكثيف لدرجة يصعب عليه معها تصفيفه بشكل أنيق. كان يرتدي قميصا مهترئا نوعا ما وربطة عنق غير مناسبة؛ وكان حذاؤه ثقيلا غير متقن الصنع، وكان يرتدي أيضا بذلة من الملابس الجاهزة ويبدو امرأ يعرف أنها جاهزة ولم تحك له خصوصا ويرضى بها كما هي. سوف يجده الأشخاص العصبيون أو الحساسون، بلا شك، شخصا مستفزا، باستثناء أنه كان يتمتع بهبة معينة منحه الله إياها - تركيز يكاد يضاهي تركيز نابليون على أمور اللحظة العابرة - وكانت هذه الهبة في حد ذاتها مثيرة للإعجاب، وأدت بطريقة ما إلى التقليل من حدة نقده.
অজানা পৃষ্ঠা