============================================================
وأستمر الأمر حتى مات الظاهر برقوق فى تصف شوال سنة إحدى وثمانمائة ، ولم يكن ينئذ بالقاهرة [قمح] ، وكان يبلغ ثلاثين درهما الأردب . فبيع فى اليوم الثانى لموته كل اردب من القمح يأربعين درهما . وتزايد حتى بيع فى سنة اثنتين وثمانمائة بيضع وسبعين درهما الأردب . وتمادى الأمر كذلك إلي أن قصر مد النيل فى سنة ست وثمانمائة ، فشنع الأمر، وارتفعت الأسعار حتى تجاوز الأردب من القمح أربعمائة درهم . وسرى ذلك قى كل ما باع من مأكول ومشروب ومليوس . وتزايد أجر الأجراء - كاليناة والفعلة وأرباب الصنائع والمهن - تزايدا لم يسمع يمثله فيما قرب من هذا الزمن ، حتى جاء الفوث من [عند ] اله تعالى فى سنة سبع وثمانمائة ، فكثرت زيادة النيل ، وعم النفع به الإقليم ، فاحتاج الناس الى البذر . وكانت الغلال تحت أيدى أهل الدولة وغيرهم كثيرة جدا لأمرين : أحدهما احتكار الدولة الأقوات ومنع الناس من الوصول إليها إلا بما أحبوا من الأثمان ، والثانى زكا، الفلال في سنة ست وثمائمائة ، فإنه حصل منها ما لم يسحع بمثله فى هذا الزمن . فلأجل هذا وغيره ، ما سيأتى ذكره إن شاء الله تعالى ، تفاقم الأمر وجل الخطب وعظم الرزء . وعمت البلية وطمت ، حتى مات من أهل الإقليم بالجوع والبرد ما ينيف عن تصف الناس . وعم الموتان حتى تفقت الدواب في سنة ست [ وسنة) سبع ، وعز وجودها . وبلغت آثماتها إلى حد تستحى من فكره .. ونحن الآن فى أوائل سنة ثمان وثمانمائة ، والأمر فيها من أختلاف النقود وقلة ما يحتج إليه ، وسوء التدبير وفساد الرأى ، في غاية لا مرمى وراءها من عظيم البلاء وشنيع الأمر .
পৃষ্ঠা ১১৬