============================================================
قلما تجاوز الأمر الحد أمر السلطان بجمع الفقراء وذوى الحاجات ، وفرقهم على الأمراء ، فأرسل إلى أمير المائة مائة [ققير) ، وإلى أمير الخمسين خمسين ، حتى كان لأمير العشرة عشرة ، فكان من الأمراء من يطعم سهه من الفقراء لحم البقر مثرودا فى مرقة الخبز ، يمده لهم سماطا يأكلون جميعا . ومنهم من يعطى فقراءه رغيفا ، وبعضهم كان يفرق الكعك ، ويعضهم يعطى رقاقا ، فخفف ما بالناس من الفقر . عظم الوباء في الأرياف والقرى، وفشت الأمراض بالقاهرة ومصر، وعظم الموتان.
وطلبت الأدوية للمرضى ، فباع عطار برأس حارة الديلم من القاهرة فى شهر واحد مبلغ أنين وثلاثين ألف درهم . وبيع من دكان يعرف بالشريف عطوف من سوق السيوفيين بقل لك، وكذلك حانوت بالوزيرية ، [وأخر خارج باب زويلة ، بيع في كل واحد منها بنحو من مثل ذلك] .
وطلب الأطباء ، وبذلت لهم الأموال ، وكثر تحصيلهم ، فكان كسب الواحد منهم فى اليوم مائة درهم . ثم أعيا الناس كثرة الموت ، فبلغت عدة من يرد اسمه في الديوان السلطاتى فى اليوم ما ينيف عن ثلاثة آلاف نفس .
وأما الطرحاء فلم يحصر عددهم بحيث ضاقت الأرض بهم ، وحفرت لهم الآبار والحفائر والقوا فيها ، وجافت الطرق والنواحى والأسواق من الموتى ، وكثر أكل لحوم بنى أدم خصوصا الأطفال ، فكان يوجد الميت وعند رأسه لحم الآدمى ، ويمسك بعضهم فيوجد معه كتف صضير أو قخذه أو شيء من لحمه .
وخلت الضياع من أهلها ، حتى أن القرية التى كان بها مائة نفس لم يتأخر بها إلا تحو العشرين ، وكان أكثرهم يوجد ميتا فى مزارع الفول لا يزال يأكل منه إذا وجده حتى يموت، ولا يستطيع الحراس ردهم لكثرتهم .
পৃষ্ঠা ১০৯