============================================================
واستمر أكل لحوم الأطفال ، وعدم الدجاج جملة . وكانت الأفران إنما يوقد فيها بأخشاب البيوت ، وكانت جماعة من أهل الستر يخرجون فى الليل ويتحطبون من المساكن الخالية فإذا أصبحوا باعوها ، وكانت الأزقة كلها بالقاهرة ومصر لا يرى فيها من الدور المسكونة إلا القليل . وكان الرجل بالريف ، فى أسفل مصر وأعلاها يموت وبيده المحراث ، فيخرج أخر للحرث فيصييه ما أصاب الأول . واستمر الثيل ثلاث ستين متوالية لم يطلع منه الا القليل ، فبلغ الأردب من القمح ثمانية دتانير ، وأطلق العادل للفقراء شيئا من الغلال وقسم الفقراء على أربابالأموال ، وأخذ منهم اثنى عشر ألف نفس ، وجعلهم فى متاخ القصر ، وأفاض عليهم القوت ، وكذلك فعل جميع الأمراء وأرباب السعة والثراء . وكان الواحد من أهل الفاقة إذا امتلأ بطنه بالطعام بعد طول الطوى سقط ميتا ، فيدفن منهم كل يوم العدة الواقرة ، حتى أن العادل قام فى مدة يسيرة بمواراة نحو مائتى ألف وعشرين ألف يت، فإن الناس كانوا يتساقطون في الطرقات من الجوع ، ولا يمضى يوم حتى يؤكل عدة من بني آدم .
وتعطلت الصنائع ، وتلاشت الأحوال ، وفنيته الأقوات والنفوس حتى قيل :سنة سبع افترست أسباب الحياة . فلما أغاث الله الخلق بالنيل ، لم يوجد أحد يحرث أو يزرع فخرج الأجناد بفلمانهم وتولوا ذلك بأنفسهم ، ولم تزرع أثر البلاد لعدم الفلاح . وعدمت الحيوانات جملة ، فييع فروج بدينارين وتصف ، ومع ذلاك كانت المخازن ملومة غلال والخبز متيسر الوجود يياع كل رطل بدرهم ونصف . وزعم كثير من أرباب الأموال أن هذا الغلاء كستى يوسف عليه السلام ، وطع أن يشترى بما عنده من الأقوات أموال أهل مصر ونفوسهم ، قأمس الغلال وامتتع من بيعها ، فلما وقع الرخاء ساست كلها ، ولم يتتفع بها
পৃষ্ঠা ১০৫