وبعد هذه المصنفات جرد العلماء المسند من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصنفوا المسانيد كمسند أبي محمد عبيد الله بن موسى العبسي، وأبي داود سليمان بن داود الطيالسي وهما أول من صنف المسند على تراجم الرجال في الإسلام.
ومسند موسى بن طارق أبي قرة الزبيدي، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، ومسدد بن مسرهد، وأحمد بن منيع، وأبي خيثمة زهير بن حرب، وعبد الله بن عمر القواريري، وأبي عبد الله الشافعي وغيرهم.
وبعد هذا صنف الناس أنواعا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فصنف الحديث الصحيح مجردا من غيره البخاري ومسلم، والبخاري أول من صنف ذلك ولم نعلم أن أحدا تقدم البخاري في جمع الصحيح، فإنه أول من اعتنى بجمعه وتبعه بعد ذلك مسلم ولم يلتزما بإخراج جميع ما صح من الأحاديث لأن في السنن وغيرها أحاديث صحيحة ليست في كتابيهما، وما قاله الحافظ أبو عبد الله محمد بن يعقوب ابن الأخرم:
((قل ما يفوت البخاري ومسلما -يعني: -في صحيحيهما- من الأحاديث الصحيحة)).
فقد ناقشه الإمام أبو عمرو ابن الصلاح في ذلك فإن الحاكم قد استدرك عليهما أحاديث كثيرة وإن كان في بعضها مقال إلا أنه يصفو له شيء كثير.
وذكر الإمام أبو بكر البيهقي أنهما اتفقا على أحاديث من صحيفة همام بن منبه وأن كل واحد منهما انفرد عن الآخر بأحاديث منها، والإسناد واحد وهذا يشعر أنهما لم يلتزما استيعاب الأحاديث الصحيحة، بل صرحا بأنهما لم يستوعباها فقد ثبت فيما رواه أبو أحمد ابن عدي الحافظ فقال: وسمعت الحسن بن الحسين البزاز يقول: سمعت إبراهيم بن معقل، سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول:
পৃষ্ঠা ৩৩৪