قردة خاسئين)، جعله خبرًا بعد خبر، لفضيلة السلامة، وهو كقوله: "حلو حامض"، ولو جعلته صفة "لقردة" لصغر معناه، ألا ترى أن القردة لذلتها وصغارها خاسئة أبدًا، فتكون إذن صفة غير مقيدة، وإذا جعلت "خاسئين" خبرًا ثانيًا حسن وأفاد، حتى كأنه قال: "كونوا قردة، كونوا خاسئين" ألا ترى أنه ليس لأحد الاسمين من الاختصاص بالخبرية إلا ما لصاحبه، وليس كذلك الصفة بعد الموصوف، إنما اختصاص العامل بالموصوف، ثم الصفة تابعة له.
ولست أعني بقولي: "كونوا قردة خاسئين" أن العامل في "خاسئين" عامل ثان غير الأول، إنما هذا شيء يقدر مع البدل، فأما في الخبرين فالعامل فيهما واحد، ولو كان هناك عامل آخر، لما كانا خبرين لمخبر عنه واحد، وإنما معاد الخبر على المخبر منهما، ولهذا كان عند أبي علي أن العائد على المبتدأ من مجموعها لا من أحدهما، لأن الخبر لا يكون بأحدهما، إنما يكون بمجموعهما وهذا شيء عرض فقلنا فيه. وأول القصيدة:
أهاجكَ منْ أسماءَ رسمُ المنازلِ ... فروضةُ نعميٍّ فذاتُ الأجاولِ
وبعد البيت:
1 / 89