الكلام. ألا تراهم بنوا كلامهم على متحرك ساك، ومتحركين وساكن، ولم يجمعوا بين ساكنين في حشر الكلمة ولا في حشو بيت، ولا بين أربعة أحرف متحركة، لأنهم في اجتماع الساكنين يبطئون، وفي كثرة الحروف المتحركة يستعجلون وتذهب المهلة في كلامهم، فجعلوا الحركة عقب الإسكان.
قيل له: فهلا لزموا حركة واحد لأنها مجزئة لهم إذ كان الغرض إنما هو حركة تعتقب سكونا؟ فقال: لو فعلوا ذلك لضيقوا على أنفسهم فأرادوا الاتساع في الحركات وألا يحظروا على المتكلم الكلام إلا بحركة واحدة.
هذا مذهب قطرب واحتجاجه. وقال المخالفوم له ردا عليه: لو كان كما زعم لجاز خفض الفاعل مرة، ورفعه أخرى ونصبه، وجاز نصب المضاف إليه، لأن القصد في هذا إنما هو الحركة تعاقب سكونا يعتدل به الكلام. وأي حركة أنى بها المتكلم أجزأته فهو مخير في ذلك. وفي هذا فساد للكلام، وخروج عن أوضاع العرب وحكمة نظام كلامهم. واحتجوا لما ذكره قطرب من اتفاق الإعراب واختلاف المعاني، واختلاف الإعراب واتفاق المعاني في الأسماء التي تقدم ذكرها بأن قالوا إنما كان أصل دخول الإعراب في الأسماء التي تذكر بعد الأفعال، لأنه يذكر بعدها اسمان أحدهما فاعل والآخر مفعول، فمعناهما مختلف فوجب الفرق بينهما، ثم جعل سائر الكلام على ذلك. وأما الحروف التي ذكرها فمحمولة على الأفعال، ولكل شيء مما ذكره علة تمر بك في بابه إن شاء الله تعالى.
1 / 71