فأما حد أبي العباس المبرد للاسم فهو الذي ذكره في أول المقتضب، حين قال الاسم ما كان واقعًا على معنى، نحو رجل وفرس وزيد وعمرو وما أشبه ذلك، ويعتبر الاسم بواحده كل ما دخل عليه حرفٌ من حروف الخفض فهو اسم، فإن امتنع من ذلك فليس باسم. وليس غرض أبي العباس ها هنا تحديد الاسم على الحقيقة، وإنما قصد التقريب على المبتدئ، فذكر أكثر ما يعم الأسماء المتمكنة. وقوله ما دل على معنى هو الذي أخذه ابن السراج وقسمه قسمين حين قال: وذلك المعنى يكون شخصًا وغير شخص. وقد ذكرنا ما يلزمه.
وقد أخذ على المبرد أيضًا في هذا الحد قوله: ما دخل عليه حرف خفض فهو اسم، وما امتنع منه فليس باسم. وقيل: إن من الأسماء ما لا تدخل عليه حروف الخفض، نحو: كيف، وصه، ومه، وما أشبه ذلك. وللمناضل عن أبي العباس في هذا جوابان: أحدهما ما قدمنا ذكره، وهو أنه قصد الإبانة عن الأسماء المتمكنة الجارية بالإعراب، أو المستحقة له، وهي لا تنفك مما ذكرته، ولم يرد الإحاطة بالأسماء كلها.
والجواب الآخر هو ما احتججت به أنا عنه، واستخرجته له، ولم أر أحدًا من أصحابنا ذكره. أقول: إن حد أبي العباس هذا في قوله تعتبر الأسماء بدخول حروف الخفض عليها، غير فاسد، لأن الشيء قد يكون له أصل مجتمع عليه، ثم يخرج منه بعضه لعلة تدخل عليه، فلا يكون ذلك ناقضًا للباب، بل يخرج منه ما خرج بعلته، ويبقى الثاني على حاله. ألا ترى أن إجماع النحويين كلهم على أن أصل الإعراب للأسماء، وأصل البناء للحروف والأفعال، غير طائفة زعموا
1 / 51