124

ইব্রাহিম আবু আনবিয়া

إبراهيم أبو الأنبياء

জনগুলি

Hales

أن هذه المقارنات تجعل تاريخ أيوب قريبا من سنة 2300 قبل الميلاد.

ومما يقرب هذا التقدير ويدل على اتصال أيوب بالبلاد المصرية: أنه ذكر الأهرام والمدافن التي يبنيها الملوك لأنفسهم، ولكنه إذا لم يبلغ هذا الحد من القدم فلا شك عند جمهرة الشراح في سبقه لعهد الخروج من مصر، وحجتهم على ذلك أنه لم يشر بكلمة واحدة إلى الخروج، ولا إلى خراب المدن التي دمرتها الزلازل بجواره، ولم يرد ذكر «يهواه» في صلب كتابه، وإنما ورد في المقدمة والذيل، وهما مضافان بعد عصره كما هو راجح عند الشراح.

ولم تكن حجته قط في الخلاص وطلب الرحمة أنه يعتمد على موعد الله للآباء والأسلاف، وقد جاء في مزامير داود وأمثال سليمان كلام يشبه كلامه كأنه مقتبس منه، فهو من أقدم الأنبياء في الجزيرة العربية، وكلهم متفقون على أنه من أبنائها وإن اختلفوا في مكانه بين شمال نجد وشرق العقبة.

ومن جامعي التوراة من يضع سفره بين كتب موسى وكتاب يوشع وسائر الأنبياء من بني إسرائيل، وهكذا وضعه جامع النسخة السريانية من كتاب العهد القديم. •••

وقد كان أيوب يعرف الكتابة، ولكنه أشار إلى أقدم أدوات الكتابة كما هي معهودة بمصر: نقش بالحديد على الحجر، وليست طبعا على الطين المحروق، أو خطوطا على الأوراق والجلود، ما عدا طين الخاتم الذي كان يطبع في البلاد الشرقية جميعا على نحو واحد.

أما عقيدة أيوب كما تفهم من سفره المجموع في العهد القديم فغاية في السمو والكرم والتنزيه.

إنه ينكر عبادة الشمس والقمر، ويصف الله القدير بأنه أعلى من السماوات، وأعمق من الهاوية، وأعرض من البحر، وسوى بين الحر والعبد قائلا: «أوليس صانعي في البطن صانعه وقد صورنا واحد في الرحم؟» ويحمد من الغني أن يكون أبا للفقراء، وأن تكتئب نفسه على المساكين، وأن يبكي لمن عسر يومه، ويستعيذ بالله أن ينظر إنسان إلى امرأة غير امرأته، وأن يطمع في مال غير ماله.

وأجل من ذلك شأنا في تاريخ العقيدة الدينية، أنه كان أول من نص على البعث في كتب العهد القديم، وكانت تربيته الإلهية التي انتهى منها إلى هذه العقيدة تربية طويلة صبر فيها على نكبات المرض والبوار وخيانة الأقربين والأبناء، وتدرج من القول بالزوال والعدم إلى القول برؤية الله بعد فناء الجسد، فكان في أول السفر يقول: «الذي ينزل إلى الهاوية لا يصعد.» ويقول: «الإنسان يضطجع ولا يقوم.» و«إذا مضت سنوات قليلة أسلك في طريق لا أعود منها.» ويتساءل: «إن مات رجل أفيحيا؟» ثم انتهى من هذه التجارب إلى الأمل في خلود النفس ولقاء الله «فبعد أن يفنى جلدي هذا، وبدون جسدي، أرى الله.» •••

وعلى الجملة يبدو سفر أيوب غريبا في وضعه وموضوعه بين أسفار العهد القديم، ولم يكن من عادة بني إسرائيل أن يجمعوا في التوراة كتبا لغير أنبيائهم المتحدثين عن ميثاقهم وميعادهم، ولكنهم جمعوا هذا السفر مع الأسفار المشهورة لأنهم وجدوه في بقاع فلسطين الجنوبية محفوظا يتذاكره الرواة، وحسبه بعضهم من كلام موسى، وبعضهم من كلام سليمان، ولا عجب أن يشيع هذا الكتاب العجيب حيث تسامع به الناس؛ فإنه عزاء صالح للمتعزين، وعبرة صالحة للمعتبرين، ولا تزال قصة أيوب منظومة شائعة يتغنى بها شعراء اللغة العربية الدارجة في مصر والشام، ولا نعرف كتابا من كتب التوراة ظفر في رأي النقاد الغربيين بالإعجاب الأدبي الذي ظفر به سفر أيوب، فقال توماس كارلايل عنه: «إنه واحد من أجل الأشياء التي وعتها الكتابة، وإنه أقدم المأثورات عن تلك القضية التي لا تنتهي، قضية الإنسان والقدر والأساليب الإلهية معه على هذه الأرض، ولا أحسب أن شيئا كتب مما يضارعه في قيمته الأدبية.»

অজানা পৃষ্ঠা