23 «الشيء قد يكون معلولا بحسب اعتبار ماهيته وحقيقته، وقد يكون معلولا في وجوده، وإليك أن تعتبر ذلك بالمثلث مثلا، فإن حقيقته متعلقة بالسطح والخط الذي هو ضلعه، ويقومانه من حيث هو مثلث، وله حقيقة المثلثية كأنهما علتاه المادية والصورية. وأما من حيث وجوده فقد يتعلق بعلة أخرى أيضا غير هذه ليست هي علة تقوم مثلثيه، وتكون جزءا من حدها، وتلك هي العلة الفاعلية أو الغائية، التي هي علة فاعلية لعلية العلة الفاعلية.»
وأثبت المؤلف في مكان آخر أن الماهية نفسها لا يمكن أن تكون علة الوجود، فقد قال:
24 «قد يجوز أن تكون ماهية الشيء سببا لصفة من صفاته، وأن تكون صفة له سببا لصفة أخرى، مثل الفصل للخاصة، ولكن لا يجوز أن تكون الصفة التي هي الوجود للشيء إنما هي بسبب ماهيته التي ليست من الوجود، أو بسبب صفة أخرى؛ لأن السبب متقدم في الوجود، ولا متقدم بالوجود قبل الوجود.»
وكما أنه لا بد من علتين مختلفتين للماهية وللوجود لا بد من علتين للكلي والجزئي، ولكل نوع علته، ولكل واحد من النوع علته، ولا بد من أن تكون تحت العلل العامة التي تعين النوع علل خاصة تعين الفرد، قال ابن سينا: «اعلم أن الأشياء التي لها حد نوعي واحد فإنما تختلف بعلل أخرى، وأنه إذا لم تكن مع الواحد منها القوة القابلة لتأثير العلل - وهي المادة - لم يتعين إلا أن يكون من حق نوعها أن يوجد شخصا واحدا. وأما إذا كان يمكن في طبيعة نوعها أن تحمل على كثيرين، فتعين كل واحد بعلة.»
وواجب الوجود واحد بحسب تعين ذاته، وواجب الوجود لا يشترك في ماهية أي شيء آخر، وليس لذاته حد، وليس لها جنس ولا فصل، قال ابن سينا:
25 «ربما ظن أن معنى الوجود لا في موضوع يعم الأول وغيره عموم الجنس، فيقال تحت جنس الجوهر، وهذا خطأ»؛ وذلك أن مفهوم الجنس لا يناسب واجب الوجود، فليس لواجب الوجود ماهية يلزمها هذا المفهوم، «بل الوجود الواجب له كالماهية لغيره».
والآن - وقد بينا كيف تلتحم نظريات الوجود والعلة والكليات - لا نقف عندها أكثر مما صنعنا، وإنما نتم تركيب جميع هذه المذاهب الكبيرة وما بعد الطبيعة بعرضنا نظرية العلة الأولى المشهورة وفق ابن سينا. •••
قال المؤلف،
26
الذي أخذ يتعمق في موضوع الوجوب نفسه: «إن الواجب الوجود هو الموجود، الذي متى فرض غير موجود عرض منه محال، وإن الممكن الوجود هو الذي متى فرض غير موجود أو موجودا لم يعرض منه محال.»
অজানা পৃষ্ঠা