ثم يبحثون في القدرة الإلهية ومعنى اتصاف الله بالقادر على كل شيء ... فهل القدرة على كل شيء معناها القدرة على المستحيل؟ إذن يكون المستحيل والممكن شيئا واحدا في العقل وهما مختلفان ... أم تكون القدرة غير متعلقة بالمستحيل؟ إذن يسأل السائل: من أين جاءت الاستحالة؟ أمن مشيئة الله أم من طبيعة الشيء؟ فإن كانت من مشيئة الله فالذي يثبت الاستحالة يمحوها إذا شاء، وإن كانت من سبب آخر فكيف يتصور العقل شيئا غير إرادة الله يمنع ويجيز في المعقولات والموجودات؟
تلك خلاصة وجيزة لمسألة العالم وحدوثه بإرادة الله واتصافه سبحانه وتعالى بالصفات التي تتجلى في الخلق والمخلوقات.
أما «النفس» فهم يسألون عنها أهي جوهر مجرد أم جسد من الأجساد؟
فإذا كانت جوهرا مجردا فكيف تدبر الجسد وأين تحل فيه بالعرض الذي هي منزهة عنه؟ وإن كانت جسدا فما الفرق بينها وبين الجسد الذي تحل فيه؟ وهل تفنى كما تفنى الأجساد وتتعرض للتحلل والفساد كما تتعرض أجساد الأحياء وأجرام الجماد؟
ويعودون إلى السؤال عن الجوهر المجرد: متى يدخل جسم الجنين؟ وإلى أين مصيره بعد مفارقة جثمانه؟ وهل نفس الولد قطعة من نفس الوالد أو كلتاهما مستقلة وجدت منذ القدم بلا تقديم ولا تأخير؟
أما مسألة الشر ووجوده في العالم فهم يسألون: كيف يوجد في العالم ما يسمى شرا على اختلاف معانيه؟
إذا قيل إن وجود العالم من وجود الله فوجود الله منزه عما يأباه، وإذا قيل إن وجود العالم من العدم فالعدم فيه الخير والشر على السواء ولا يكون إذا كان إلا بإرادة المريد؟
فهل الشر موجود أو غير موجود؟
وأناس آخرون يعرضون المسألة على وجه آخر فيسألون: هل الشر صحيح أو غير صحيح؟ وهل هو يوافق الخير أو هما نقيضان لا يتفقان؟ وهل الأخيار كالأشرار إذا قلنا إن سر الخير وسر الشر لا يتناقضان؟
أما مسألة الحرية الإنسانية فليست هي من محض المسائل الفلسفية التي تعضل على المفكرين الذين يقصرون البحث على موضوعها ولا يتجاوزونه إلى ما وراءه، ولكنها من مسائل الفلسفة الدينية الكبرى؛ لأنها تربط بينها وبين حساب الإنسان على أعماله وما يستحقه في الحياة الأخرى أو في الحياة الدنيا من الثواب والعقاب.
অজানা পৃষ্ঠা