محيي الدين اعترف له رجال التصوف وأئمته منذ القرن السابع الهجري إلى يومنا بأنه الشيخ الأكبر، الذي لا يرقى إلى معارج قلمه قلم.
فهو كاتب المتصوفة وإمامهم، يقول عنه الشيرازي: «كان شيخ الطريقة حالا وعلما، وإمام الحقيقة حقيقة ورسما، ومحيي رسوم المعارف معنى واسما، إذا تغلغل فكر المرء في طرف من بحره، غرقت فيه خواطره، عباب لا تدركه الدلاء، وسحاب تتقاصر عنه الأنوار، كانت دعوته تخترق السبع الطباق، وتفترق بركاته فتملأ الآفاق.
وأما كتبه ومصنفاته فالبحور الزواخر، التي لكثرتها وجواهرها لا يعرف لها أول ولا آخر، ما وضع الواضعون مثلها، وإنما خص الله بمعرفة قدرها أهلها، ولا غرو فهو صاحب الولاية العظمى، والصديقية الكبرى، وإني أصفه، وهو يقينا فوق ما وصفته.»
وأبلغ كلام الشيرازي قوله: «وإني أصفه وهو يقينا فوق ما وصفته.» أجل؛ فجماع ما يقال في محيي الدين: إنه لا يوصف إلا بالعجز عن وصفه، فهو دائما أبدا فوق وصفه ونعته.
وبعد، فلعلنا قد وفقنا إلى أن نضع في يدك المنظار المكبر، الذي وعدناك به في مقدمة هذا الكتاب، المنظار الذي يجلو ويوضح ما يمكن أن يرى من قمة الشيخ الأكبر.
الشيخ الأكبر الذي سيشغل العالم الإسلامي، بل عالم الفكر العالمي، ما دام في الدنيا رواد للفكر والبحث، وما دام في العقول استشراف إلى رؤية القمم العالية، وتطلع إلى الوقوف على ما صنع الإيمان والإلهام من أعاجيب في دراسة أسرار الوجود.
وسواء لدينا أن يقول رجال الفكر: أخطأ الشيخ الأكبر أو أصاب، فلن يستطيع رجل من رجال الفكر، أن ينكر على شيخنا الأكبر أنه قضى العمر كله في المناجاة والطاعة، والتطهر والعبادة، وجعل من الكون مسجدا؛ فلا محل لعمل لا يليق بقداسة المسجد، واتخذ من الوجود محرابا، يرشد إلى الله، ومعراجا يهدي إلى آياته، وجعل الحب شرعة الحياة، وسبيلا إلى الله، وطريقا سلطانيا ربانيا للدنيا والآخرة.
ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين .
بعض مصادر الكتاب
الفتوحات المكية لابن عربي.
অজানা পৃষ্ঠা