ألا ترى أن أحدا لم يبع قط سلعة بدرهم إلا وهو يرى أن ذلك الدرهم خير له من سلعته. ولم يشتر أحد قط سلعة بدرهم إلا وهو يرى أن تلك خير له من درهمه. ولو كان صاحب السلعة يرى في سلعته ما يرى فيها صاحب الدرهم، وكان صاحب الدرهم يرى في الدرهم ما يرى فيه صاحب السلعة ما اتفق بينهم شراء أبدا. وفي هذا جميع المفسدة، وغاية الهلكة.
فسبحان الذي حبب إلينا ما في أيدي غيرنا، وحبب إلى غيرنا ما في أيدينا، ليقع التبايع. وإذا وقع التبايع وقع الترابح، وإذا وقع الترابح وقع التعايش.
ويدلك أيضا على اختلاف طبائعهم وأسبابهم: أنك تجد الجماعة وبين أيديهم الفاكهة والرطب، فلا تجد يدين تلتقيان على رطبة بعينها، وكل واحد من الجميع يرى ما حواه الطبق، غير أن شهوته وقعت على واحدة غير التي آثرها صاحبه. ولربما سبق الرجل إلى الواحدة، وقد كان صاحبه يريدها في نفسه، غير أن ذلك لا يكون إلا في الفرط، ولو كانت شهواتهم ودواعيهم تتفق على واحدة بعينها لكان في ذلك التمانع والتجاذب، والمبادرة وسوء المخالطة والمؤاكلة. وكذلك هو في شهوة النساء والإماء، والمراكب والكسى. وهذا كثير، والعلم به قليل. وبأقل مما قلنا يعرف العاقل صواب مذهبنا. والله تعالى نسأل التوفيق.
পৃষ্ঠা ২৪৯