وهذا لا يجوز ولا يمكن في أهل الأمصار، ولا في العدد الكثير من أهل القرى، لأن الناس من بين صانع لا يأخذ أجرته ولا راحة له دون الجمعة، وبين تجار قد اعتادوا الدعة في الجمع، والجلوس عن الأسواق. ومن معلم كتاب لا يصرف غلمانه إلا في الجمع. وبين معني بالجمع يتلاقى هناك مع المعارف والإخوان والجلساء. وبين معني بالجمع حرصا على الصلاة، ورغبة في الثواب. ومن رجل عليه موعد ينتظره. ومن صيرفي يصرف ذلك اليوم سفاتجه وكتب أصحابه. ومن جندي فهو يعرف بذلك نوبته. وبعض كالسؤال والمساكين والقصاص، الذين يمدون أعناقهم للجمعة انتظارا للصدقة والفائدة، في أمور كثيرة، وأسباب مشهورة.
ولو جاز ذلك في أهل البحرين والمنصورة لجاز ذلك على أهل البصرة والكوفة، ولو جاز ذلك في الأيام لكان في الشهور أجوز، ولو جاز ذلك في الشهور لكان في السنين أجوز. وفي ذلك فساد الحج، والصوم، والصلاة، والزكاة، والأعياد.
ولو كان ذلك جائزا لجاز أن يتفق الشعراء على قصيدة واحدة، والخطباء على خطبة واحدة، والكتاب على رسالة واحدة، بل جميع الناس على لفظة واحدة.
وإنما نزلت لك حالات الناس، وخبرتك عن طبائعهم، وفسرت لك عللهم لتعلم أن العدد الكثير لا يتفقون على تخرص الخبر الواحد في المعنى الواحد في الزمن الواحد، على غير التشاعر، فيكون باطلا. وسأوجدك موضع اختلافهم واتفاقهم، وأنه لم يخالف بينهم في بعض الوجوه إلا إرهاصا لمصلحتهم، ولتصح أخبارهم.
পৃষ্ঠা ২৪৮