وقال معاوية في قوم من اليمن رجعوا إلى بلادهم بعد أن أنزلهم من الشام منزلا خصبا، وفرض لهم في شرف العطاء: " يصلون أوطانهم بقطيعة أنفسهم ".
وقال الله جل وعز: " ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ". فقرن الضن بالأوطان إلى الضن بمهج النفوس.
وليس على ظهرها إنسان إلا وهو معجب بعقله، لا يسره أن له بجميع ما له ما لغيره، ولولا ذلك لماتوا كمدا، ولذابوا حسدا، ولكن كل إنسان وإن كان يرى أنه حاسد في شيء فهو يرى أنه محسود في شيء.
ولولا اختلاف الأسباب لتنازعوا بلدة واحدة، واسما واحدا، وكنية واحدة. فقد صاروا كما ترى مع اختيار الأشياء المختلفة إلى الأسماء القبيحة، والألقاب السمجة. والأسماء مبذولة، والصناعات مباحة، والمتاجر مطلقة، ووجوه الطرق مخلاة، ولكنها مطلقة في الظاهر، مقسمة في الباطن، وإن كانوا لا يشعرون بالذي دبر الحكيم من ذلك، ولا بالمصلحة فيه.
পৃষ্ঠা ২৪৪