فقاطعته بحدة: ما هذا الكلام الفارغ الذي لا يتوقع من كهل فاسق مجرب مثلك! - معذرة، ولكنها كانت بين يديك؟ - زارتني مرة في المحل للشكر، ثم اختفت. - لعلها اختفت متعمدة. - كيف أتصل بها؟ - أعدك بأن أبلغها رغبتك في زيارتها إذا زارتني يوما.
فقالت بغضب: لا جدوى منك، أناني تأخذ، ولا تريد أن تعطي، وتنسى أيادي البيضاء عليك! - سعيت يوما إلى تزويجك من رجل ممتاز. - أنت تعلم أنني لا أحب الرجال؛ فلا تمن علي!
فتفكر قليلا، ثم قال: أعرف مثلا أنها موظفة بالشئون الاجتماعية، ولكنني لا أدري في أي فرع هي، ولا ما هو عنوانها، وتتناهى إلى بعض أخبارها أحيانا عن طريق والدها نادل مقهى الانشراح بشارع الشيخ قمر.
فقالت باهتمام: سأنتظر مكالمة تليفونية منك.
وتبادلا نظرة طويلة، ثم قال لها باسما: اشربي كأسك يا عزيزتي!
35
الحياة تظلها سحب دكناء من القلق والمخاوف الصامتة. بذلك شعر مرزوق أنور. وفتنة تشاركه مشاعره، وإن تظاهرت بغير ذلك. والاستمتاع بمظاهر الحياة البراقة المحفوف بالضحكات الرنانة، وقرع الأنخاب لا يغير من الحقيقة شيئا. وكلما زادت المجاملات الناعمة زاد الحذر والتوجس، وتلوت في مكامنها كالديدان. وقال لها مرزوق يوما: ها هو موسم التعاقدات انتهى، ولم نظفر بعقد واحد!
فقالت باستهانة: ليكن عام إجازة.
وكان يقرأ قلبها، ويسمع ما يقال في الوسط، فقال: لا يمكن أن تسير الأمور هكذا.
فقالت بإصرار: فلتسر كما تشاء.
অজানা পৃষ্ঠা