( سورة الرعد الآية 11 ) نعم إن الإيمان بالقضاء والقدر حقا يجعل الإنسان صابرا على الصائب والمحن والنكبات ولكنه لا يجعله خاضعا لظلم البعد وعسفه وجبروته بل كلفه سبحانه أن لا يخضع لغيره ولا يدين لقوة سواه ولو نظر أولئك الكتاب بعيون مجردة إلى مزية هذه العقيدة في الإسلام لأدركوا حقا مبلغ أثرها في تربية الأمم والشعوب على الصبر والجلد والشجاعة والإقدام ومكافحة
الخطوب ولكنهم يجهلون أو يتجاهلون هذه الحقيقة إذ ليست من مصلحتهم أن تتربى أمة ضعيفة على هاتيك الأخلاق القويمة المتينة .
بل لو انهم أمعنوا نظرهم قليلا وانصفوا لوجدوا أن عدم الاعتراف بعقيدة القضاء والقدر هو السبب الوحيد في تكاثر حوادث الانتحار الفظيعة وانتشارها بكيفية مدهشة في عالمي القديم والجديد فان المنتحر لشدة جزعه وتذمره مما يصيبه في نفسه أو ماله أو عائلته وعدم إيمانه بان المقدر كائن لا محالة يعمد إلى الانتحار وإزهاق روحه ظنا منه لجهله انه يتخلص بذلك من عذابه الأليم ويا ليته علم انه اسلم نفسه إلى ما هو اشد وأخزى . ولو كان اؤلئك حقيقة حكماء لسعوا في بث تلك العقيدة بالمعنى الذي يقصده الإسلام بين أممهم وشعوبهم ولو انهم فعلوا ذلك لأراحوا تلك الأمم من خزي الانتحار ولأنقذوا تلك البشرية المسكينة من العذاب ولوفروا لدولهم جانبا كبيرا من الراحة والاطمئنان وكفوها شيئا كثيرا من المتاعب والعناء ولكن أنى لهم هذا وفي عيونهم نظرات سوداء نحو الإسلام وتعاليمه السامية ويرون في اتباعها اعترافا له منهم بسموه وبعد مراميه ودون ذلك خرط قتاد يرون حريق داء الانتحار مندلع الألسن يلتهب زهرة الشباب في كثير من البلاد ويسري إلى أطرافها الشاسعة ويسلكون في إطفائه مسالك ولكنهم لا يهتدون إلى ذلك الدواء البسيط الذي يطفئه من اصله إلا وهو بالإيمان بالقضاء والقدر .
পৃষ্ঠা ২৬