وقد روعي في تقسيم هذه المراحل وتضخم جموعها وسن نظامها سنة التدريخ. وما يعرض للقوافل عادة في مراحلها من اللصوص وقطاع الطرق من جرائم السلب والنهب وزهق الأرواح وقطع الطرقات وخصوصا في ظلام الليل بعد عيائها وفتورها من مرحلتها بالأمس وقبل قيامها ناشطة لمرحلة اليوم يعرض كذلك لقوافل البشر في مراحلها من لصوص العقل وأعداء الإصلاح البشري ولاسيما في ابان الفترة التي بين مرحلة وأخرى وأول هدف لأولئك اللصوص وقطاع الطرق في عيشهم وفسادهم هم قواد تلك القوافل وأعوانهم لأنهم باسقاطهم وانتزاع راية القيادة من ايديهم يخلو لهم - وهم ذئاب البشرية - الجو لافتراسها وتمزيق اشلائها ولهذا كان الصراع قائما على الدوام والاستمرار بين هؤلاء الوحوش وأولئك الذادة عن اغنامهم الا ان النصر -وان هبت ريحه نحو الأولين مرة فهو حليف الاخرين لأن النصر بيد الله والله ولي المتقين وبعبارة أخرى ان الحياة البشرية مدرسة كانت ابان تأسيسها ابتدائية ثم أخذت تتوسع وتترقى الى أن أصبحت ثانوية ثم اتسعت دوائر فنونها وتكاثرت طبقاتها ونبغت تلامذتها الى ان صارت مدرسة عليا.
فالأنبياء والرسل مع أممهم من أولهم الى آخرهم بمثابة المعلمين مع تلاميذهم في ادوار التعليم الثلاثة الابتدائي والثانوي والعالي فكما ان لكل دور من الادوار الثلاثة وقتا محدودا ودروسا مخصصةفي كتب معينة على حسب مدارك تلامذته ومبلغ افهامهم وكما ان لكل دور اقسامه ولكل قسم طبقته ومعلمه وكما ان نهاية الدور الأول بداية الثاني ونهاية الثاني بداية الثالث فكذلك الشأن في هداية البشر وارشادهم والسير بهم الى قمة السعادة والكمال.
وليست مدارك البشر في عصر أبينا آدم عليه السلام وما يليه من السمو والاتساع بمثابة مداركهم في عصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا مداركهم في عصره عليه السلام من السذاجة والبساطة بمثابة مداركهم في العصور الأولى.
পৃষ্ঠা ১৩