وعاد بنو إسرائيل يعملون الشر في عيني الرب، وعبدوا البعليم والعشتاروت - جمع عشترت - وآلهة آرام، وآلهة صيدون، وآلهة موآب، وآلهة بني عمون، وآلهة الفلسطينيين، وتركوا الرب؛ فحمي غضب الرب على إسرائيل، وباعهم بيد الفلسطينيين وبيد بني عمون، وانتقل الحكم إلى سبط يهوذا، فحكمهم رجل يقال له «أبصنؤ» سبع سنوات، وخلفه «ألون» من سبط زبولون لمدة عشر سنوات، وخلفه «عبدون بن هلال» 1130ق.م، من سبط إفرايم بن يوسف، ثماني سنين، ومن جديد تفتت شملهم، فتملكهم الفلسطينيون لمدة أربعين عاما، إلى أن خلصهم «شمشون بن مانوح» من سبط دان. وكان لشمشون قوة عظيمة، ويعرف بشمشون الجبار، فصد الفلسطينيين ودبر بني إسرائيل عشرين سنة، ثم غلبه أهل فلسطين وأسروه ودخلوا به إلى كنيستهم، وكانت مركبة على أعمدة، فأمسك العواميد وحركها بقوة حتى وقعت الكنيسة ، فقتلته وقتلت من كان فيها من أهل فلسطين، وكان منهم جماعة من كبارهم. بعدها ظلوا عشر سنوات بلا مدبر، إلى أن آل الحكم مرة ثانية إلى سبط لاوي، فملكهم علي أو «عالي بن هارون بن عمران»، ويقال إنه كان حاكما صالحا، دبر أمرهم لمدة أربعين سنة، وخلفه صموئيل النبي لمدة 11 عاما، وبهذا انتهى حكم القضاة أو دولة القضاة التي حكمت إسرائيل لمدة 493 سنة، منذ وفاة موسى الذي اتخذ بداية للتاريخ اليهودي.
18
وتجيء بعد ذلك دولة ملوكهم، فملكهم «شاول» وهو طالوت بن قيس من سبط بنيامين - ولم يكن طالوت من أعيانهم، وقيل إنه كان راعيا، وقيل سقاء، وقيل دباغا - فملك طالوت سنتين، قاتل خلالها جالوت أحد جبابرة الكنعانيين، وكان متملكا على بعض جهات فلسطين، «وكان من الشدة وطول القامة بمكان عظيم، فلما برز للقتال لم يقدر على مبارزته أحد». وتجيء بعد ذلك فكرة أو تضمينة الإله أو البطل المحجب، ذلك الذي لا يمكن اختراق جسده وقتله إلا بمواصفات معينة، كأن يضرب مرة واحدة لا غير - «ضربة الرجال ما تتناش» - مثلما يحدث بكثرة شديدة في خرافات الجان والخوارق، أو كأن يكمن مقتله في موضع معين من جسده مثل كعب أخيل، أو كأن يعلو رأسه موسى وقص الخصلات السبع من شعر شمشون، أو أن يصاب البطل بين عينيه، أو يضرب بالعصا «التي في آخرها رأس الثور» كما في الأساطير الفارسية، كما قد يكمن قتل البطل في تابو معين.
وأشار فريزر إلى وجود هذه الجزئية في ملحمة الملوك للشاعر الفارسي الفردوسي، خلال الصراع بين رستم بطل الفرس وخصمه أسفنديار، فكانت سهام أسفنديار لا تؤذي خصمه رستم؛ ذلك لأن زرادشت كان قد حجب جسده ضد كل أخطار أعدائه، إلى أن دل طائر الرب أسفنديار على مقتل عدوه، وذلك بنشر النباتات في عينيه وإصابته.
وفي هذه الملحمة العبرية عن صراع طالوت وجالوت، والتي مهدت لظهور النبي الملك داود إلى الوجود كقاتل قدري محدد، كذلك البطل الأسطوري المحجب جالوت جبار الكنعانيين الفلسطينيين، فيقال إن النبي صموئيل «ذكر علامة الشخص الذي يقتل جالوت، فاختبر طالوت جميع عسكره فلم يكن فيهم تلك العلامة سوى داود».
كما أن «طلسم» أو «تابو» داود تمثل في قتله لعدوه المحجب جالوت عن طريق انتقائه، أو
19 «انتخابه خمسة أحجار ملس من الوادي»، وتقدم داود مواجها عدوه جالوت وبيده عصا لا غير، وكان قد سبق له رفض ارتداء ملابس الملك شاول وعدة حربه، حتى إنه عندما واجه داود عدوه الفارس المحجب جالوت استفزه جدا منظره، فصرخ في وجهه:
20 «ألعلي أنا كلب حتى إنك تأتي إلي بعصا؟!»
وترد جزئية الأحجار الخمسة التي انتقاها داود وقتل بها عدوه في الميثولوجي العربي بكثرة شديدة، مثل: الطبري والمسعودي والزمخشري وغيرهم، فتضيف الميثولوجيا العربية أن الأحجار الخمسة كانت تمثل: «الله وهارون والأنبياء الثلاثة».
21
অজানা পৃষ্ঠা