مقدمة أولى
مقدمة ثانية
مقدمة ثالثة
1 - الحكايات العربية الشفهية ... والليالي1
2 - منابع الحكايات العربية اللاسامية الأولى
3 - حول قصص الخلق والخطيئة الأولى ودانة الأنثى
4 - العلاقات التاريخية والتراثية بين الساميين العرب والفرس الآريين
5 - الآلهة البركة وتوابعها
6 - حكايات الحيوان الطوطمية العربية
7 - الحزور والألغاز في الحكايات العربية
অজানা পৃষ্ঠা
8 - الأبطال اللصوص والشطار النزقين والمكارين
9 - تحولات أبطال الحكايات الخرافية وسخطهم إلى حيوانات
10 - علاقات قرابية وزواج
11 - خوارق الجان وخرافة الإله الحمار سعد الدين
12 - نوح وزوجته والشيطان
13 - موسى
14 - النصوص
مقدمة أولى
مقدمة ثانية
مقدمة ثالثة
অজানা পৃষ্ঠা
1 - الحكايات العربية الشفهية ... والليالي1
2 - منابع الحكايات العربية اللاسامية الأولى
3 - حول قصص الخلق والخطيئة الأولى ودانة الأنثى
4 - العلاقات التاريخية والتراثية بين الساميين العرب والفرس الآريين
5 - الآلهة البركة وتوابعها
6 - حكايات الحيوان الطوطمية العربية
7 - الحزور والألغاز في الحكايات العربية
8 - الأبطال اللصوص والشطار النزقين والمكارين
9 - تحولات أبطال الحكايات الخرافية وسخطهم إلى حيوانات
10 - علاقات قرابية وزواج
অজানা পৃষ্ঠা
11 - خوارق الجان وخرافة الإله الحمار سعد الدين
12 - نوح وزوجته والشيطان
13 - موسى
14 - النصوص
الحكايات الشعبية العربية
الحكايات الشعبية العربية
تأليف
شوقي عبد الحكيم
مقدمة أولى
مدخل لدراسة الحكايات الشعبية العربية
অজানা পৃষ্ঠা
إذا كان الهدف الأخير لهذه الدراسات في حقل الفولكلور - وأخصه الحكايات والقصص وأشلاء الأساطير من خرافية لطوطمية، لشعائرية، لتعليمية - هو إعادة التعرف على طفولة وتطور وتحولات المخيلة البشرية، بهدف إعادة صياغة الإنسان العربي المتقدم الجديد، الذي لا بد وأن تشكل مثل هذه التركة المتوارثة المتواترة جوهر بنيته الفوقية الثقافية بالمعنى المتفق عليه أنثروبولوجيا - أي بالمعنى الحضاري الشامل لكل ممارسة أخلاقية وسلوكية - بدءا من شعائر الجماع والطعام والتطهر، وانتهاء بالممارسة السياسية على طول الكيانات العربية، والتي فيها وعبرها تتفجر أقصى طاقات الخلق عبر كلا الفكر والفعل المكتمل والمتحقق في الثورة.
فحصيلة مثل هذه التركة الفولكلورية، ولنقل الماضي الحي، ما هي سوى «الحياة الواقعية» بفجاجتها وبهيميتها ومأساويتها في ذات الآن.
ففي إعادة الصحوة لسلبيات مثل هذا التراث قبل الإيجابيات والقوى الدافعة القادرة على تحويل جدلية الممارسة الحاضرة إلى ممارسة اجتماعية واعية، مجالها الأخير هو التنمية والتحولات الاجتماعية والتنوير.
وهو ما حدث بالنسبة للعالم المتحضر شرقا وغربا، منذ أن ارتاد الأخوان جريم هذا الحقل - أي الفولكلور - كنواة علم خاصة في موسوعتهما المعروفة المتصلة بدراستنا هذه عن الحكايات الفولكلورية العربية، وهي حكايات الأطفال والبيت وكتاب «الادا» و«هنريش المسكين»، وهي الكتب الثلاثة المهمة التي شهد صدورها مطلع القرن 19؛ عصر الصناعة الحديثة المصاحبة للتنوير في الغرب عامة.
فالملفت أن هذين الأخوين اعتبرا - منذ مطلع القرن الماضي - الحكايات الشعبية حطام أساطير أو بقاياها وأشلاءها المتأخرة.
وهذا صحيح إلى حد كبير، إذا اعتبرنا أن الأسطورة ما هي سوى مرادف للدين والقوى العلوية السماوية لعالم الأرباب الطوطمية والآلهة.
ونظرا لحلول الأديان التوحيدية - من يهودية ومسيحية وإسلامية - توارت أساطير ما قبل التوحيد لعالم الآلهة وقواها السماوية؛ ومن هنا تستر الآلهة تحت جلد الملوك والحكام ذوي البصيرة الخارقة، كما يتضح في جانب كبير واضح من حكايات وفابيولات هذا الكتاب.
فإذا ما اعتبرنا الفولكلور صدى للماضي، إلا أنه في ذات الوقت صوت الحاضر المدوي.
إنه الماضي الحي، بوظيفته الاجتماعية والاحتجاجية، كانعكاس ومعادل للصراع الطبقي وسلاح له كما يقول يوري سوكولوف.
لكن على أن هذا السلاح سيكون في صف الثورة مرة، ومعاكستها الثورة المضادة في معظم المرات، ولنقل التوالي التاريخي، وتواتر جزئيات هذا التراث المتوارث تحت مختلف المؤثرات والمعوقات والضغوط، سواء أكانت العادة وثقلها، أو اللغة وسحرها كوعاء أو علامات كلامية، هي في أحسن حالاتها وأحوالها تلعب دور الحارس الماثل على الدوام، في حفاظه على البنية الأسطورية، وبالتالي الخرافية، وبالتالي - أكثر - الاجتماعية الطبقية.
অজানা পৃষ্ঠা
وإذا ما جرى سريان هذا القانون العام بالنسبة للغة - اللغات بعامة - فإنه ينطبق بدقة على لغتنا العربية التي - كما نعرف جميعا - مكبلة بالأسطورة وأعرابها قلبا وقالبا، منذ ذلك التاريخ الخرافي المصاحب ليعرب بن قحطان
1 - أول من تكلم العربية - أبي العرب الساميين.
كما أن من بين عوامل ومؤثرات توالي الاستمرار لصدى الماضي ومخلفاته عبر الحاضر الآني الماثل، وما يزخر وينخر فيه من خرافات وخزعبلات للحفاظ على بقية الأبنية من قرابية اتصالية إلى اجتماعية طبقية، إلى عمودية فئوية عنصرية طائفية، إلى نوعية تتصل بعلاقات الرجل بالمرأة ، بدءا بالسيادة للذكر، مرورا إلى الميراث، وتربية الأطفال وتنشئتهم، وهو ما اكتمل في البنية الأسرية.
ولعل أقرب مثال يمكن طرحه بالنسبة لواقع الشارع العربي - ولنقل السامي - وأحداثه الدامية، بل مهاتراته، اليوم والآن، ما يفضي بالضرورة مشيرا في اتهام إلى أزمة حضارية ماثلة ومحققة.
ففي كل الحالات والأزمات يطل هذا التراث جاثما من خرافات وخزعبلات وحكايات وحواديت وأمثال وفابيولات تجري على ألسنة الطيور والحيوانات والزواحف والحشرات انتهاء بالجراثيم، وهو ما سنقدم بعض نماذجه وقصصه النمطية أو المعاشة التي توصلت إلى جمعها، مع إخضاعها للمقارنة والاحتكاك مع بقية النماذج والتنويعات العربية
2
في الإطار الكوني.
وعليه، يحسن بنا أن لا نتأفف ونضجر من بشاعة أو سذاجة النماذج المنشورة، سواء تلك التي توصلت إلى جمعها من أفواه الناس، خاصة فلاحي مصر الوسطى على مدى ربع القرن الأخير، وظلت حبيسة عندي في انتظار تراكم عينات تجيء من مختلف بلدان الوطن العربي، لا من المنطلق القومي فحسب، بقدر ما أن الغاية هنا علمية؛ ذلك أن أي محاولة دراسية لهذا التراث - العربي أولا والسامي في المحل الثاني - لا تجيء على المستوى القومي، تجيء مبتورة محبطة، فالوحدة الثقافية والتراثية تجيء في المقام الأول كنتيجة حتمية للوحدة اللغوية للفصحى ولهجاتها، سوى من بعض السمات والخصائص التي يتطلبها الموقع العربي بين الشرق والغرب، أو بين العواصم الآسيوية والأفريقية والأوروبية، بالإضافة إلى سمات البحر الأبيض المتوسط بعامة.
لذا فإن محاولات الدراسة لهذا التراث تتسم بالوعورة المرهقة من جانب، ومن الجانب المقابل يتطلب الأمر الإحاطة بالحضارات التي أقيمت على ساحات قلب العالم القديم ومؤثراتها، من حضارات سامية لفرعونية، لفارسية-آرية، لهلينية، ورومانية، وبيزنطية، وتركية، وهكذا.
ذلك إذا ما توفرت الرغبة في إعادة المعرفة اليقينية بدور وحجم هذا التراث من فولكلوري وشعائري معط أو منزل متوارث، بلا مخاوف ومحرمات ومغالطات تجيء بها محاولات دراسية أدبية أو حلقية أو عنصرية (غير) علمية، وغير مستوعبة لما أنجز في هذا الحقل الإثنوجرافي منذ قرون، بمعدلات متوافقة طبعا مع منجزات العلم الطبيعي.
অজানা পৃষ্ঠা
ففي توافر المواد لعينات ونماذج الحكايات الفولكلورية بأفرعها المختلفة من شفاهيات البلدان العربية؛ ما يوفر إتاحة الدراسات المقارنة للحكايات الشعبية العربية على المستوى القومي العربي دون عزلة - ولنقل مغالطة - عن مقومات البنية السامية التي نحن جزء جوهري منها، بخصائصها القبلية الحلقية المحددة السمات، والتي لا تبعد كثيرا عن جذور ومكونات المخيلة السامية - المتفق عليها - وحضاراتها منذ السومريين اللاساميين الألف الرابعة ق.م، وورثتهم البابليين والكلدانيين والآشوريين والكنعانيين والفينيقيين والعبريين والعرب - البائدة - الجاهليين وغيرهم.
فمن المتفق عليه أن روافد وقنوات المنطقة العربية - أو السامية القديمة - لن يتكشف ويتبلور ملمحها الفولكلوري والتراثي بعامة إلا تبعا لإيقاع المستقبل وتوالي المزيد من عمليات الكشف الحفري الأركيولوجي للتراث السامي الأم والمنبع، بما يسهم بالتالي في إضاءة جوانب فولكلور وتراث عالمنا المعاش اليوم، كما أنه في مقدور هذا المعاش اليوم إنارة جوانب الماضي التاريخ.
ولعلني مقتنع برأي عالم الفولكلور الفنلندي أنتي آرني
Arnee
في قصر الدراسات الفولكلورية على مجالها وحقلها قبل النظر إليها كعامل - جانبي - مساعد لحقول أخرى مثل الأساطير أو الشعر الملحمي مثلا، وهو ما يؤخذ على الأخوين جريم، خاصة يعقوب الذي اعتبر الحكايات الخرافية الشعبية «ذات أهمية لفهم الشعر والأساطير والتاريخ للتاريخ القديم»، وهو بالطبع رأي سديد في حالة الأخذ في الاعتبار أن لهذه الحكايات الخرافية دورها - لذاتها - القاصر عليها وعلى مشاكلها وقضاياها لذاتها.
من ذلك أن الحكايات الشعبية يمكن أن تكون بلا فائدة تذكر ما لم يكن تاريخها قد تقرر خلال الفحص والاستقصاء المقارن ... وبالطبع لا يمكن عقد هذه المقارنة دون توفر وتراكم الجزئيات
Motifs
أو عناصر وأحداث الحكايات الشفاهية - والمدونة - الفولكلورية بأنواعها وأنماطها وتصنيفاتها المختلفة، خاصة التصنيف المعدل المتفق عليه لعالم الفولكلور الأمريكي سيث تومسون، الذي نشره في قاموسه - الفهرست - طرز الحكاية الشعبية، وقسم فيه الحكاية حسب موضوعاتها إلى خمسة أبواب و32 مدخلا، ذلك مع الأخذ في الاعتبار الجزئيات أو العبارات أو التضمينات المتناثرة لكل حكاية، وتصل إلى أعداد بالغة الضخامة، فيقدرها البعض - مثل «كراب» - بأنها تزيد
3
على العشرة آلاف جزئية، ومنها بالطبع ما هو ثابت وما هو مستحدث مستجد، أمكن للدراسات والمناهج الجديدة رصد التوزيع الجغرافي لمختلف أنشطته الفولكلورية، سواء أكانت حكايات خرافية أو حكايات فشر، من أمثلتها:
অজানা পৃষ্ঠা
يا ليل يا عين ما عرفش أكذب، «والضفدعة راكبة مركب»، «وأبو فصادة حارسها»، «والقط لسود ريسها».
أو كانت حكايات جان وعفاريت وعالم ما تحت الأرض، أو كانت حكايات هزلية أقرب في تعميمها إلى النكات والقفشات والنوادر المرتبطة أكثر بالحياة اليومية وضغوطها، فهي غالبا ما تتندر بغياب العدالة، والقضاة المرتشين، والحكام السفهاء، والوزراء الحمقى، وأفعوانية وتهافت ونفاق المشعوذين وتجار الأديان وخصيان السلطة.
فمثل هذه الحكايات الهزلية قد تخلو من عناصر الخرافة والخارقة، وإذا وجدت فهدفها بلورة الموقف الانتقادي الساخر، وخير مثال لهذه الحكايات: حكايات إيسوب، والديكاميرون لبوكاشيو.
وأقدمها أوديسا هومير الذي سخر من آلهة الأولمب إلى حد المسخرة، وبلاوتوس - الجندي المجيد - والمؤرخ الهليني اليهودي فلافوس يوسيفوس، وبوكاشيو في ليالي الديكاميرون، وسترابا رولا في العصور الوسطى.
وحتى لا نخرج على موضوعنا، نعود إلى تأكيد أن قنوات رصد مختلف أفرع الحكايات الفولكلورية شديدة التخصص ورصد الجزئيات أو العبارات أو المقولات الرئيسية، التي كما ذكرنا تصل إلى آلاف مؤلفة، منها: سكك السلامة والندامة، واللارجعة، وتحولات الإنسان إلى حيوان، والجارية أو الزوجة المضطهدة مثل هاجر وراحيل
4 - أم النبي يوسف - ورجم القردة والحيات والقنافذ - غنم سيدنا شعيب - الزانيات، وكذا تحولات سحر الشبيه - أو الشبشبة - الذي ينتج الشبيه، وتأثير الأشياء المتصلة في بعضها البعض عن طريق الأثر أو الأتر
5
كوسيلة لإخضاع الظواهر الطبيعية، وكذا سحر المشاركة والتمثل أو التوسل بالضحية أو خروف العيد - الكبير - والتضحية بالأبناء فاتحي الرحم، وكذا الأطفال الموعودين الذين تصاحب الخوارق أو الكوارث مولدهم، مثل: إبراهيم ويوسف وموسى وسميراميس وأوديب والمئات غيرهم.
خلاصة القول أنه أصبح اليوم في مقدور أي باحث أن يرسل في طلب منوعات أي فكرة أو جزئية محددة أو عينية من أحد المراكز الدولية للفولكلور لتصله على الفور هذه المنوعات ومترادفاتها على مستوى القارات الخمس، يكفي - مثلا - أن تطلب منوعات جزئية الأطفال الموعودين ... وكذا ما يتصل بطرح الطفل حديث الولادة في الماء؛ للتعرف على شرعية تملك الطفل حين يطفو على وجه الماء، وما يتصل برجم الحيوان - الثور - النطاح أو الزاني، وقدح يوسف، وقراءة الفنجان والمندل، ودق النواقيس والأجراس، وفولكلور المعادن، والأشجار والطيور والحيوانات، وجلد الماعز، ودم الحيض، وتقديس الأرقام (5 / 12 / 72) والطهارة والنجاسة والاستنجاء، وتقديس عتبات البيوت والأحجار، والجهة - مثل القبلي - وأربعة أركان التابوت، أو الجهات الأربع، أو الأقطاب الأربعة، وكذا الصيام، والعدد وإقلاله البركة.
وكذا الختان وأخذ الوش - غشاء البكارة - والثنائية أو صراع النور والظلمة، وخرافات الجان والعفاريت والهواتف والنداهات، وحكايات اللصوص والشطار وذوي العاهات والأبطال الخرافيين، أو المغامرين النزقين الذين يغلب عليهم الذكاء وسعة الأفق والحيلة، وهي خصيصة يتميز بها فولكلورنا المصري والعربي في إطار فولكلور البحر المتوسط بعامة.
অজানা পৃষ্ঠা
ومن هنا تشتد الحاجة إلى محاولة وضع تصنيف للحكايات العربية من منطلقها الأشمل - أي العربي السامي - مع مراعاة الخصائص والسمات القومية المميزة، سواء تلك التي جرى الاتفاق عليها ممن تعاقبوا على دراسة فولكلورنا، وكذا شعائرنا، منذ روبرتسون سميث وموسوعته عن الأديان السامية، ونولدكه، وتيودور بنفي، حتى روبرت جريفز وليفي شتراوس، وتباعا حتى سميث وغيرهم.
كما تجدر مراعاة الخصيصة الاستراتيجية أو الجوهرية لهذا التراث القبلي المحمل ببذوره ومكوناته الأولى الفاشية العنصرية في تشريعها، بل تقديسها للحرب والإبادة وصراعات تملك المياه (من آبار ماء لأنهار لمجتمعات زراعية)، وكذا صراعات الهجرات وتملك الأرض أو الحما، والتوسل من أجل هذا بأساطير أرض الميعاد التي لم يبرأ منها شعب أو قبيلة أو رهط أو جماعة، من كيانات وحضارات الشرق الأدنى القديم، خاصة بالنسبة للمجتمعات البدوية الرعوية في اليمن والجنوب العربي أو الجزيرة العربية بعامة، دون إغفال لأسطورة أرض الميعاد العبرية، وما ترتب عليها من إغفال للحق التاريخي لأرض - شعب - فلسطين.
6
وعلى هذا فرضت علي هذه الخصيصة القبائلية أن أولي اهتماما مفردا لها من حيث التصنيف للحكايات - القبائلية - الأسرية أو القرابية، بدءا من حكايات وفابيولات أنا وابن عمي على الغريب، و«انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، ومرورا بمن فات قديمه تاه وانقطع، وكيف أن الغربة عن الحما - حما القبيلة الذي اتفق على حدوده الآمنة بسماع نباح كلاب القبيلة - تقل الأصول وتزول، مع ملاحظة أن الحما هو بذاته - ما أصبح - الوطن بمفهومه الحلقي المحلي للكيانات والمجتمعات الصغيرة المغلقة بسماتها ... من قرابية عشائرية لعنصرية طائفية.
بل إن هذا الملمح القبلي لفولكلورنا وحكاياتنا هذه، بالإضافة إلى الملاحم والسير بخاصة، فرض وجود بطن أو فخذ من داخل كل قبيلة ورهط وكيان، يحفظ لها أنسابها التي غالبا ما تنتهي عند شيت
7
ابن آدم «الذي عنده تنتهي أنساب جميع البشر».
وهو بالطبع ملمح أو خصيصة لا يقتصر علينا، بقدر ما هو منسحب على العالم القديم برمته، فأهل نيوزيلنده القدماء لديهم - كما يذكر كراب - من تخصصوا في حفظ الأنساب القبائلية، ونفس الشيء بالنسبة للقبائل العبرية، وقبيلة الماجي المجوسية عند القبائل الفارسية، ثم النسابة العرب.
وطبيعي أن يرتبط بالقبلية والعشائرية تقديس مطلق للأرض والدم والثأر، ونظم التوريث وحفظ النسل، والزواج من داخلي لخارجي، وأبوي بطركي لأموي، وما يتبع هذا من الأخذ بنظم تقويمية أو قمرية كما يشير بهذا الفولكلوريون الأنثروبولجيون، وهو ما لا يزال ساريا بالنسبة للتقويمات العربية الإسلامية القمرية أو الهجرية، وكذا العبرية.
كما يرتبط بهذه القبائلية وسماتها المحددة: الإغراق في تقديس الأسلاف الموتى - من الآباء والجدود - إلى حد العبادة، أو ما يعرف بعبادة الأسلاف، وتمثل وصاياهم ورموزهم: رأس آدم، تابوت العهد، عصا شعيب،
অজানা পৃষ্ঠা
8
حمو موسى وموسى، قميص يوسف، قميص عثمان، الصليب شارة الهلال، وهكذا.
ولعلها آفة السلفية المصاحبة لحضارتنا هذه القبلية العربية والتي تطل برأسها مفرطة في هذه الحكايات، وتدفع بنا لا شعوريا اليوم إلى طبع الماضي على الحاضر على طول الكيانات العربية، فهي بذاتها «المياه الجوفية» والتي بمثابة الأوبئة التي كلما تفاقم طفحها تزايدت معها صداماتنا الطائفية العنصرية العرقية، واستغلت كمنتجات روحية ومقدسات ... لمختلف الأغراض الطبقية السلطوية.
فتستخدم - آفاتها هذه - أشد الاستخدام من جانب الطبقات السلطوية على طول عمليات التضليل التاريخية إلى أيامنا وواقعنا الماثل.
وتجدر ملاحظة مدى الحفاظ على هذا التراث الذي يتغلف جانبه الروحي- الأنيزمي متسترا بالتقديس، بل هو بذاته ما تسرب إلى الثقافة الرسمية، وسخرت له أجهزة الإعلام
9
الإلكترونية التي من مهامها الأولى: التخلص من براثنه، والإفلات من أسره وسحره الدفين وجمالياته الخادعة المغيبة لكل حس تطوري بروليتاري.
فمن الثابت أن الفولكلور لعب الدور الرئيسي في أدب القرن الثامن عشر، أما في القرن العشرين فكل مدرسة أدبية جديدة يمكن إرجاعها إلى الفولكلور: الرمزيون، المستقبليون، الخياليون، هذا في الغرب، فما بالنا بما خارج الغرب؛ أي عندنا على المستوى العربي بخاصة؟
فإذا ما كان أحد اهتماماتنا - بالنسبة لفولكلورنا العربي - هو مدى انعكاس الحياة ومفهوم العالم فيه، ومن منطلق أكثر حيادية وتدخلا مما تسمح بإباحته المدرسة الديمقراطية الثورية السوفييتية في مغالاتها بحثا عن التعابير الكاشفة لعوامل الاحتجاج والثورية في الفولكلور.
ذلك أن الحيادية - ولنقل: افتراض الشخص الثالث كما يعرفه جان جاك روسو، وبعده كلود ليفي شتراوس - تتيح للباحث التوصل إلى نتائج أكثر إيجابية في محصلتها النهائية، وإن كان مدخلها هو افتراض السلب بهدف الوصول إلى سمات لموقعنا الحضاري أقرب إلى ما توصل إليه لويس مورجان - المجتمع القديم 1871م - في تمييزه بين الفترات الإثنولوجية: الوحشية البربرية المدنية، وكيف أن الوحشية والبربرية ما تزال ترتع تحت جلد عالمنا المعاصر، وإن المؤسسات المنزلية لأجدادنا من المتوحشين ما زالت أمثلتها موجودة في أجزاء من العائلة الإنسانية بالتمام والكمال إلى أيامنا.
অজানা পৃষ্ঠা
ولعله بذاته ما لا نزال نعايشه على طول الكيانات العربية - خاصة الأوطان والمجتمعات الأكثر جدبا وفقرا - وتعكسه حكاياتها وفابيولاتها، سواء على المستويات الوحشية - ولنقل: الحيوانية - سواء في تقديس الحيوانات من حمير - آلهة - (سنفرد لها فصلا خاصا) لماعز وكلاب وجمال، مرورا بالطيور من أبي قردان للغراب النوحي وهدهد سليمان وحمام الأرض الموعودة وحمامة الأيك، ثم الزواحف والحشرات من سحال وعناكب وضفادع، خاصة الحيات التي ما تزال تحمل لها المأثورات والتعابير الشفهية التسمية الأولى التي عرفها بها جلجاميش حين أطلق عليها - بعد سرقتها لماء الحياة أو نبات يعيد الشيخ إلى صباه - منذ خمسين قرنا: أسد التراب.
الحكايات الطوطمية
فما أكثر تردد جزئية أو فكرة علاقة الإنسان بالحيوان وزواحف الأرض من ثعابين وأبراص وحيات ، خاصة تلك الحية التي يتعرفها بطل الحكاية أو الخرافة، حين يصادفها تخون زوجها الثعبان وتزني فيقتلها أو يرجمها، فيكافئه زوجها أو حبيبها، وقد يدله على كنز، أو ينقذه من أسر أو شر يلحق به.
ولعل الخرافة التي جاءت بها المصادر العربية المدونة - الأغاني: 23، 405، 409 بيروت، وعجائب المخلوقات، ص215، القاهرة 1956م - عن ذلك الشاعر الجاهلي «عبيد» الذي أتاه الهاتف في المنام بكبة من شعر
10 - بفتح الشين - ألقاها في فمه، فقام يرتجز الشعر، مع ملاحظة العلاقة بين الشعر والشعر التي لا تهمنا هنا، سوى أن عبيدا هذا أصبح شاعر بني أسد، وكان يسير في قافلة «وهم بشجاع يتمعل على الرضماء فاتحا فاه من العطش، فنزل وسقى الشجاع حتى روي وانتعش، وانساب في الرمل».
والشجاع هنا هو الحية الفخمة التي زارت عبيدا في المنام وأنشدته شعرا، وأهدته بكرا أو جملا فتيا أنقذه - فيما بعد - من تيه الصحراء.
بل إن هذه الجزئية أو التضمينة - لقتل الحية أو الثور
11
الزاني - التي حدد عمرها وموطنها الأول مهاجرة من المؤلف الهندي الكلاسيكي مونباتيكاريترام الذي عرفه تيودور بنفي وموقعه من تراث الحكايات الهندية، وهو ما سنتعرض له في حينه.
فالأخذ بالثأر والانتقام ونداء الدم وروابطه السحرية لا يقتصر على الإنسان، بل يشمل الحيوان، ويتبدى في الفولكلور العربي بكثرة ملفتة، وهو ما سبق للدارسين تتبع آثاره الهمجية والمعاشة في الخرافات المتبقية، فحتى وقت قريب كانت تعقد المحاكمات لمحاكمة وإدانة «الحيوانات التي تؤذي الزرع كالفئران مثلا، وكانت هذه الحيوانات تستدعى للمثول أمام القضاء، ويعين لها مدافعون عنها، فإذا لم تحضر الفئران حكم عليها بالنفي أو الحرمان من رحمة الكنيسة».
অজানা পৃষ্ঠা
وعلى هذا فالمزيد من الحيادية في جمع ودراسة التراث هو ما سيوقعنا على الجوانب المظلمة البهيمية العاجزة في فولكلورنا، وأخصه الحكايات الخرافية الحيوانية الطوطمية.
كما أن مثل هذه الحيادية ستوقفنا على التركيبات الاجتماعية، وخنق ووأد الأطفال حديثي الولادة، أو فاتحي الرحم، ناهيك عن الموقف من المرأة ووأدها بشكل جماعي في المجتمعات الصحراوية، ليس من منطلق العفة والشرف وتابوات المرأة، بقدر ما هو الجوع والضنك ورعب الفاقة؛ بما يدفع إلى ديانة وأدهن كشكل من أشكال تحديد النسل الجماعي البدائي.
وبالطبع تعكس الحكايات السورية والفينيقية اللبنانية، بشكل عام، مدى قتل الأطفال وإلى جوارهم أواني الطعام والشراب، والتضحية بهم ودفنهم أحياء في مقابر جماعية، وهو ما كشفت عنه الحفائر والمباني والمنشآت العامة، ولها تنويعاتها في خرافات مصر.
بل هي ما لا تزال متداولة إلى حد أنها تسربت إلى قصص يوسف إدريس عن تدشين أساس المباني بدم الأطفال الذبيحة، خاصة في حالات التعامل مع الآليات الحديدية بما يحيل مثل هذه الحكايات - الشعائرية - الخرافية إلى فولكلور الحديد والمعادن والمنشآت.
كذلك يضاف للحكايات الطوطمية - ويشكل جانبا كبيرا منها - حكايات الأشجار أو ما يعرف في الفولكلور الأوروبي بفولكلور الأخشاب، واستطاع الشاعر الإنجليزي روبرت جريفز رصد وحل أبجدية
12
الأشجار وأخشابها.
المناهج التي تعاقبت على دراسة الحكاية
فإذا كنا نتعرض للمناهج الكثيرة المتشعبة التي تعاقبت على دراسة الحكاية الشعبية ذات الميل الخرافي، منذ أن ارتاد يعقوب جريم هذا الحقل في كتابه: «الميثولوجيا الألمانية»، ومن خلفوه: لين مانهاردت وماير وموللر، لحين اكتمال المدرسة الأنثروبولوجية - الإنجليزية - بريادة أرثر تيلور وتلميذه أندرو لانج مع مطلع قرننا الحالي من جانب، ومن الجانب المقابل المدرسة الهندوآرية أو الشرقية التي ارتادها المستشرق الألماني تيودور بنفي، الذي أولى اهتمامه للمعرفة بأصول ومنابع التراث الأوروبي وقنوات هجراته، إلى أن وصل بها إلى الوحدة اللغوية أو الإثنوجرافية الهندوأوروبية، وهي العناصر المعروفة بالآرية في البنجاب وكشمير وراجبوتانا، والتي خلفت تراثها المعروف بالفيدا - أي المعرفة - وأقامت دولة بهاراتيا نسبة إلى ملحمتهم الشهيرة المابهاراتيا،
13
অজানা পৃষ্ঠা
التي امتصت معظم الجسد الفولكلوري والأسطوري الآسيوي، ومنه الريج فيدا أو أشعار الفيدا.
أما الآرية فمعناها العشائر؛ ذلك أنهم عندما نزلوا سهول السند والجانج، نزلوا كعشائر قبلية، وعلى هذا النحو هاجروا إلى إيران ثم أوروبا، ومن هنا تشكلت الرقعة اللغوية الآرية التي وصل حماس تيودور بنفي لها إلى حد طرح الرأي القائل بانتماء معظم أصول الحكايات المتداولة على رقعة العالم أجمع إلى موطن أول أم ، هو الهند.
وهو الرأي الذي كبر الاهتمام به في ألمانيا ومعظم دول أوروبا الشمالية، إلى أن اكتملت معالم منهج معدل للمدرسة الفنلندية - الفولكلورية - التي أصدرت منذ 1840م أول جورنال متخصص للفولكلور في العالم، واتجه العلماء الفنلنديون منذ البداية إلى محاولة إرساء منهج متكامل حمل اسمهم فيما بعد، وعرف بمنهج «فنش للبحث والاستقصاء»، وعن أصول المواد الفولكلورية خاصة الحكاية، ورائدهم هنا «إنتي آرني» الذي نبه الأذهان إلى أن على الفولكلور كعلم أن يرسي حقله المستقبل المحدد، ويعمل على إنجاز مهماته في هذا الحقل، لا أن يصبح مجرد عامل مساعد أو تابع لدراسة أي علم آخر خارج مجاله كالأساطير.
فهو أول من نبه إلى أهمية البحث عن جذور ومنابع الحكايات النمطية، من تاريخية وجغرافية، كما أوضحت دراسة آرني أن لكل حكاية مفردة تصميمها الخاص بها وموضوعها الموحد، بالإضافة إلى الانتقادات القومية التي وجهها لنظرية تيودور بنفي الشرقية عن المنابع الهندية لأنماط الحكايات، فأثبت أن الكثير من الحكايات تنتمي لمختلف المجتمعات بعامة، ومنها بالطبع المجتمعات الأوروبية منذ العصور الوسطى.
وألقى آرني كثيرا من الضوء على تيه وهجرة وتبادلات وتزاوج أجزاء الحكايات الشعبية من الشرق إلى الغرب.
وحدد الأشكال والملامح والخصائص المحلية للكثير من الحكايات النمطية.
كما أنه استطاع أن يحرك زمن ومولد بعض الحكايات الشعبية عن أقدم مصادرها ونصوصها الأثرية الحفرية إلى أزمانها التاريخية المؤكدة أكثر.
من ذلك أن كثيرا من الحكايات النصية التوراتية، التي تحدد عمرها بإمكان العثور على أزمانها، مهاجرة من أصولها الأكثر قدما، سواء أكانت الدولة القديمة في مصر الفرعونية، أو تراث ما بين النهرين بعامة من سومري وبابلي وآشوري وفينيقي وكنعاني، أو تراث الجزيرة العربية خاصة الجنوبي-القحطاني.
ويمكن القول بأنه كان للفنلنديين اليد الطولى في اكتمال النواة أو اللبنة الأولى للمنهج الجغرافي التاريخي للبحث والتنقيب والاستقصاء عن موطن وعمر وهجرة المواد الفولكلورية، وبشكل أدق: هجرة وتغيرات هذه المواد أو العناصر في أدنى جزئياتها التي أمكن التوصل إليها وحصرها، فالحكاية التي نسمعها يمكن تقسيمها أو تشريحها إلى أفكارها وجزئياتها الرئيسية، ثم الجانبية أو المساعدة.
من ذلك أفكار خلق المرأة من ضلع الرجل، وتوحد الخالق بالماء والبحث عن ماء الخلود، والرحلات العبورية، والضربة الواحدة للبطل «ضربة الرجال ما تتناش» - لا تثنى - وهكذا.
অজানা পৃষ্ঠা
فنظرا لغياب وافتقاد مثل هذا المنهج التاريخي، خاصة من جانب الدارسين العرب في حقل فولكلورنا، ونظرا لما يتطلبه هذا من إلمام كاف بالشفاهيات ثم بالمدونات الحفرية لروافد الحضارات السامية المتتابعة التوالي الزمني التاريخي، والتي لا ينقطع لها المجيء بالاكتشافات النصية الجديدة في معظم أرجاء الوطن العربي، الذي شهد مولد الحضارات الأولى، خاصة فيما بين الرافدين.
نظرا لغياب مثل هذا المنهج، تتعثر محاولاتنا الدراسية في مجمل أنشطة وحقول الفولكلور العربي المترامية، وأخصه الحكاية التي تميزه كواحد من أهم ثلاثة خزانات كبرى كونية.
المعوقات والمناهج العربية المغلوطة
يضاف إلى مشاكل ومعوقات دارس التراث العربي، سواء فيما يتصل بضياع وافتقاد المصادر الأم المدونة، أو تعددها، أو الجدب العام بالنسبة للدراسات النظرية والتطبيقية الميدانية كما وكيفا؛ أي من حيث جزئيات ومكونات وديناميات تركتنا الفولكلورية العربية، ولتوقفنا على مدى ما يعلق بها من رواسب وآثار بربرية عبودية ووحشية همجية، ما تزال تمارس متواترة هائمة بتمامها.
ويلي غياب النظرية العلمية الثورية في التعامل مع هذا التراث مشاكل الإهمال الذي تعانيه الجهود الميدانية لجمع أشلاء هذا التراث، باستثناء بعض الجهود المحلية العربية في العراق وسوريا وتونس والمغرب والأردن.
فمشكلة قلة وندرة المواد الخام - التي تسهم حين طرحها للمقارنة في المزيد من إنارة طريق البحث والاستقصاء - تأخرت كثيرا، على المستوى القومي العربي.
ثم تأتي مشكلة المشاكل المتصلة بالمناهج القاصرة المغلوطة، وما تفرضه من منع وتحريم يصل إلى حد الإرهاب في بعض المجتمعات والكيانات العربية، بالإضافة إلى افتقاد معظم الباحثين في هذا المجال للمنطلقات العلمية البديهية إلا بعد إدراكها من العقل الغيبي، والمتجاوزة للمنتجات الروحية، وتكبيلها المعوق للبحث المنهجي العلمي.
يلي هذه مشاكل المصنف، أو الدارس، ذاته بإزاء مواده؛ نظرا للتداخل الشديد بين جزئياتها من رئيسية وجانبية، وهو ما يعرف بالتزاوج والهجرات الداخلية لأعضاء أو جزئيات الحكايات ، فتصل هذه الهجرات الداخلية إلى حد التداخل بين جزئيات السير والملاحم مع الحكايات بأنواعها، فما أكثر حجم الجزئيات والتضمينات
14
المهاجرة من السير والملاحم والقصص الشعرية الاستطرادية إلى الحكايات والخرافات المحلية، والعكس طبعا أكثر دقة.
অজানা পৃষ্ঠা
ومن هنا فأي محاولات للتصنيف والأرشفة قابلة على الدوام للتعديل والإعادة، سواء بالنسبة للحكايات النمطية أو لجزئياتها، كما أن من الأجدى والأكثر تصويبا أن لا نتمادى في الأخذ والنقل الجاهز لما أنجز في مجالات التصنيف والأرشفة والتنميط بالذات، فالمطلوب هو ما يفيد حركتنا العربية الوليدة، وكذا بالنسبة للتمييز بين الحكاية الخرافية وما يشاكلها من أنماط أخرى، من حكاية يطلق عليها شعبية وأخرى للبطولة وثالثة أسطورية تتصل بالعوالم الفوقية للآلهة، ثم الحكايات الطوطمية التي تجري على ألسنة أبطالها وشخوصها من حيوانات وزواحف ونباتات، وهي ما تعرف بالفابيولا، فهي مأثورة حيوان أو نبات لها غرضها الأخلاقي، ومن خصائصها قصرها ودقة بنائها وتصميمها المنسق مع مضمونها التعليمي، وهي هنا أقرب إلى المثل المتداول، وأشهر أنماطها حكايات إيسوب ولقمان الحكيم، خاصة مع أسرة التسعة الشهيرة، وكذا حكايات ومأثورات فراعنة مصر ونماردة العراق وعمالقة فلسطين.
صحيح أن من واجبنا - في محاولة البحث المنهجي لفولكلورنا وتراثنا العربي - عدم إغفال ما أنجز في هذا العلم من مشاكل التصنيفات والمناهج، بدءا بهجوم الأخوان جريم وسميث تومسون، والمنهج الفنلندي، والمدرسة الشرقية، والجهود الأيرلندية، إلا أن كل هذا لا يبعدنا عن نقطة انطلاق عربية في محيطها السامي، لإعادة التعامل مع التراث بما يحقق فائدة أكثر قومية وأكثر تجاوزا لما سبقنا من جهود، وأخيرا بما يحقق فائدة أكثر مباشرة لما نعانيه من قضايا التنمية، وأخصها العقلية.
فلتكن نقطة الانطلاق المتخلصة من شوائب ومعوقات الذهن الغيبي التهويمي، المنتكس في كل حالاته، والمحبط بمخاوف تدفع به إلى كل اختباء ورومانتيكية وهروب. وليكن واضحا أن هذه الثقافات المتبقية أو الموروثات هي بذاتها ما تشكل الجانب الأعظم حجما وكيفا بالنسبة للتراث العربي بعامة، وعيون كلاسيكياته وشعائره، مرورا بأدبه الرسمي؛ الوسيط، والمعاصر، والحديث.
بل هي تشكل مجمل البنية الأنيزمية الطقسية بدينامياتها وأدق خلجاتها، بدءا بتعاويذ وإيماءات الشعائر اليومية، وتابوات الطهارة والنجاسة، والمرأة الطامث، والطفل حديث الولادة، والاتصالات، ومنها مصافحة
15
الرجل الطاهر للأنثى في عمومها ككائن نجس، كما هو معروف ومتفق عليه خرافيا.
باختصار، فكما أوضحت في محاولاتي الدراسية السابقة لهذا التراث من المدخل النظري، أميل إلى استخدام بعض المناهج الأكثر أحقية وفائدة، ومنها المنهج البنائي، في شمولية فهمه للظاهرة وأبعادها وعلاقاتها المتشابكة، وأبرزها بالطبع التركيبات الاجتماعية الطبقية.
البناءات الطبقية
وهي - كما يتضح خاصة في الحكايات السودانية والعربية بالمعنى الجغرافي؛ الجزيرة العربية - تضرب في العبودية والبربرية، وإن كانت تستبدل هذه العبودية في مصر بعلاقات السخرة التي عرفتها مصر على طول تاريخها.
ففي النماذج السودانية، عادة ما يصحب البطل أو الشاطر خلال رحلاته وأفعاله عبده الذي قد يحل محل البطل في التنكر والحيل والمآزق. وفي حكاية «النيتو»، يقوم العبد باقتحام الصعاب؛ تلبية لأوامر سيده في معرفة حبيبته - النيتو - ويعود ليصف له محاسنها.
অজানা পৃষ্ঠা
أما العبد المصاحب للحبيبة - النيتو - فإنه يتطلب من الحبيب «قنطارا من الذهب مهرا لها».
وفي نماذج سودانية أخرى، عادة ما يضطلع العبد بدور الراعي المكلف من سيده بذبح الابنة، أو إطلاقها لوحوش الجبال أو البرية، كما نلمسه في النماذج الهلينية والإيجية والفينيقية.
ففي حكاية «فاطمة البريئة» يصطحب العبد فاطمة - التي كادت لها زوجة أخيها واتهمتها بأنها حملت سفاحا - لكي يذبحها العبد ويملأ القدر من دمها ويسد فوهته بأصبعه كما أمره سيده.
لكن العبد يتركها إلى أن تلد عجلا، بما يشير من جانب إلى أن ثمة علاقة حيوانية أو بهيمية بين فاطمة والعجل، ومن جانب ثان إلى ملامح العلاقات العبيدية التي عادة ما تستبدل بالخدم - السخرة - في النماذج السورية والمصرية.
أما في حالة تبدي العبد في النماذج المصرية، فهو عادة شرير منازع للبطل كما في «دبايح المحرقة»؛ حيث يسرق العبد ابن سيده الموعود الذي تنبأت له جنيات البحر بأنه سيكون «كامل العقل وكل ما يطلب ينول»، ويمضي العبد يأخذ مكان سيده إلى أن يتزوج بعروسته ابنة الملك التي تنقذ حبيبها في النهاية، حيث ينقلب العبد إلى بغل.
فملامح العبيد في الحكايات المصرية تتبدى شريرة، بما يشير إلى أنهم أسرى أكثر منهم عبيدا، «فلم يثبت وجود العبودية في السجل الأركيولوجي لمصر فيما قبل التاريخ، وحتى في العصور التاريخية المبكرة، رغم استخدام الأسرى كعبيد» كما يشير جوردون تشايلد.
أما الاستثناء الوحيد للبطل العبد الصالح، فيتبدى في الصراع بين الفراعين، وليس الملوك، كما في حالة موسى والعبد الذي كان يقهره سيده الفرعون، بعد أن حبسه في طاحون أو هودية إلى أن حقق العبد انتصاره الأخير بأن أخذ مكان الملك الفرعون الظالم.
وهي خرافة كما يتضح من شخصياتها وجزئياتها وما داخلها من مؤثرات عبرية سامية، من ذلك شخصية موسى كبطل شعبي، وتوحد العبد بشمشون، والأسر داخل الطاحونة، وهو ما سنتعرض له في الفابيولات الموسوية.
مع الأخذ في الاعتبار أن غياب العبيدية من البنية الطبقية الجوهرية للمجتمع المصري منذ عصوره المبكرة، لا يعني استبعاد العلاقات والتركيبات العبودية؛ ذلك أن فلولها موجودة منذ أقدم العصور ممثلة في الأسرى والنوبيين، حتى أسرة محمد علي، سوى أنها غير مؤثرة في البنية الاقتصادية المصرية بالقدر الذي تشكله مثلا في بقية الأجزاء والكيانات والحضارات العربية، خاصة الجزيرة العربية وما بين الرافدين والسودان، وهو ما تعكسه حكاياتها.
يضاف إلى هذا أن بنية المجتمع المصري تشير بوضوح - فيما يعكسه فولكلوره وحكاياته هذه المنشورة - إلى ما هو أفدح من العبودية، وهو نظام السخرة الذي عبرت عنه قوة العمل المعجزة التي أقامت «حضارة السخرة» الحجرية الإنشائية، من أهرامات ومعابد ومقابر على طول وادي النيل؛ فهي قوة عمل جماعي تقودها أسواط المشرفين، وتستخدم في قطع الأحجار الجلمودية الجرانيتية ونقلها من أقصى مصر العليا إلى الوسطى؛ الجيزة وأهناسيا والفيوم، بل وحتى فاروس أو الإسكندرية القديمة، أي بدءا من أسوان حتى الإسكندرية.
অজানা পৃষ্ঠা
بل لعلها هي ذات قوة العمل الجماعي التي حفرت قناة السويس وبقية أعمال السخرة التي ما زالت ماثلة في الوجدان الشعبي الجماعي لمعدمي فلاحي مصر، بل هي ما تزال ماثلة في عمال التراحيل حتى أيامنا.
فمن المفجع أن البنية الطبقية للمجتمع المصري، بدءا منذ حضارات ما قبل التاريخ - الأسرات - في الفترات البربرية التي عثر على ملامحها ومخلفاتها في حضارات
16
أرمنت والبداري، والعمرية أو الإمارات،
17
وجزوه - ببني سويف - والسمانية، وهي ما تزال مخلفة مؤثراتها إلى اليوم بالنسبة للتركيبات الاجتماعية، وأحوال هؤلاء العمال السخرة الذين لم يكونوا - كما يذكر جوردون تشايلد - «اختصاصيين متفرغين يعملون بالأجر، أي يتعيشون كلية من فائض الإنتاج الاجتماعي المتمركز في يد الفرعون، فكانوا - في الأغلب - يأكلون ويلبسون على نفقة المستخدم مقاول الأنفار طيلة وجودهم الذي قد يمتد لسنوات.
أما الفرعون أو الملك فهو في كل الأحوال تجسيد للطوطم والآلهة، وبذا تحول العمل الاختياري في العشيرة البربرية إلى سخرة إجبارية من أجل الدولة المشخصة في فرد، أو الكل في واحد؛ مما دفع بالفرعون لأن يأخذ مكان الطوطم السلف المقدس أو الإله.
فلقد كان الفرعون بالطبع إلها منذ ما قبل التاريخ، ومنذ أول فراعين مصر «زير» و«زيت» في مقابر البداري منذ الأسرة صقر التي اكتشفها ديزير في أبيدوس، ومكانها اليوم العرابة المدفونة.
فلعل المكانة المتميزة إلى أقصى حد لفرعون ما قبل التاريخ، ووضعه المحاط بهالات التقديس والتابو فوق المجتمع المصري، لعب أخطر الأدوار على طول تاريخ مصر الاجتماعي والسياسي إلى اليوم.
إنها بمثابة شعيرة واصلت سريانها تحت الجلد أو السطح لذلك السلف العشائري سليل الطوطم إلى أيامنا للدولة المشخصة في فرد، كما أنها تبدت - بوضوح كاف - في الفولكلور المصري بعامة، والحكايات الخرافية المصرية التي نحن بصددها في إطارها العربي القومي.
অজানা পৃষ্ঠা
فاستنادا إلى ميكانيزم الوراثة الاجتماعية للتراث، وكيف أنه أكثر سرعة بالنسبة لنظيره البيولوجي، يمكن القول بأن التراث الدعائي والإعلامي للوضع الطبقي داخل مجتمع ما - خاصة مصر - واصل توارثه في تقديس ذلك السلف وريث الطوطم أو الإله - وهو الفرعون أو الزعيم - إلى حد إضفاء صفة القدسية على ملوك مصر القريبين،
18
وكيف أنهم منسبون وهكذا.
كما أن هذا التوارث التراثي واصل سريانه وتوالده الذاتي في اتجاه إضفاء صفة القداسة والطهر على ملوك وأمراء الحكايات المصرية، فهم في كل حالاتهم ملوك وأمراء بسطاء طيبون منزهون «مكشوف عنهم الحجاب»، يجوسون الأسواق متنكرين في ثياب مهلهلة حفاة، يتسمعون شكاة المحتاجين، ويحققون رغبات الفقراء، ويطرحون ألغازهم السحرية.
كما قد يكونون أمراء وأبناء ملوك طيبين اختطفوا منذ المهد من جانب قوى الجن، أو لعنات القدر الباطش، أو خدمهم ووزرائهم الشريرين الخونة، تعلوهم في كل الأحوال هالات الاضطهاد والقهر، إلى أن ينتصر الخير لهم، فيعودون ملوكا وأمراء كما كانوا.
وهناك ملمح آخر يتكرر بكثرة في الحكايات المصرية، فعادة ما تزور الهواتف الملوك والأمراء في المنام ليخبروهم بسنوات الفقر والذل وزوال الملك عنهم، كما في خرافة «نعناعة»، حين زار الهاتف الملك في المنام وهمس له: قوم اسعى يا ملك، انت حاتتفقر سبع سنين.
وفي خرافة «قطع ذراع الكاتب» نجد الملك الأسد في نماذج الحكايات المصرية والسورية والسودانية والعراقية باسمه وشخصه، فهو حاكم طوباوي، ألغى البيع والشراء في مملكته أو مدينته الفاضلة، مثله مثل الملك معروف في سيرته المصرية حين زاره الهاتف في المنام، وأخبره بزوال ملكه، فبينما عمل ملك الأسد في النصوص المصرية والسودانية والسورية «حمارا وفطاطريا تأكيدا لمقولة»: إذا أقبلت
19
بأرض الحمام على الوتد، وإذا أدبرت شخ الحمار على الملك «الأسد».
لجأ الملك معروف إلى صبغ نفسه بالنيلة الزرقاء «بلون جلد الخدامين» والعبيد.
অজানা পৃষ্ঠা
وكلاهما بالطبع خاض رحلة عبورية ومخاطرات إلى أن تعاوده الدنيا وتزول عنه اللعنة، فيعاود استرداد ملكه وصولجانه. •••
لذا راعيت في هذه المحاولة الدراسية ما يلائم خصائصنا بالنسبة للتصنيف، من ذلك العلاقات من طبقية وقبائلية تفضي إلى الأنساق القرابية ونظم الزواج والميراث.
كما راعيت الأنيزمية الطقسية وما تقتضيه من ذهن غيبي أو جبري يفضي بدوره إلى آفات القدرية والسلفية، والاعتماد على البركة وتوابعها في مواجهة العلم.
بالإضافة إلى مراعاة شعار الانتقالات، خاصة بين أطوار العمر من ولادة وزواج وموت بما لا يغفل وضع المرأة، وكافة الاضطهادات من عبودية فئوية طائفية، وأفقية تتصل بالانقسامات النوعية، وطرق التربية، واضطهادات أطوار العمر بما يفضي في مثل مجتمعاتنا السلفية هذه إلى تقديس الشيخوخة والتبرك بالشيوخ، والتجبر في إطاعتهم، وإطاعة الوالدين بعامة.
أما الذين يقللون من أهمية ولا جدوى جمع ودراسة فابيولات وخرافات الجان والسحالي والحيات الزانية، والخصائص الصوتية لجلود القمل البري السوداني حين تشد إلى طبل النحاس، وخوارق الأطفال القدريين المحجبين منذ بطون أمهاتهم، ثم ذلك الفيض من التفنن في ذكر الطعام وأصنافه، ومشهياته وعوالم قصور ومدن ما تحت الأرض المسحورة، وتلك المجتمعات الاشتراكية الفاضلة الخيالية عن مدن دول ألغيت منها النقود ومقاولات البيع والشراء، ولكل ما يحتاجه، والنفي والطرد مصير الجشعين والخطافين.
فالذين يقللون من أهمية ولا جدوى هذه الحواديت بدعوى أنها تنتمي إلى عوالم آفلة منقضية، فيكفي انتشار الترانزستور، وإضاءة القرى وإحلال العامل البروليتاري المكوكي لكي ينقشع كل هذا ويذوى ويموت من تلقائه؛ هؤلاء واهمون لا يضعون المبضع على أصل الداء.
صحيح أن «عبد الله الطوخي» في إحدى قصصه القصيرة لاحظ اختفاء حكايات عفاريت قريتهم ونداهاتها وجنياتها، التي كانت منتشرة على طول القرية وأزقتها وسواقيها الخربة وحقولها الممتدة على مشارف المنصورة حين دخلت الكهرباء، ونفس الشيء تلمسه قصاصنا «فهمي حسين» مع دخول الكهرباء قريتهم، وتبدد فلول وخزعبلات الليل، كذلك فقد أبدى «أحمد بسام ساعي»
20
ملاحظة قيمة في حكاياته التي جمعها من اللاذقية حول علاقة هذه الحكايات بالليل والإظلام، وكيف أن كثيرا من الرواة والحكواتية كانوا يرفضون القص إلا في الليل، وكأن الليل هو مستودع الحكايات فلا تظهر إلا فيه، «وما يزال يتردد إلى اليوم المثل الشائع لدى سكان الفرات: اللي يخورف بالنهار يصير حمار».
والملفت هنا أن هذا المثل المأثوري يعرف هذا التراث بأنه تخاريف أو خرافة، لكن ما يمكن قوله: أن ذلك الإظلام المصاحب للخرافة واصل تعايشه قبل دخول الكهرباء على شكل هجرة جماعية إلى كافة معتقداتنا قبل المعرفة أصلا بالكهرباء منذ أكثر من ألف سنة.
অজানা পৃষ্ঠা
وتكفي إطلالة على مدى تقديسنا للجن وعوالمهم وشياطينهم واقتسامهم لحياة الأحياء بدليل انقسام العالم الخرافي إلى إنس وجن.
والسؤال التقليدي المتكرر في هذه الحكايات المنشورة حين يلتقي كائن بآخر، فيبادره على الفور: إنس ولا جن؟
كما يكفي أن في الخروج على تابوات هذا العالم العفاريتي الجني، وعدم الإيمان به، خروجا وكفرا يستوجب القصاص.
كما يكفي في هذه الحالة مهزلة حروب الجان وعبور الملائكة بجند مصر، كما صورته أجهزة الإعلام المسمومة المأجورة خلال كل حروبنا التحررية، وبشكل مزر مع حرب أكتوبر في مصر؛ خدمة إعلامية للمصالح الإمبريالية، وتفويتا على الأسلحة السوفياتية العامل المنتصر الحاسم في ذلك العبور في أيدي شباب مصر وفلاحيها.
صحيح أنه عالم مقزز، يطفح بالفقر المدقع وقطعان العبيد والخصيان والمرضى وذوي العلل، إلا أن هذا هو واقعنا على طول بلداننا العربية.
هذا العالم الخرافي الذي يحكم ناصيته مجموعة عوالم أو خصائص مغلوطة سالبة حجر زاويتها في تراثنا العربي - هنا والذي هو موضوعنا - عبر قنوات حكاياته ومأثوراته وفابيولاته المتوارثة.
حجر زاوية هذا التراث العربي الإسلامي السامي هو القدرية الإقليمية، والأسواق وتبادل السلع والتجارة، ففيما يتصل بالحفريات الأدبية الخالصة، فإن الانتقالات (تحولاتها) من الشرق إلى الغرب واضحة تماما، ويمكن تتبع أي عمل خلال تنوعاتها وتأريخاتها المحددة (في الزمان والمكان) عندما تأخذ طريقها إلى الفرس والعرب والسريانيين والعبريين واليونان وأوروبا، ثم تراث الآداب اللاتينية في العصور الوسطى، وينطبق هذا على «الحكم السبع» ومحيط القصة وكل الكلاسيكيات الهندية، خاصة إذا ما كانت الوسيلة أو الوسيط هنا هم العرب واليهود المثقفين.
فهذه القنوات الأدبية التي أينعت عبر الشرق الأدنى وحددت مسار التراث، أضافت وحذفت الكثير منه؛ بما يدفعنا من جديد إلى إعادة التعرف على الشرق الأدنى وفولكلوره.
ثم ماذا عن الحكايات وتقاليد حياة الجماهير اليومية في إيران وفي مسبوتاميا - آسيا الصغرى - وتركيا وسوريا وفلسطين وحتى جيلنا هذا، فإن مجموعات فولكلور هذه الأراضي ما تزال ضنينة غير مستكشفة كما ينبغي.
ولقد تحركت أخيرا بعض الدول وأنجزت بعض الواجبات المصاحبة لحركة الإحياء والنهضة العامة، خاصة تركيا التي يقف وراءها الأساتذة المتخصصون: «إبيرهارد وبورتاث»، فدرست بعض أنماط الحكايات الشعبية وبعض الفارسيات الجديدة والمجموعات العربية والعراقية ذات القيمة العالية، لكن هذا ليس كافيا لتغطية احتياجات فولكلور هذه البلاد، وحيث تروى الحكايات بشكل متواصل كجزء من النشاط الدائم في الأسواق (البازارات). ويضيف د . تومسون قائلا، مشيرا إلى أهمية الفولكلور الفلسطيني: وعلى رأس كل فولكلور الشرق الأدنى تقف شفاهيات فلسطين، هذا على الرغم من عدم معرفتنا بها، وتوجد بعض المدونات المجموعات القديمة لتراث القرن التاسع عشر الشعبي، خاصة في سوريا وبلاد المغرب، إنه شيء مدهش الحصول على بقايا أساطير وحوادث الأولياء والملوك المقدسين، مثل سليمان وداود ويوسف، وبعد مرور ثلاثة آلاف سنة.
অজানা পৃষ্ঠা