والسر في عدم حكومته في المقام هو : أن دليل القبح إنما يكون في مورد عدم البيان ، وليس البيان من طرف المولى فيما نحن فيه إلا جعل الأحكام في منظر المكلفين ومرآهم ، ولا يحتاج إلى أزيد من ذلك في تمامية البيان ، فبمقتضى قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل يجب التعلم قبلا ، فتأمل.
وأما ما لا يقدر على الاحتياط في ظرفه فداخل في المقدمات الوجودية المفوتة بل هو عينها.
فظهر أن التعلم ليس خارجا عن المقدمات المفوتة مطلقا كما التزم به شيخنا الأستاذ قدسسره بل إنما يخرج عنها لو كان التكليف به في ظرفه ممكنا لإمكان الاحتياط أو شك في إمكان الاحتياط وعدمه ، وأما لو لم يمكن ، فهو داخل في المقدمات المفوتة قطعا.
وبعد ذلك يقع الكلام في المقدمات المفوتة ، ولا بد من تقديم مقدمتين :
الأولى : أن لنا قاعدة عقلية معروفة ، وهي : أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار، ويستدل بهذه القاعدة في مقامين :
الأول : في رد الأشاعرة القائلين بأن الأفعال الصادرة عن العبيد لا تكون إلا عن قسر وجبر ، بل كل شيء فرض في العالم لا يخلو عن وجهين : إما واجب أو ممتنع ، إذ الشيء إما أن توجد علته التامة ، فيكون ضروري الوجود ، وإما أن لا توجد ، فيكون ممتنع الوجود ولا واسطة في البين ، فأين ممكن الوجود؟ فالموجودات والمعدومات أمرها دائر بين ضرورة الوجود وامتناعه ، وأفعالهم أيضا من هذا القبيل.
والجواب عنه كما عن المتكلمين : أن وجوب الوجود وامتناعه وإن
পৃষ্ঠা ৩৭