202

بقي الكلام في دفع شبهات الأشاعرة القائلين بالجبر وأن العباد مجبورون في أفعالهم ، ولذا أنكروا (1) التحسين والتقبيح عقلا حيث إن موضوعهما الفعل الاختياري لا الجبري ، وتحفظوا بذلك قدرته وسلطنته تعالى ، وأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا يسأل وهم يسألون ، ويدخل من يشاء في نعيمه وإن كان من الفجار ويدخل من يشاء في جحيمه وإن كان من الأبرار بلا قبح في نظر العقل أصلا ، ووقعوا في شبهة إسناد الظلم إليه تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا في قبال المعتزلة القائلين بالتفويض ، وأن يد الله مغلولة ، وأن العباد مختارون في أفعالهم اختيارا تاما بحيث لا يقدر هو تعالى [على] سلبه عنهم ، فتحفظوا بذلك عدله تعالى ، والتحسين والتقبيح العقليين ، ووقعوا في شبهة سلب السلطنة والقدرة عنه تعالى ، فكل تنحى عن طريق الاستقامة ، ووقع في طرف الإفراط والتفريط ، خلافا للفرقة المحقة الاثني عشرية القائلين بالأمر بين الأمرين وأخذوا وتعلموا من أئمتهم صلوات الله عليهم أجمعين ، فتحفظوا بذلك عدله وقدرته تعالى.

فمن الشبهات : ما عن الفخر الرازي من أن الأفعال كلها معلولة للإرادة ، وهي أي نفس الإرادة غير إرادية ، وإلا لزم التسلسل ، فإذا كان علة الفعل أمرا قهريا جبريا ، فلا محالة يكون معلولها أيضا

পৃষ্ঠা ২০৫