فصل
فيمن وفقه الله تعالى، وفهم هذه القاعدة وحققها في ذهنه الصحيح وعقله الراجح، ونور الله قلبه بنور الإسلام، فعرف أن هذا وهم فاسد، وخيال باطل في زخرف من القول وزور، لما دل عليه الكتاب والسنة من قدم الباري تعالى بذاته المقدسة وجميع أسمائه وصفاته، وكان موجودا بوجود قديم يختص به يعلم نفسه ويرى وجوده، وأن وجود الأكوان ليس هو عين وجوده، بل هو وجود محدث لم يفض عليه من ذات وجود الحق شيء، لأن وجود الحق لا يفيض على مخلوق، وهو وجود قائم به سبحانه وتعالى لا ينتقل إلى غيره ولا يحل في سواه، وهو - سبحانه وتعالى - بهذا الأكوان بهذا الوجود المحدث الذي يليق بالأكوان، وهو خلق من خلقه لا من فيض وجوده الذاتي يريد إمداده، فيكون كما قال الله تعالى : (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) [النحل:40]، وليس عين ذلك الذي يجده من الوجود سبحانه وتعالى لم يحدث له لإظهار الكون اسم لم يكن له في قدمه ولا صفة يوصف بها في أزله ، فظهور الأكوان ووجودها لم يزد به سبحانه وتعالى مثقال ذرة من اسم ولا صفة كما أنه لو لم يظهرها لم ينقض بذلك ولم تخف أسماؤه ولا صفاته تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا. وها نحن إن شاء الله تعالى ننقل من كلامه نقل المسطرة بلا زيادة ولا نقصان، ليستدل بذلك على صحة ما بينا من مذهبه ليتفطن له العقلاء والنبلاء الطالبون، ونفرق بين ما يقوله، وبين ما يفسره من كلامه بفاصل يتميز به عنه إن شاء الله تعالى.
পৃষ্ঠা ৩৫