أسماؤه، فصارت غذاء له، وكذلك عنده هو غذاء لها أيضا بالوجود، لأن بوجوده ظهرت ، إذ لولا وجوده الفائض لكانت عدما في حال ثبوتها في عدمها، فلما فاض وجوده الذاتي عليها ظهرت به ، فهي غذاؤه وهو غذاؤها بالوجود. وزيادة بيان لمذهبه البعيد على اصطلاحه: يتصرفون في ربهم لما قبلوه من الوجود بحسب استعدادهم، فالرب تعالى عنده ليس له اختيار في مقادير استعداد كل موجود فيما قبله من الوجود له اختيار بحسب ما اقتضاه استعداده . يدل على ذلك ما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى من كلامه ، وكذلك عنده أن الرب تعالى كما تصرفوا هم فيه يتصرف هو أيضا فيهم في إفاضة وجوده عليهم فقط لا غير ذلك، فكان الحاصل من مجموع هذه الحالة أن الرب تعالى على زعمه كان وحدة مطلقة لا يرى نفسه و لا يعرف إياه ولا يوصف باسم ولا بصفة، حتى رأى نفسه متجلية في الماهيات ، فكان المرآة له رأى وجوده فيها، ولزم من ذلك ظهور الأسماء، ومن قبل كان لا اسم له ولا صفة، بل شيئا مطلقا، لأن الأسماء والصفات هي من لوازم الظهور والوجود، وتعلق الوجود بالموجودات، فباعتبار تعلق كل موجود بالوجود يكون للوجود أسماء بحسبه، فلما أراد سبحانه وتعالى أن يكون له ظهور أفاض وجوده على الماهيات الثابتة في العدم، فظهر بوجوده، فكان هو الظاهر حيث وجوده، وكانت الماهيات هي الظاهرة من حيث أسماؤه.
পৃষ্ঠা ৩৪