وقد روي عن سفيان أيضا وجه آخر أي يستغني عما سواه من الأحاديث، وإلى هذا التأويل ذهب البخاري لقوله عز وجل: {أولم يكفهم, أنآ أنزلنا عليك الكتاب يتلىا عليهم}[العنكبوت:51] والمراد الاستغناء بالقرآن عن أخبار الأمم، قاله أهل التأويل.
وقيل: إن معنى يتغنى به يتحزن به، أي يظهر على قارئه الحزن الذي هو ضد السرور عند قراءته وتلاوته، ذهب إلى هذا جماعة من العلماء منهم الحليمي، وهو قول الليث بن سعيد وأبي عبيد ومحمد بن حيان واحتجوا بما روي عن بعض الصحابة أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ولصدره أزيز <1/20> كأزيز المرجل من البكاء (الأزيز -بزايين- صوت الرعد وغليان القدر) فقالوا: قضى الخبر ببيان واضح أن المراد بهذا الحديث الحزن، وورد عن سعيد بن وقاص عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن هذا القرآن نزل فإذا قرأتموه فابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، وتغنوا به فمن لم يتغن به فليس منا". قال أبو عبيدة: "ومحل الأحاديث التي جاءت في حسن الصوت إنما هو على طريق الحزن والتخويف والتشويق". وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن من أحسن الناس صوتا من إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشى الله".
قوله: «قال الربيع الأجذم» يعني بالذال المعجمة من جذم الرجل بالكسر، قال في الصحاح: "وجذمت الشيء جذما قطعته فهو جذيم، وجذم الرجل بالكسر جذما صار أجذم وهو مقطوع اليد".
পৃষ্ঠা ১৭