القول الثالث، إلا أن عكس هذا القول - أعني عدم حجيته في الأحكام الشرعية بهذا المعنى - لا يكاد يوجد قائل به، لما ستعرف: من أن الأخباريين أيضا يقولون بحجية الاستصحاب فيما شك في بقاء وجوب شئ أو طهارة شئ من جهة الشك في تحقق المانع، مع أن هذا على هذا الاحتمال داخل في الأحكام الشرعية.
وإن كان مراده هو الاحتمال الثالث من الاحتمالات الأربعة، بأن يكون المراد من الحكم الشرعي خصوص الأحكام التكليفية والوضعية، دون مثل الطهارة، ويكون المراد باستصحابه إبقاء الحكم إذا كان الشبهة فيه نفسه، لا في الموضوع، ففيه: أنه يلزم أيضا أن لا يقول هذا القائل - بالقول الثالث - بحجية الاستصحاب في الشك في الطهارة، إذا نشأ من الشك في تحقق البول، لعدم كون الشبهة في الحكم نفسه، بل لعدم كون الطهارة من الأحكام الوضعية .
بل يلزم أن لا يقول هذا القائل بحجية الاستصحاب في صورة الشك في الطهارة من جهة الشك في ناقضية المذي، لان الطهارة والنجاسة على الاحتمال الثاني ليستا من الاحكام، وإن كانت الشبهة في نفس الحكم على فرض كونهما من الاحكام، مع أن صريح كلام نفس المحقق الحاكي هو حجية الاستصحاب في الطهارة والنجاسة.
وإن كان مراده الاحتمال الرابع، ففيه: أنه يلزم منه أيضا أن لا يقول أرباب هذا القول الثالث باستصحاب مثل الطهارة، لأنها ليست حينئذ من الأحكام الشرعية، وقد عرفت أن صريح كلام المحقق الحاكي، هو حجية الاستصحاب المذكور عندهم.
ويلزم أيضا أن يكون الأخباريون - القائلون بعكس هذا القول -
পৃষ্ঠা ৭১