أقول: هذا الوجه - لعدم صحة التمسك بالاستصحاب في إثبات الحكم الشرعي - إن كان مستفادا من كلمات الحنفية فلا كلام لنا معهم، وإن كان توجيها من المصنف رحمه الله عنهم، فهو منه رحمه الله غير وجيه.
أما أولا: فلعدم جريان أصالة عدم الانتقال إلى المفقود في المقام حتى ينافي مقتضى استصحاب البقاء، لان انتقال المال بعد موت المورث إلى شخص - ولو كان هو الامام - مقطوع، لعدم كون الملك، بلا مالك، وإنما الشك في المنتقل إليه هل هو هذا المفقود أو غيره؟ فكلما تقول: الأصل عدم انتقال المال إلى المفقود، فنقول: الأصل عدم انتقاله إلى غيره " فيبقى استصحاب بقاء المفقود - المقتضي لانتقال المال إليه - سليما عن المعارض.
وأما ثانيا: فلانا لو سلمنا عدم معارض لأصالة عدم انتقال المال إلى المفقود، فنقول: إن هذا الأصل لا يقوى على معارضة استصحاب البقاء، نظرا إلى أن استصحاب البقاء استصحاب في الموضوع، وذلك استصحاب في الحكم، والأول مقدم على الثاني، نظرا إلى أن الشك في الثاني مسبب وناشئ عن الشك في الأول، وأن ثبوت الأول مستلزم لخلاف الثاني، إذ بعد ثبوت حياة المفقود بالاستصحاب، فيستلزم (1) ذلك ثبوت الانتقال.
بل نقل الاجماع على تقديم الاستصحاب في الموضوع عليه في الحكم.
والظاهر أن الوجه في الاجماع ما ذكرنا، وحاصله: أن استصحاب الموضوع مزيل بالنسبة إلى استصحاب الحكم.
بل يمكن أن يقال: إن استصحاب الحكم غير جار هنا، نظرا إلى أن الشك في الانتقال - ظاهرا وواقعا - لا يوجد في زمان، لما عرفت في تعريف
পৃষ্ঠা ৫২