فصل
ومما ذكر فيه العقوبة على عدم الإيمان قوله تعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام: ١١٠]، وهذا من تمام قوله: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ﴾ الآية [الأنعام: ١٠٩،١١٠]، فذكر أن هذا التقليب إنما حصل لقلوبهم لما لم يؤمنوا به أول مرة، وهذا عدم الإيمان.
لكن يقال: إنما كان هذا بعد دعوة الرسول لهم، وهم قد تركوا الإيمان، وكذبوا الرسول، وهذه أمور وجودية، لكن الموجب للعذاب هو عدم الإيمان، وما ذكر شرط في التعذيب، بمنزلة إرسال الرسول؛ فإنه قد يشتغل عن الإيمان بما جنسه مباح من أكل وشرب، وبيع وسفر، وغير ذلك وهذا الجنس لا يستحق عليه العقوبة إلا لأنه شغله عن الإيمان الواجب عليه.
ومن الناس من يقول: ضد الإيمان هو تركه، وهو أمر وجودي، لا ضد له إلا ذلك.
فصل
الفرق السابع: من الحسنات والسيئات التي تتناول الأعمال والجزاء في كون هذه تضاف إلى النفس، وتلك تضاف إلى الله: أن السيئات التي تصيب الإنسان وهي مصائب الدنيا والآخرة ليس لها سبب إلا ذنبه الذي هو من نفسه، فانحصرت في نفسه.
1 / 97