والعبد إذا اعترف وأقر بأن الله خالق أفعاله كلها، فهو على وجهين: إن اعترف به إقرارًا بخلق الله كل شيء، بقدرته ونفوذ مشيئته، وإقرارًا بكلماته التامات التي لا يجاوزهن بَرٌّ ولا فاجر، واعترافا بفقره وحاجته إلى الله، وأنه إن لم يهده فهو ضال، وإن لم يتب عليه فهو مصر، وإن لم يغفر له فهو هالك خضع لعزته وحكمته فهذا حال المؤمنين الذين يرحمهم الله، ويهديهم ويوفقهم لطاعته.
وإن قال ذلك احتجاجًا على الرب، ودفعًا للأمر والنهي عنه، وإقامة لعذر نفسه - فهذا ذنب أعظم من الأول. وهذا من أتباع الشيطان، ولا يزيده ذلك إلا شرًا، وقد ذكرنا أن الرب سبحانه محمود لنفسه ولإحسانه إلى خلقه؛ ولذلك هو يستحق المحبة لنفسه ولإحسانه إلى عباده، ويستحق أن يرضى العبد بقضائه؛ لأن حكمه عدل لا يفعل إلا خيرًا وعدلا، ولأنه لا يقضى للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له " إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له ".
فالمؤمن يرضى بقضائه لما يستحقه الرب لنفسه من الحمد والثناء ولأنه محسن إلى المؤمن.
وما تسأله طائفة من الناس، وهو أنه ﷺ قال: " لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له ". وقد قضى عليه بالسيئات الموجبة للعقاب، فكيف يكون ذلك خيرًا؟
وعنه جوابان:
أحدهما: أن أعمال العباد لم تدخل في الحديث، وإنما دخل فيه ما يصيب
1 / 81