নীল ব্যাগ: একটি আধুনিক সাহিত্যিক প্রেমের উপন্যাস
الحقيبة الزرقاء: رواية عصرية أدبية غرامية
জনগুলি
وبعد ذلك طلبت جريدة التيمس إلى إدورد أن يكون بين محرريها الكبار، فرضي على شرط أن يبيع مقالاته لا أن يأخذ ماهية شهرية، وفي عهد قصير اشتهر كاتبا سياسيا كما اشتهر شاعرا، وصارت الجرائد تغريه بالأثمان الباهظة لمقالاته، فاجتهد في دراسة السياسة وقد استكد قواه في دراستها ما وضعه نصب عينيه من أمل الارتقاء في سلمها؛ حتى يبلغ إلى قمتها ويتبوأ منصبا في الحكومة.
ذاق إدورد الذل والهوان أسبوعا واحدا، وبعده أصبح عزيزا وفير الدخل جدا؛ حتى إنه دفع لخاله في ذلك العام ما يساوي كل نفقاته عليه في العشرين سنة التي غبرت، ومع كل ذلك ظل مصمما على أن يدفع له طول حياته كل ما زاد على نفقاته، وكل ما يزيد عليها يبلغ أضعاف أضعافها، وأما المستر هوكر فكان يودعها في البنك الاقتصادي باسم إدورد.
هذا من حيث غنى إدورد، وأما من حيث جاهه فقد أصبح ذا مكانة سامية في أندية الكبراء والشرفاء، وكان يشار إليه بالبنان. أما اللايدي بنتن فما زالت لذلك العهد تأبى أقل صلة به، ولكنها في المجالس العمومية لم تكن لتنكر مكانته الأدبية والاجتماعية، ولا استنكفت أن تمدح ذكاءه ونبالة نفسه؛ حتى كان يستدل أنها توده، وأما إباءتها أن يدخل قصرها أو أن يكون صديقا لأحد من أسرتها فكانت سرا مكنونا.
وأما لويزا فكانت فرحة جدا بارتقاء إدورد حبيبها، ومؤملة نتيجة سعيدة لها من جراء بلوغه إلى قمة المجد التي كان يرقى إليها بسرعة. وكانت كل حين بعد آخر تراه في المحافل العمومية، ولا تجسر أن تكلمه أمام أمها، ولكنها كانت تغنم الفرص الموافقة للقائه وبث عواطفها نحوه، كأنها بتلك الاجتماعات تلقم وطيس حبه وقيدا؛ لتزيد قواه في السعي إلى العلا وطلاب المجد.
أما أليس ابنة خاله، فلما رأت أنها كلما تقربت منه وتحببت إليه زادته ابتعادا عنها، وأن ضغط أبيها عليه نفره حتى هجر البيت، وأنه كلف بحب اللايدي لويزا بنتن. قالت في نفسها: «حتى متى أترامى عليه؟» وجعلت تلك الغيرة تتحول إلى كره شيئا فشيئا؛ حتى زالت تماما وساد الكره مكانها برهة قصيرة، ثم جعل الكره ينقشع شيئا فشيئا عن صفاء فؤادها حتى انجلى عن الحب الأخوي الثابت، فصارت تتوق أن تراه في البيت كأخ. وفي ذات يوم كانت وأبوها في الحديقة يتمشيان، فقالت: يا أبتاه، ألم تشتق إلى إدورد؟ - جدا يا ابنتي. - ولماذا لا تراضيه، وتدعوه كل يوم بعد آخر؟ - راعيت عواطفك بذلك، فإني كنت أظن أنك أصبحت تكرهينه لأجل إعراضه عنك ومجافاته لك وخشونته في معاملتك. - كنت أكرهه كما ظننت، ولكن لم يدم هذا الكره فصرت أتوق إليه كأخ، سامحه يا أبي وادعه فإن البيت قاتم بدونه، لم أعد ألومه على إعراضه؛ إذ اقتنعت الآن أن قلب الإنسان ليس في يده ليهبه متى شاء لمن شاء.
فتأثر المستر هوكر من كلام ابنته الصادر عن فؤاد كله طيبة، ولكن بقي في قلبه سحابة خفيفة من الحقد على إدورد؛ لأنه بعناده خيب كل آماله الكبيرة التي ظل يحلم بها عشرين سنة، على أنه مع ذلك غلبت عواطفه الرقيقة على حقده، وسعى إلى مراضاة ابن أخته. ولكن كان إدورد قد ارتقى في سلم نجاحه وازداد جفاؤه لخاله بعد الفراق الطويل، فلما تقابلا تعاتبا قليلا وتصافيا، وزار إدورد بيت خاله، ولكنه إذ أصبح لذلك العهد في شواغل وشئون صحافية وسياسية لم يتسن له أن يزوره إلا كل أسبوع مرة زيارة قصيرة.
الفصل السابع عشر
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
على أن إدورد رأى أن بلوغه إلى قمة المجد الذي يبتغيه - إن كان ممكنا - غير قريب، بل لابد له من أعوام، فلم يطق صبرا طويلا على إمساك لويزا عنه وكتمان هواهما؛ فجعل يفكر عساه يجد حلا قريب المنال لهذه المسألة، فكان لا يتوسد فراشه إلا وهو يهجس فيها. وقد خطرت له وسائل عديدة لمبتغاه، ولكنها تراءت له كلها عقيمة أو صعبة، ومما خطر له أن يبحث عن نسبه لعله يتوصل منه إلى ما يشفي غله، ولكن هذا الخاطر كان أعقم خواطره، بل رآه غرورا وسخافة فيما يتعلق ببغيته، على أنه تذكر في ذات ليلة حديثه مع المستر جاكوب داي صاحب الحانوت الذي ضمد جرحه، وذكر قوله له أن يبحث عن نسبه من قبيل العلم بالشيء؛ فهاجت هذه الملاحظة خاطره، ومال شيئا فشيئا إلى البحث؛ حتى اشتد فيه هذا الميل وصار يفكر في كيف يبحث ومن يسأل. ولا ريب أن يخطر له أيضا أن ذلك الشيخ الحانوتي يعرف شيئا عن نسبه، ولكنه يكتمه لسبب وإلا لما نبهه إليه، فعزم على أن يقصد إليه ويتسقط منه ما يعرفه من الأخبار من هذا القبيل إن كان يعرف شيئا.
وفي اليوم التالي كان إدورد يتنزه على ظهر جواده كعادته في عصر أحد الأيام، فمر بحانوت المستر جاكوب داي، فلما رآه الشيخ خرج من حانوته، وترحب به وألح عليه أن ينزل على ظهر جواده ويستريح ريثما يشرب كأسا من الشراب، فنزل وقعدا يتحدثان. - سمعت أنك تشتغل في السياسة الآن يا بني. - نعم. - مستقبل مجيد إن شاء الله. ولماذا خاصمت خالك؟ - من قال لك؟! - أنسيت أن ابني هنري خادم عنده، وقد عرف كل شيء حتى ما لا يمكن أن يعرفه الخدم وهو يأتي في الأسبوع يوما، ويسرد لي كل ما يعرف. - ماذا عرف؟ - عرف أن خالك عرض عليك أن تتزوج ابنته أليس فتتمتع بمال ومجد معا، وأنك ضحيت المال والمجد لأجل حب فتاة بعيدة المنال، وأنك افترقت عن خالك وتفيه الآن أمواله التي أنفقها عليك؛ لكيلا يبقى له سبيل لإغرائك على إنجاز أمنيته ...
অজানা পৃষ্ঠা