198

হামায়ান যাদ

هميان الزاد إلى دار المعاد

জনগুলি

ثم ردهم إلا روح عيسى لم يردها بل حفظها، إلى أن قدر أن تحمل مريم، فأرسل جبريل بروح عيسى فنفخ فحملت. وقد يجاب بأن المراد لم يكن فى أصلاب جماعة الرجال العامة، أما رجل واحد نبى أو رسول فلا ضير به، ولو تصور تضمن أنبياء كثيرة له لم يضر ذلك. ويبحث أيضا بأن مريم لما رأت جبريل بصورة شاب يتبادر أنه نزل منه الماء إلى رحمها وهى قد كانت فى أصلاب الرجال، فقد كان فيها بكون أمه فيها إلا أن يجاب بأنه لم ينزل لها ماء، ويبحث أيضا بأن المشهور أنها تحيض، ويجاب بأنه قول، وعدم حيضها قول، فلا يرد قول بمجرد قول.

ويبحث أيضا بأنه كان فى أرحام الحوائض بكون أمه فى أرحام الحوائض، إلا أن يقال بأنه لم ينزل لها ماء كما مر، وبيان تأييد الله جل وعلا، عيسى عليه السلام بجبريل، أن جبريل أمره الله ألا يفارقه وأن يسدده، فكان كذلك فلم يفارقه حتى صعد هو به إلى السماء. وقال ابن زيد روح القدس هو الإنجيل كما سمى الله تعالى القرآن روحا، وقال ابن عباس هو اسم الله الأعظم الذى كان يحيى به الموتى بإذن الله عز وجل، وإضافة الإنجيل أو الاسم الأعظم للقدس تشريف، والقدس الطهارة من النقائص أو اسم الله أو الإضافة من إضافة الموصوف للصفة، كما مر من القولين الأخيرين أيضا. قال أبو عمرو الدانى قرأ ابن كثير القدس مخففا حيث وقع، يعنى مسكن الدال والباقون مثقلا يعنى مشدد الدال. قال الكلبى ولما سمعت اليهود بذكر عيسى وبيانه فى هذه الآية قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا مثل ما جاء به موسى جئنا به، ولا مثل ما عمل عيسى كما تزعم عملت، ولا كما نقص علينا من أخبار الأنبياء فعلت فائتنا بما أتى به عيسى إن كنت صادقا، وفى رواية إسقاط ذكر موسى، فنزل قوله تعالى { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون } ولما تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك سكتوا وعرفوا أنه الوحى من الله عز وجل، عيرهم بما فعلوا. والهمزة للاستفهام التوبيخى وفيها تعجب من شأنهم، وهى فى المعنى داخلة على قوله استكبرتم، فهو محط الاستفهام، لكن فصل بينهما بقوله { أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم } والفاء للاستئناف مقدمة على الهمزة فى الأصل، ولكن أخرت لتمام صدارة الهمزة، وكذا تقول إن جعلت الفاء عاطفة على محذوف معطوف على محذوف، أى ولقد آتينا أنبياءكم ما آتيناهم ففعلتم ما فعلتم، أفكلما.. إلخ بعطف الاستفهام على الأخبار، وكذا يجوز العطف على ولقد آتينا موسى الكتاب، وليس كما قيل إن الهمزة فى مكانها إذا جعلت الفاء للاستئناف، فإن حكم فاء الاستئناف فى ذلك حكم فاء العطف، ولو لم يذكروه، بل أصل فاء الاستئناف العطف وكذا واو الاستئناف، ولذا لا يؤتى بهما للاستئناف فى أول كلام لم يسبقه شئ مذكور ولا مقدر، وكل ظرف زمان متعلق باستكبرتم، وذلك أنه أضيف للمصدر النائب عن اسم الزمان وهو المجئ، فإن ما مصدرية، وجاء فى تأويل مصدر مضاف إليه، وتهوى بفتح الواو بمعنى تحب وماضيه هوى بكسرها وأكثر ما يستعمل شرعا فيما ليس بحق وأما لغة فيستعمل فى الحق والباطل والمباح وهو حق، وفى كل شئ، وأما السقوط فيقول فيه هوى بفتحها يهوى بكسرها، أى بما لا تحبه أنفسكم من الحق ومعنى استكبرتم تعظمتم وترفعتم عن الإيمان بالحق، واتباع الرسول الذى جاءكم فى أى حين جاءكم، والفريق الذين كذبوا كموسى وعيسى ومحمد وغيرهم، وما جاء رسول إلا كذبوا به كما هو نص الآية، والفاء فى قوله ففريقا للاستئناف استؤنف بها كذبتم، وتقتلون، وفيما بعدها من الجملتين تفصيل لما تضمنه الاستكبار، وعاطفة على استكبرتم وهى للتفصيل أيضا أو عاطفة سببية، بمعنى أن ما بعدها من التكذيب والقتل مسبب عن الاستكبار المذكور قبلها، والمعطوف هو جملة كذبتم وتقتلون، والفريق الذى يقتلون كزكريا ويحيى وعدد كثير، روى أنهم قتلوا ثلثمائة نبى فى يوم واحد، ثم قامت سوق بقلهم آخر النهار، وفى رواية يقتلون ثلثمائة نبى فى اليوم الواحد، ثم تقول سوق البقل آخره، وهذه الرواية تدل على تعدد قتل هذا العدد فى أيام.

وروى أنهم قتلوا فى يوم واحد سبعين نبيا، وقامت سوق بقلهم آخر النهار، ويمكن الجمع عندى بأن السبعين أنبياء رسل وثلثمائة أنبياء غير رسل أو أنبياء فيهم رسل، وتقتلون مضارع بمعنى الماضى، أو شبه القتل الماضى المنقطع الذى لا يرى بالقتل الحاضر المشاهد لتحقق وقوعه كتحقق المشاهد، فعبر عنه بالمضارع الدال على الحال، أو شبه هذا الزمان الذى نزلت فيه الآية بذلك الزمان الذى وقع فيه القتل، كأنه زمان حاضر يشاهد ما وقع فيه من القتل، فإن الحاضر أوقع فى النفس، فمعاينة القتل أشد على النفس وهو فى نفسه أفظع، وأما حكايته فدون ذلك ولو اطمأن القلب، وفى ذلك مراعاة الفواصل، فإنها النون آخرها قبله واو أو ياء، ولو قال قلتم لم يكن ذلك، ويجوز كونه للحال الحاضرة باعتبار أنهم إلى زمان النزول على ذلك الطغيان، فكم تشاوروا فى قتل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكم عدد تصدى لقتله، وقد سحروه، حتى نزلت المعوذتان عصمة له، حتى سمته يهودية فى ذراع شاة حين فتح خيبر، فمات رجل أجل منها، وكانت سبب موت رسول الله صلى الله عليه وسلم مكثت فيه مضرة أكله منها سنين، يتوجع بها تارة وتسكن أخرى حتى مات بها، فجمع الله تعالى له النبوة والشهادة، قال صلى الله عليه وسلم

" ما زالت أكلة خيبر تعاودنى فهذا أوان قطعت أبهرى "

ثم سمت له اليهودية الشا ة وكم سام الشقوة الأشقياء

وذلك كله لحبهم الدنيا، فلا ترى أحب للدنيا من اليهود فيما يظهر لى مالها وجاهها، كانوا كلما جاءهم رسول بما لا يحبون مما خالف شهواتهم كذبوه وقتلوه إن تهيأ لهم قتله، وإلا كذبوه، وقد قصدوا عيسى بالقتل فنجاه الله إليه بعد ما عملوا فى قتله، وعالجوا حتى قتلوا أخاهم قبحهم الله وقيل قتلوا مؤمنا ألقى عليه الشبه إكراما له.

[2.88]

{ وقالوا } لرسول الله صلى الله عليه وسلم. { قلوبنا غلف } مغطاة بأغطية خلقت عليها فلا يصل إليها ما تقول يا محمد ولا نفقه، وهذا كذب منهم بل ذل قلوبهم وفهموه حقا ولم تخلق عليهم أغطية وجحدوه عمدا، ويحتمل أن يكونوا قالوا ذلك عنادا ظاهرا وجحودا مواجها، بمعنى أن قلوبهم لم تقبل ما جاء به، ولو كان حقا. ويحتمل أن يكون ذلك كناية عن أنهم لا يقبلون كلامه، ولو قبلته قلوبهم وكان حقا، ويحتمل أن يكون المعنى أن قلوبهم تأبى قبول ما قال، لكونه خطأ فذلك كناية منهم قبحهم الله عن أن ما يقول ليس بحق، وأنه لو كان حقا لأثر فى قلوبهم. وإن قلت كيف صح الاحتمال الذى قبل هذا، مع أن لفظ قلوبنا غلف ينافيه؟ قلت صح لأنه لا يلزم استعمال الكناية فى المعنى الحقيقى مع لازمه، بل تستعمل فيها تارة وتستعمل فى لازمة فقط أخرى، وعدم قبول كلام الإنسان فى الجملة يجوز أن يكون عن كون قلب السامع مغطى، والغلف جمع أغلف، والأغلف الذى لم يختن، استعير للقلب المغطى بجامع كون الستر على كل من القلب بما غطى به فى زعمهم، ومن رأس الذكر بالغفلة التى يقطعها الخاتن، ولذلك صح ذلك الجمع هنا ومفرده فإن أفعل وفعلا فيما هو خلقه أو لون كأبكم وبكم وأحمر وحمر، قال الحسن غلف قلف لم تختن، لقولك يا محمد، وقال ابن مجاهد عن أبيه غلف أى فى أكنة، والمعنى واحد، لأن هذا معنى لفظ الاستعارة فى كلام الحسن، وتفسير الغلف بالمغطاة مروى عن ابن عباس، وهو أيضا معنى ذلك اللفظ، وذلك كقوله

قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه

وفى رواية عن ابن عباس أن الغلف جماعة، والواحد غلاف وأصله غلف بضم اللام كالغين سكن تخفيفا، وقد روى عن أبى عمر شذوذا بضم اللام كالغين على أصل، وإن المعنى إن قلوبنا أوعية للعلم لا تسمع علما إلا وعنه، ولا تعى ما تقول لأنه ليس حقا، وقيل قلوبنا أوعية للعلم مملوءة به، مستغنية عما تقول قال الله عز وجل ردا عليهم { بل لعنتم الله بكفرهم } أى لم يخلق الله غطاء على قلوبهم مانعا من فهم ما يقول محمد. وقبوله وإنما خلقهم على الفطرة والتمكن من فهمه وقبوله ولذلك عصوا بمخالفة التوراة فكفروا فأبعدهم الله بكفرهم الموجب للإبعاد عن قبوله وفهمه، فذلك خذلان فبطل تمكنهم بسوء اختيارهم مخالفة التوراة وذلك جزاء على الذنب بذنب أعظم منه، ويجوز أن يكون لما زعموا أن قلوبهم ممتنعة من قبوله وفهمه لكونه غير صواب، رد الله تعالى عليهم بأنها لم تمتنع لكونه غير صواب، لأنه صواب، بل امتنعت للخذلان الذى جره كفرهم السابق من مخالفة أمر التوراة، كقوله { يضل من يشاء } وقوله

অজানা পৃষ্ঠা