فمن تبع هداى فلا خوف...
إلخ وهو نقيضه فى المعنى، كأنه قيل ومن لم يتبعه بل كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك أصحاب النار يصحبونها يوم القيامة، وهم أهلها من الآن.
فالمراد بالصحبة الاقتران بها يوم القيامة، أو التأهل لها من الآن، والصحة فى الأصل الاقتران بالشىء، فى حالة ما زمانا طويلا دائما أو غير دائم أو قصيرا أو المراد هنا الدوام. { هم فيها خالدون } ماكثون مكثا طويلا، ودلت الآيات المصرح فيها بالأبدية والأحاديث، على أنه مكث دائم، وكذلك فساق الموحدين، لأن المكلف إما شاكر وإما كفور، لقوله تعالى
إما شاكرا وإما كفورا
والفاسق ليس شاكرا فهو كفور. وقد قال جل وعلا
إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا
وقال
والكافرون هم الظالمون
ولا يدل قوله { هم فيها خالدون } على أن الفاسق لا يدوم فيها، لأن الخلود ليس نصا فى الدوام، لأنه لم يقل هم فيها الخالدون، أو هم الخالدون فيها. والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم، واعلم أن الله - جل وعلا - عدد النعم العامة فى هذه الآيات ليقرر بها دلائل التوحيد والنبوة والمعاد المذكورة، قيل ويؤكدها بها. أما تقرير التوحيد بها وتأكيده فمن حيث إن تلك النعم صنع حادثة محكمة تدل على صانع لها حكيم لا يشارك وأما تقرير النبوة بها وتأكيدها فمن حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بها على وفق ما فى الكتب السابقة، مع أنه لا يقرأ كتابه ولا يجالس من يعلم الكتب السابقة، فذلك معجزة، وأما تقرير الميعاد بها وتأكيده، فمن حيث إنها مشتملة على خلق الإنسان وأصله، وما هو أعظم، فدلت على أنه قادر على البعث كما هو قادر على الإبداء، ولما خاطب بذلك كله الناس كلهم، العرب وهم أشرف، وغير العرب، خاطب أهل الكتاب بأن يذكروا ما أنعم الله - عز وجل - عليهم به، فيروا أن فيهم نعما فلا يحسد سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - على ما له من النعم، فلا يحملهم الحسد على الكفر به - صلى الله عليه وسلم - لأن الإنسان مطبوع على الحسد والغيرة. فإذا استشعر ما عنده من النعم، لم يسخط بما عند غيره منها، وبأن يوفوا بما عاهدهم الله - عز وجل - من اتباع الحق والحجج البينة فيؤمنوا به - صلى الله عليه وسلم - لما معه من الحق والحجج البينة، فيكونوا أول من به وبكتابه ووحيه، لما معهم من العهد والعلم بذلك، فقال { يا بنى إسرائيل }.
[2.40]
অজানা পৃষ্ঠা