وكان الإنسان عجولا
ولما وصلت الروح إلى جوفه اشتهى الطعام، فهو أول حرص دخل على آدم فى جسده. وفى بعض الأخبار أن آدم - عليه السلام - لما قال له ربه عز وجل يرحمك الله، مد آدم يده ووضعها على أم رأسه، وقال أواه، فقال الله تعالى ما لك يا آدم؟ فقال إنى أذنبت ذنبا، فقال له ومن أين علمت ذلك؟ فقال إن الرحمة للمذنبين. فصار ذلك سنة فى أولاده، إذا أصابت أحدهم مصيبة أو محنة، وضع يده على رأسه وتأوه. ثم انتشرت الروح فى جسده كله، فصار لحما ودما وعظما وعروقا وعصبا، ثم كساه الله - تعالى - لباسا من ظفر يزداد كل يوم حسنا فلما قارف الذنب بدل بهذا الجلد، وأبقيت منه بقية فى أنامله ليتذكر به أول حاله. قال عبد الله بن الحارث كانت الدواب تتكلم قبل خلق آدم - عليه السلام - وكان النسر يأتى الحوت فى البحر فيخبره بما فى البر، ويخبره الحوت بما فى البحر. فلما خلق الله آدم جاء النسر إلى الحوت وقال لقد خلق اليوم خلق ليزيلنى من وكرى، وليخرجنك من البحر. وفى رواية له قبض وبسط ولما نفخ الروح فيه قرطه الله وشنفه، وصوره وختمه ومنطقه، ألبسه من لباس الجنة، وزينه بأنواع الزينة، يخرج من ثناياه نور كشعاع الشمس، ونور محمد - صلى الله عليه وسلم - يلمع من جبينه، كالقمر ليلة البدر. ثم رفعه الملائكة فوق سرير على أكتافهم بأمر الله - عز وجل - وقال لهم طوفوا به فى سماواتى ليرى عجائبها وما فيها وليزداد يقينا. وقالت الملائكة لبيك ربنا سمعنا وأطعنا، فحملته الملائكة على أعناقها، فطافت به الملائكة السماوات مقدار مائة عام، حتى وقفوا به على كل شىء من آياتها وعجائبها. ثم خلق الله فرسا من المسك الأذفر، يقال له الميمون له جناحان من الدر والمرجان، فركبه آدم - عليه السلام - وجبريل أخذ بلجامه، وميكائيل عن يمينه، وإسرافيل عن يساره، وآدم عليه السلام يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال الله - عز وجل - يا آدم هذه تحيتك وتحية المؤمنين من ذريتك فيما بينهم إلى يوم القيامة. وروى أن الله - جل وعلا - قال للأرض إنى أخلق منك خلقا منهم من يطيعنى، ومن يعصينى، فمن أطاعنى أدخلته الجنة، ومن عصانى أدخلته النار.
فبكت الأرض فانفجرت منها العيون إلى يوم القيامة. وروى أنه لما أخذ منها عزرائيل قبضة وصعد منها إلى السماء، سأله ربه - عز وجل - وهو أعلم عما صنع، فأخبره بما قالت الأرض وبما رد عليها، فقال الله عز وجل وعزتى وجلالى لأخلقن مما جعلت به خلقا، ولأسلطنك على قبض أرواحهم، لقلة رحمتك. وإن عدو الله إبليس رآه أجوف فقال هذا خلق لا يتمالك، أى لا يكون ملكا، أو لا يستقل من الطعام والشراب، بل يحتاج إليهما. وإنه لما وصلت الروح منخريه عطس، ولما بلغت لسانه قال الحمد لله رب العالمين، وهى أول كلمة قالها، فناداه الله تعالى رحمك الله يا أبا محمد، ولهذا خلقتك. وجعل فى رأسه سبعة أبواب وهن الأذنان يسمع بهما، والعينان يبصر بهما والمنخران يشم بهمان والفم وفيه اللسان يتكلم به، والأسنان يطحن بهما، وبتاتين فى أسفل جسده وهما القبل والدبر، يخرج منهما ثفل طعامه وشرابه. وجعل عقله فى دماغه، وفكرته فى قلبه، وشرهه فى كلوتيه، وغضبه فى كبده، ورعبه فى رئته، وضحكه فى طحاله، وفرحه فى وجهه. فسبحان من جعله يسمع بعظم، ويبصر بشحم وينطق بلحم. قال صلى الله عليه وسلم
" خلق الله آدم عليه السلام وطوله ستين ذراعا، ثم قال اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة، فاستمع ما يجيبونك فإنه تحيتك وتحية ذريتك. فقال السلام عليكم، فقال السلام عليك ورحمة الله. وكل من يدخل الجنة على صورة آدم "
رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة. قال فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن. قال ابن عباس رضى الله عنهما كان جسد آدم ملقى بين مكة والطائف لا روح فيه، فمر عليه إبليس فقال لأمر خلق هذا. ولما أسكنه الله سبحانه وتعالى الجنة، لم يكن فيها من يجالسه ويؤانسه، فألقى الله تعالى عليه النوم فنام فأخذ الله ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر، يقال له القصير فخلق منه حواء من غير أن أحس آدم بذلك، ولا وجد له ألما. ولو ألم آدم من ذلك لما عطف رجل على امرأة أبدا، ثم ألبسها من لباس الجنة، وزينها بأنواع الزينة، وأجلسها عند رأسه. فلما انتبه من نومه رآها قاعدة عند رأسه، فقالت الملائكة لآدم يمتحنون علمه ما هذه يا آدم؟.. قال امرأة، قالوا وما اسمها؟.. قال اسمها حواء، قالوا ولم سميت بذلك؟ قال لأنها خلقت من شىء حى. قالوا ولماذا خلقها الله؟ قال لتسكن إلى وأسكن إليها. فذلك قوله تعالى
وجعل منها زوجها ليسكن إليها
قال صلى الله عليه وسلم
" خلقت المرأة من ضلع أعوج، فإن تقومها تكسرها، وإن تركتها تنتفع بها على عوجها "
ويقال الحكمة فى الرجال، يزدادون على ممر الأيام والليالى حسنا وجمالا، والنساء يزددن على مر الأيام قبحا، إنهن خلقن من اللحم، واللحم على مر الأيام يفسد. وفى بعض الأقاصيص أن آدم - عليه السلام - لما رأى حواء مد يده إليها، قالت الملائكة مه يا آدم. قال ولم وقد خلقها الله لى؟ قالت الملائكة حتى تؤدى مهرها، قال وما مهرها؟ قالوا أن تصلى على محمد ثلاث مرات، قال ومن محمد؟ قالوا آخر الأنبياء من ولدك، لولا محمد ما خلقت. وروى سعيد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إذا أراد الله أن يخلق جارية، بعث إليها ملكين أصفرين بالدر والياقوت، فيضع أحدهما يده على رأسها، ويضع أحدهما يده على رجليها، ويقولان بسم الله ربنا وربك الله، ضعيفة خلقت من ضعيف، ينفق عليها إلى يوم القيامة "
অজানা পৃষ্ঠা