فلما سمعت ذكر الخطر أجابته والبكاء يخنق صوتها: «نعم أخاف عليك الخطر، ولكن ليس في مكة فقط بل ...» وشرقت بالدمع فانقطع صوتها.
فتقطع قلب حسن ومد يده فأمسك أناملها، وهي أول مرة قبض فيها على تلك الأنامل، فأحس برعشة تملكته وقال لها: «ماذا؟ قولي يا سمية، يا ملكة قلبي، هل تخافين علي أحدا في هذه المدينة أيضا؟ إنك ما دمت لي لا تحبين سواي فلست أبالي بعد ذلك إذا كان أهل الأرض كلهم أعدائي!»
قالت: «وإذا كنت أنا عدوتك؟»
فحمل منها ذلك على قصد المزاح وقال لها: «إذا كنت أنت عدوتي فلا غرض لي في الحياة. بالله قولي ما في نفسك. ممن تخافين علي؟ فأريك دمه مسفوكا ولو كان حوله جيش جرار. قولي.»
فتنهدت ومسحت دموعها بطرف نقابها وهي تقول: «لا أريد أن أرى دمه مسفوكا.»
فتعجب وقال: «وماذا إذن؟ أفصحي يا سمية. قولي. ممن تخافين علي؟ فقد نفد صبري وطال تأخري عن الخروج من المدينة ولي صديق ينتظرني في الخارج. قولي.»
قالت: «إني أعد قولي عقوقا مني، ولكنني أسيرة حبك لا أرى لي حياة إلا بك.»
فقطع حسن كلامها وقد أدرك ما تريده فقال: «قد فهمت ما تريدين، إنك تخافين على من أبي، أليس كذلك؟»
قالت: «نعم.» واستغرقت في البكاء حتى كاد يغمى عليها، وكان هو ما زال ممسكا بيسراها، فأمسك بيدها الأخرى وقال لها: «ولا هذا يهمني ما دمت تحبينني. هل تحبينني يا سمية؟»
فصعدت الزفرات ولم تجب، فقال: «فإذا كنا متحابين فمن ذا يحول بيننا؟»
অজানা পৃষ্ঠা