فقالت ليلى: «إذا شاقك ذلك فعليك بوادي القرى إنه قريب منكم وفيه بنو عذرة الذين تضرب بعفتهم الأمثال، وفيهم جميل بثينة، وكثير عزة، وغيرهما.»
فضحكت عزة، ورأت الرجوع إلى الغناء، فأخذت فيه وهي تنقر الدف، فطربت ليلى وطرب طويس. ثم استبدلت بالدف عودا عزفت عليه وغنت ألحانا شجية، وكانت ليلى في أثناء الغناء تطرق وتستغرق في التأمل، كأنها تفكر في أمر ذي بال، فلما رأت عزة فرغت من غنائها قالت لها: «لقد أطربتنا يا عزة بغنائك، وعندي أمر أحب أن أسره إليك، فهل تسمحين بخلوة؟»
فلما سمع طويس كلامها خرج مسرعا وأغلق الباب وراءه.
واقتربت ليلى من عزة حتى جلست بجانبها وقالت بصوت يقرب أن يكون همسا: «أتعرفين رملة بنت الزبير؟»
قالت عزة: «كيف لا أعرفها وهي أخت عبد الله بن الزبير اللائذ بالحرمين وهو محصور في الكعبة الآن!»
قالت: «محصور؟ ومن حصره؟»
قالت عزة: «إنه أقام بالحرمين يدعو الناس إلى البيعة له منذ توفي معاوية وتولى الخلافة ابنه يزيد سنة 60ه، ولم يقو أمره إلا بعد مقتل الحسين وموت يزيد، وهو الآن ينكر الخلافة على عبد الملك بن مروان خليفة بني أمية بدمشق.»
قالت ليلى: «أعلم ذلك، وأعلم أيضا أن أهل الحجاز بايعوه، وأن الأمويين ينوون قتاله ورده إلى بيعتهم.»
قالت: «ألم تسمعي بقدوم الحجاج بن يوسف الثقفي من الحجاز بأمر عبد الملك لقتال عبد الله في مكة؟»
قالت: «أظنني سمعت شيئا من ذلك قبل خروجي من الشام.»
অজানা পৃষ্ঠা