قالت: «لو أني سمعت لفظ قائله لعرفته ولو كان في غير هذا الشعر. ألم تر أنه يلفظ حرف المضارعة مكسورا مثل أهل بهرا؟»
قال: «أظنني لحظت ذلك فيه، ولكن ماذا في هذا؟»
قالت: «ويلك! هذه ليلى الأخيلية الشاعرة، وهذا الشعر شعرها وهي تكسر حرف المضارعة في لفظها أيضا.»
قال طويس: «إذا كانت هذه هي ليلى فقد تم حظنا؛ لأني أسمع بشعرها وحديثها مع توبة الذي كان يهواها، فهل أدعوها؟»
قالت: «كيف لا وهي صديقتي ويندر أن تنزل إلى المدن إلا لحاجة ماسة؛ لأنها تقطن البادية.»
فأسرع طويس مهرولا حتى أتى الباب ففتحه، ورحب بليلى وجعل ينظر إلى قامتها ويلاحظ مشيتها وهي ملتفة بالعباءة وطولها يندر في النساء. ولكنه لم يتمكن من رؤية وجهها؛ لأنها كانت ما زالت ملثمة، فدخلت البستان وأشارت إلى خادمها أن يدخل الجملين إلى الحظيرة ومشت تخطر في مشيتها وطويس يمشي وراءها ويتأمل قامتها وحسن مشيتها واللثام محيط برأسها ووجهها جميعا.
فلما أقبلت على القاعة نهضت عزة وسارت لاستقبالها عند الباب وهي تقول: «مرحبا بليلى، أهلا بك يا حبيبة. لقد بالغت في الاختفاء حتى أسأنا معاملتك وأخرناك.» قالت ذلك وتناولت وسادة فوق البساط وثنتها وأجلستها عليها.
فقالت ليلى بصوتها الجهوري الذي لا يكاد يشبه أصوات النساء: «لا بأس عليك، وإن لم يكن ذلك ذنبي؛ لأني كنت أحسبك تعرفينني من صوتي ولهجة كلامي.»
كان طويس واقفا بالباب يتشوق لرؤية وجه ليلى، ولكنها بقيت ملثمة لا تلتفت إلى طويس كأنها تتوقع خروجه لتخلو إلى عزة، فأدركت هذه ما في نفسها فقالت: «لا تحتجبي يا ليلى منه، إنه طويس المغني.»
فضحكت ليلى ونظرت إلى طويس وأزاحت اللثام وهي تقول: «أهذا هو طويس المشهور بالشؤم؟ لقد تم سرورنا بلقياه!»
অজানা পৃষ্ঠা