فتطلع عريف الآلهة، فرأى جسدا هائل البطن، وعينين مائعتين بالشر، ويدا مرتفعة، علتها أقذار كأنها برص، وكاد عريف الآلهة أن يبتسم ويمشي؛ إذ استأنف الصوت نأماته: أنا رجلك يا سيدي، أنا طعبروس، أنسيتني؟ ألا تذكر الانتخاب الماضي منذ مليون سنة، كيف كان «أبولو» و«أدونيس» يتخطيانك بالأصوات، وكاد «أبولو»، لو لم أزور لك أصوات الكوكب، حيث كنت رئيس الاقتراع؟ انظر إلى يدي وقد دنست بإثم التزوير! لقد غمستها بالبحر ألف سنة، وغسلتها بحمم البراكين مائة عام، ودفنتها في البحيرة الملتهبة عشرين جيلا، وتمتمت لها تعويذة ديوان المتنبي، وروايات شكسبير، وإلياذة هوميروس، وعلقت في زندي حرزا ملأته بدساتير دول الأرض، وتصريحات يالطا، ونقاط ويلسون الأربع عشرة، وقوانين جمعية الأمم ومنظمة الدول، فما محوت من أقذارها ذرة، وها أنت قد نثرت الوظائف على سواي، وأهملتني أنا الذي وبئ في الجهاد من أجل انتخابك.
وليس آلم على الكبير من معروف سابق يذكره به صغير ...
فعبس عريف الآلهة وأجاب طعبروس: ألم أهبك برميل نفط بعد الانتخاب؟ ولئن كنت ناقما علي، فلم لا تلتحق بصفوف المعارضة؟
قال طعبروس: إني معجب بك يا مولاي، وإني أوثر جهنم الحاكمين التي أعرفها على جنة المعارضة التي لا أعرفها، ثم إن المعارضة لا تملك شيئا تهبه، أما مولاي ...
قال عريف الآلهة: إني آسف لما أنت فيه، ولقد فرقت الوظائف وانتهى الأمر ...
وأجاب طعبروس: أيعجز مولاي عن خلق وظيفة لأحد محاسبيه وهو الذي ملأ الدنيا وظائف؟ وظفني في السلك الخارجي ... أسمع أن دولا كثيرة نشأت في الكرة الأرضية حديثا فهل اعتمدتني لأي منها؟
فهز العريف رأسه وقال: كيف أرضى أن يمثلني شخص موبوء؟!
فأجاب طعبروس: أنسيت يا سيدي أني أملك برميل نفط، وأن هذا السائل من الذهب الأسود مرهم، يلون الأمور والأجساد بألوان زاهية تستحبها الناس؟ ثم إن الطبيب أعطاني وصفة، هي أن آخذ براءة تعييني في الوظيفة فأحرقها، ثم أسحق رمادها فأذره في العيون، فلا ترى بي غير الجميل! إني مؤكد لمولاي أن مرهم النفط ورماد البراءة يجملانني حتى ليخلط البشر بيني وبين أدونيس!
وكان عريف الآلهة من تلك الشخصيات السياسية التي بلغت القمة بعد ألف معركة في الوادي وعلى السفح، ولقد صار من القوة بحيث أمسى في وسعه أن يتناسى الأنصار ورفاق الجهاد، ولكنه نظر إلى طعبروس ثانية وذكر حادثة الكوكب، حيث ترأس طعبروس الاقتراع، وكيف جاءه بصندوق الاقتراع، وفيه 153 مليون صوت للعريف، و35 صوتا لأبولو، و48 لأدونيس.
فابتسم وسرت به رعشة السطوة في القوي إذ يمنح أو يمنع، فصاح برئيس المواصلات أن يسهل لطعبروس سيارة أو «جيب» للكرة الأرضية، فطعبروس ذاهب إلى هناك بصفة غير رسمية؛ عله يحتال بذكائه على أن يخلق طائفة تؤمن به فيكفي بذلك العريف مئونة تعيين إله جديد، وكان وزير المواصلات مكبا على دفتر يقلبه وقد تجمر وجهه، فاقترب من عريف الآلهة وهمس بأذنه: لتتكلم بصوت خافت مخافة أن تسمعنا الصحافة، إن في دفتري قيدا ب 84 سيارة و125 «جيب!» وتذكرون أن سلفي باع أكثرها، ولما نزل نطالبه بثمنها، ثم إن بعضها مخرب، وما بقي فقد أرسلته لاستقبال ابن عمي، وهو راجع من زحل مصطحبا هدية ثمينة لمولاي.
অজানা পৃষ্ঠা