وقالت له أم حسني في مقابلة تالية: لن تكلفك مليما واحدا ..
فأدرك أنه حاز القبول .. وها هي تقترح أن تجهز نفسها وتعد بيتها ولن يطالب إلا بالهين. قالت العجوز: الدبلة والشبكة وبعض النثريات، فهل أقول مبارك؟ - صبرك .. - لها شرط واحد: أن يكون مؤخر الصداق مائة وخمسين جنيها ..
كل شيء جميل ويوافق تماما حرصه. وهو مناسب جدا إذا كان يروم إكمال نصف دينه فقط، ولكن ماذا عن دنياه؟! رغم ذلك غرق في دوامة التفكير ربما بسبب شعوره بتقدم العمر. بسبب الإيحاءات المجهولة التي انثالت عليه من عالم الغيب. بسبب ما لاح له ساخرا وقاسيا وغادرا. بسبب الورود التي لم يتشممها والأنغام التي تتردد بعيدا عن تناول أذنيه. بسبب التقشف والحرمان. ومع ذلك قال لنفسه: أي تفكير وأي تردد؟ .. هراء في هراء .. لن أجن على آخر الزمن!
وتمنى لو تنشأ بينهما علاقة ما. غير مقدسة! ولكنه يلقى رفضا أشد مما لقي لدى سنية. والقبول ليس سعيدا كما يتبادر إلى الذهن. فهو يقتضيه إعداد شقة وتأثيثها. وانقبض قلبه خوفا. وقال لأم حسني ببساطة آخر الأمر: كلا.
فهتفت العجوز: أنت تعني شيئا آخر .. - قلت: كلا .. - أنت لغز يا بني.
فضحك بلا سرور. - ماذا تريد؟ .. ألا تحب جنس النساء؟
فضحك مرة أخرى: غفر الله لك ..
فقالت العجوز: أنا حزينة يا بني ..
فقال لنفسه، بالحزن يتقدس الإنسان ويعد نفسه للفرح الإلهي ..
20
অজানা পৃষ্ঠা