سوأة لك، أيعيد التاريخ نفسه وتكون أنت الصنم الذي تقرب له الذبيحة وعيناه جامدتان تبعثان الرعب والخوف وليس فيهما من كل تلك القدرة الكاذبة إلا جمود ينظر بهزء وتهكم تلك النظرات الميتة؟
عزاء أيتها الجميلة التي يتغذى قلبها من البغض ذلك الغذاء المسموم فينبسط على شبابها خيال موتها ويجعل حياتها نزعا واحتضارا، وتصبح في ظل ذلك الغنى كواطئ ظله في الرمضاء يحسبه الأحمق بارد القدم؛ لأنها في الظل ولا يدري أنه الظل الناري يغطي الجمر بالدخان.
عزاء أيتها الجميلة التي انفرد قلبها في هذه الدنيا الموحشة، وكل محب يرى له قلبا يخفق مع قلبه فكأنه يعيش فيها بقلبين يضاعفان اللذة والسرور في حياته، أما أنت فليس من قلب يخفق بالهوى مع قلبك، حتى ولا قلبك يخفق معك؛ لأنك لا تحسين منه شعور الحياة في هذا الموت.
عزاء عزاء ... فقد كتب لك القدر يا روضة الورد أن يأخذ إليك طريقه المحتطب الجافي الذي يكاد ظل روحه يجعل العشب الأخضر يابسا، فلم يكن له قرار إلا أن تذوى أغصانك وتنتثري أوراقا ذابلة ليملأ منك حبالته غير مبال إلا كما تبالي البهيمة ما عسى أن تزهق من أرواح الزهر حين ترمرم من نبات الأرض
2
وقد هدم منك يا روضة الورد قصر الشفق الأرضي فلا عجب أن تكون روحه لثقلها وظلمتها كأنها قطعة من روح الليل.
ها أنت اليوم يا زينة الآمال كالباب المهدوم بين الماضي الذي كان قصرا وبين المستقبل الذي هو من أنقاض هذا القصر، فما يرى الناظر من هذا الباب إلا كيف تنهدم الحياة وكيف يثور غبارها.
بلى قد يكون شقاؤك مثالا لتبيان حقيقة غامضة يراك الناس في حزنك فيفهمونها، وما أكثر مثلها من حقائق الحياة التي لا تضرب لها الأمثلة إلا من القلوب والأكباد؛ فأخبري الناس من هؤلاء الحمقى والمجانين أن الذي يطلب سعادة نفسه بالغنى ويريد أن يشتريها من الله بالمال الكثير تحويلا على البنك ... إنما هو كذلك الأبله المغرور الذي يستقبل شمس الظهيرة وهو يريد أن يطرح ظله أمامه وتأبى الشمس إلا أن تجعله إلى الوراء فلا يكون لهذا المخدوع بنفسه إلا إحدى اثنتين: إما أن يستدبر الشمس ويجري على قواعد النور في الحقيقة لا في الوهم فيرى الشمس نفسها قد ألقت الظل أمامه كما يريد، وإما أن يمضي على ما تخيل فيكون أمام ظله ولأنفه بعد ذلك الرغم الدغم.
3
ويا الله ما أغلى الحقائق في هذه الدنيا إذا كان من ثمنها مثل هذا الجمال الغض الذي يرخص في شرائه القلب حين ترخص في شراء القلب الحياة.
অজানা পৃষ্ঠা