وقال آخر
ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه ... يدعه ويغلبه على النفس خيمها
وأما الذي يجمع الفضائل والرذائل فهو والذي تكون نفسه الناطقة متوسطة الحال بين اللؤم والكرم وقد تكتسب الأخلاق من معاشرة الاخلاء فإن صلاحها من معاشرة الكرام وفسادها من مخالطة اللئام ورب طبع كريم أفسدته معاشرة الأشرار وطبع لئيم أصلحته مصاحبة الأخيار وقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال يحشر المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل وقال علي ﵁ لولده الحسن الأخ رقعة في ثوبك فانظر بم ترقعه وقال بعض الحكماء في وصية لولده يا بني احذر مقارنة ذوي الطباع المرذولة لئلا يسرق طباعك من طباعهم وأنت لا تشعر ثم أنشد
واصحب الأخيار وارغب فيهم ... ربّ من صاحبته مثل الجرب
فإذا كان الخليل كريم الأخلاق حسن السيرة طاهر السريرة فبه في محاسن الشيم يقتدي وبنجم رشده في طرق المكارم يهتدي. وإذا كان سيء الأعمال خبيث الأقوال كان المعتبط به كذلك ومع ذلك فواجب على العاقل اللبيب والفطن الأريب أن يجهد نفسه حتى يحوز الكمال بتهذيب خلائقه ويكتسي حلل الجمال بدماثة شمائله وحميد طرائقه ويكد في الهواجر ويسهر الليالي إلى أن يرتقي شرفات المجد والمعالي فقد قيل من شمر عن ساق الجد وجد مفتاح الجد ومن كلام الثعالبي لا يحصل برد العيش الأبحر النصب ولله در الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي حيث قال
سأعرض كل منزلة ... يعرض دونها العطب
1 / 11