المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل اللسان عنوان عقل الانسان وآلة تظهر سر الجنان بفصيح العبارة وصريح البيان وصلاته وسلامه على سيدنا محمد المجتي من سرة عدنان المبعوث بجوامع الكلم الشاملة لأنواع البيان الباهرة بفصاحتها عقول ذوي الفطن والأذهان والمخصوص بمحاسن الشيم المتممة لمكارم الأخلاق ومزايا الاحسان والحائز في حلبات الاصطفاء قصبات الرهان وعلى آله وصحبه فروع شجرته الباسقة الأفنان وفراقد سماء رسالته أعيان السادات وسادات الأعيان صلاة وسلامًا دائمين ما دام طرف القلم مقادًا بعنان البنان وبعد فإني لما رأيت تغير معاني الأخلاق دالًا على تباين مباني الأعراق والنفوس تتفاوت في ميلها إلى أغراضها على حسب اختلاف جواهرها وأعراضها حداني غرض اختلج في سري وأمل اعتلج في صدري على أن أجمع كلامًا في المحامد والمذام المتخلقة بها نفوس الخواص والعوام وأجعله كتابًا يغني اللبيب عن الخليل والنديم ويخبر بالحديث والقديم فشمرت عن ساق الجد وحسرت عن ساعد الكد وعمدت إلى حسان الكتب المجموعة في ضروب الأدب فتصفحت مضمونها وتلمحت فنونها واستفتحت عيونها واستبحت أبكارها وعونها وجمعت في هذا الكتاب من زواهر أسدافها وجواهر أصدافها ملح فكاهات جلت عرائس المعاني في حلل موشاة وأظهرت نفائس المحاسن في أنواع من البراعة مغشاة وأزاهر بيان يغدو المتلفظ بها غايات ويروح المتحفظ بها صاحب آيات وجعلته شاملًا لمصايد شواردها ناهلًا من الفضائل أعذب مواردها محتويًا من إحراز الألفاظ على درر منظومة تستفتح النواظر بلمحات سلكها ومن أسرار المعاني على سرر مختومة تستروح الخواطر
1 / 7
بنفحات مسكها.
أحاديث لو صيغت لألهت بحسنها عن الدر أو شمت لأغنت عن المسك وكسوته من الأخبار بزة رفيعة وأبدعت فيما أودعت فيه من الفكاهات الرائقة البديعة من نوادر مطربات وأبيات مهذبات هي للأوراق شموس مشرقات ولألئ أنوارها بارقات ألفاظها أرق من النسيم وأروق من التسنيم مفرد
كما أزهرت روضات حسن وأثمرت ... فأضحت وعجم الطير فيها تغرّد
وجنبته خرافات الأخبار ومطوّلات الأسمار لئلا تسأمه عند المطالعة النفوس ولئلا يكون ذكرها وضحًا في غرر الطروس وجعلته ستة عشر بابًا تسفر عن وجه الابداع نقابًا وجعلتها متضادة لتضاد الأخلاق والشيم وتباين الأقدار والهمم كل باب يشتمل على ثلاثة فصول في ثلاثة معان تفك بلطائفها من أدهم الهم كل قلب عان وهذه الفصول قلائد أجناس فصلت بلآلئ أنواعها ومعاهد إيناس نصبت أشراك النفوس برباعها فجاءت فصولًا تعبر عن حسان فنونها ومعانيها وتغبر في وجه عائبها وشانيها وقدمت في أبواب المحامد فصلًا في مدائحها ليتنسم المتأمل عرف اليمن من فواتحها وأتبعته فصلًا ثانيًا فيما ذكر عن المتخلقين بها من أزهار خمائل الأخبار وأبكار عقائل الأفكار الفائقة باختبارها درر الأمثال السائرة الرائقة في اختيارها فهي عن غرر المفاخر سافرة وعززت بثالث في ذم ما مدح من الأخلاق لسبب يطرأ عليها إذ البدر يطرأ عليه الخسوف والمحاق والشيء بالشيء يعرف فيذكر بعد ان كان يجهل وينكر فربما تجاذبت الأحاديث أذيالها فطلبت من المنمق أشكالها ولا غرو فالحديث كما يقال شجون وأحسنه ما جذل جده برقيق الهزل مقرون على أنني لم آل جهدًا في إضافة كل شيء إلى ما يشاكله ويلائمه
1 / 8
ويضاهيه في المعنى ويساهمه مما يجري في هذا الاسلوب ولا يخرج عن المقصود والمطلوب ورتبت فصول أبواب المذام على العكس من أبواب المحامد والمآثر وأطلعت في دياجي مساويها من محاسن الملح الأنجم الزواهر ترتيبًا لا يرتاب في جودته أريب وتقريبًا يؤمن به من كل ما يريب فأبوابه على اختلافها بائتلافها في الحسن نظائر وبعضها لبعض ضرائر إن ازدهى الحسن بابًا منها بتقسيمه ووصفه تنفس الآخر عن حسن ترصيعه وطيب عرفه مفرد
ضدّان لما استجمعا حسنًا ... والضدّ يظهر حسنه الضدّ
وسددته جهدي رجاء أن يصيب صميم الآمال والأعراض وخوفًا أن تصرفه النفوس عند النقد بالصد عنه والاعراض ووسمته بغرر الخصائص الواضحة وعرر النقائص الفاضحة اسم يكون لحلة أدبه طرازًا معلمًا وبمكنون أسراره معلنًا ومعلمًا إذ الكتاب لا يعلم ما في باطنه إلا من سمة عنوانه كما أن الانسان يعلم ما في قلبه من لفتات وجهه وفلتات لسانه وأنا راغب لمن وقف على هذا الكتاب من سراة الأعيان والكتاب القاطفي أزهار الآداب من جنان الخواطر العاطفي نفار الألباب في عنان النوادر أن لا يفوق لهدف الاختيار سهم الاختبار وأن يحدق إليه بصر الاعتقاد عند الانتقاد فأي جواد لا يكبو وأي مهند لا ينبو ومع هذا فإن لسان التقصير عن القيام بالعذر قصير والمصنف وإن استعان في تنقيح ما ألف بمالك وعقيل معرض لطاعن وحاسد إلا أن يتاح له عاذر ومقيل مفرد
وإني لأرجو أن يفخم أمره ... من الناس حرّ شأنه الصفح والستر
1 / 9
والله أسأل أن يكسبه دلًا معشقًا يكون به لداء القلوب محظيًا ويكسيه حسنًا ورونقًا حتى يكون بعيون العقول مرعيًا وللافهام مرضيًا وبه أستعين على سبيل الرشاد فيما نحوت فهو المعين بهدايته لتحقيق ما رجوت ولما انتهى بنا جواد قريحتنا إلى غاية البيان عن المراد وحاز قصب السبق في مضمار النطق بالسداد رأينا صوابًا أن نعقبه بذكر مقدمة في حض الانسان على الدأب في طلب المعالي ليظفر بالحظ الأوفر من الشرف المتعالي تكون أسالما قصدنا فيه التحرير والتحبير من الكشف عن ماهية الأخلاق وحقيقة معانيها وكيفية صورها ومبانيها بقول شاف وتلخيص كاف وهو مما اخترناه من كلام الحكماء الاعلام أولى البصائر والأحلام قالوا الخلق عادة للنفس يفعلها الانسان بلا روية وهي نوعان جميل محمود وقبيح مذموم والأخلاق المحمودة وإن كانت في بعض الناس غريزة فإن الباقين يمكن أن يصيروا إليها بالرياضة والألفة ويرتقوا إليها بالتدرب والعادة فإنهم وإن لم يكونوا على الخير مطبوعين صاروا به متطبعين والفرق بين الطبع والتطبع أن الطبع جاذب منفعل والتطبع مجذوب مفتعل تتفق نتائجهما مع التكلف ويفترق تأثيرهما مع الاسترسال وقد يكون في الناس من لا يقبل طبعه العادة الحسنة ولا الأخلاق الجميلة ونفسه مع ذلك تتشوف إلى المنقبة وتتأفف من المثلبة لكن سلطان طبعه يأباه عليه واستعصاؤه مع تكلف ما ندب إليه يختار العطل منها على التحلي ويستبدل الحزن على فواتها بالتسلي فلا ينفعه التأنيب ولا يردعه التأديب وسبب ذلك على ما قرره المتكلمون في الأخلاق أن طبع المطبوع أملك للنفس التي هي محله لاستيطانه إياها وكثرة إعانته لها والأدب طار على المحل غريب فيه قال الشاعر في ذلك
إذا كان الطباع طباع سوء ... فليس بنافع أدب الأديب
1 / 10
وقال آخر
ومن يبتدع ما ليس من خيم نفسه ... يدعه ويغلبه على النفس خيمها
وأما الذي يجمع الفضائل والرذائل فهو والذي تكون نفسه الناطقة متوسطة الحال بين اللؤم والكرم وقد تكتسب الأخلاق من معاشرة الاخلاء فإن صلاحها من معاشرة الكرام وفسادها من مخالطة اللئام ورب طبع كريم أفسدته معاشرة الأشرار وطبع لئيم أصلحته مصاحبة الأخيار وقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال يحشر المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل وقال علي ﵁ لولده الحسن الأخ رقعة في ثوبك فانظر بم ترقعه وقال بعض الحكماء في وصية لولده يا بني احذر مقارنة ذوي الطباع المرذولة لئلا يسرق طباعك من طباعهم وأنت لا تشعر ثم أنشد
واصحب الأخيار وارغب فيهم ... ربّ من صاحبته مثل الجرب
فإذا كان الخليل كريم الأخلاق حسن السيرة طاهر السريرة فبه في محاسن الشيم يقتدي وبنجم رشده في طرق المكارم يهتدي. وإذا كان سيء الأعمال خبيث الأقوال كان المعتبط به كذلك ومع ذلك فواجب على العاقل اللبيب والفطن الأريب أن يجهد نفسه حتى يحوز الكمال بتهذيب خلائقه ويكتسي حلل الجمال بدماثة شمائله وحميد طرائقه ويكد في الهواجر ويسهر الليالي إلى أن يرتقي شرفات المجد والمعالي فقد قيل من شمر عن ساق الجد وجد مفتاح الجد ومن كلام الثعالبي لا يحصل برد العيش الأبحر النصب ولله در الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي حيث قال
سأعرض كل منزلة ... يعرض دونها العطب
1 / 11
فإن أسلم رجعت وقد ... ظفرت وأنجح الطلب
وإن أعطب فلا عجب ... لكلّ منية سبب
وقال عمرو بن العاصي المرء حيث يجعل نفسه إن رفعها ارتفعت وإن وضعها اتضعت وقال الشاعر
وما الحرّ إلا حيث يجعل نفسه ... ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل
وقال بعض الحكماء النفس عروف غروف ونفور ألوف متى ردعتها ارتدعت ومتى حملتها حملت وإن أهملتها فسدت وقال الشاعر
صبرت على اللذات حتى تولت ... وألزمت نفسي هجرها فاستمرّت
وجرّعتها المكروه حتى تجرّدت ... ولو حملته جملة لاشمأزت
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى ... فإن أطمعت تاقت وإلا تسلت
وكانت على الآمال نفسي عزيزة ... فلما رأت عزمي على الترك ولت
وقال آخر
والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا تردّ إلى قليل تقنع
وقالوا الفخر بالنفس والأفعال لا بالأعمام والأخوال وقالوا الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية وقال عامر بن الطفيل
وإني وإن كنت ابن فارس عامر ... وفي السر منها والصريح المهذب
فما سوّدتني عامر عن ورائه ... أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب
ولكنني أحمي حماها وأتقي ... أذاها وأرمي من رماها بمقنب
1 / 12
وقال أبو الطيب المتنبي
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبجدّي فخرت لا بجدودي
وقالوا كن عصاميًا لا عظاميًا ومعناه لا تفتخر بشرف آبائك ولكن بما يؤثر من أنبائك وعصام المشار إليه كان رجلًا سوقة ثم صار حاجبًا للنعمان ابن المنذر فسئل عن سبب وصوله إلى هذه المنزلة العالية والرتبة الحالية فقال نفس عصام سودت عصامًا وعلمته الكر والاقداما وصيرته ملكًا همامًا وقالوا شرف الأعراق يحتاج إلى شرف الأخلاق ولا حمد لمن شرف نسبه وسخف أدبه يحكي في هذا أن رجلًا من بني هاشم تخطى رقاب الناس في مجلس أحمد بن أبي دواد فقال له أحمد يا بني الأدب ميراث الأشراف ولست أرى عندك من سلفك ميراثًا فاستحسن كلامه من حضر مجلسه شاعر
وإذا افتخرت بأعظم مقبورة ... فالناس بين مكذب ومصدّق
فأقم لنفسك في انتسابك شاهدًا ... بحديث مجد للقديم محقق
آخر
إذا ما الحيّ عاش بذكر ميت ... فذاك الميت حيّ وهو ميت
ومن يك بيته بيتًا رفيعًا ... وهدّمه فليس لذاك بيت
ابن الرومي
وما الحسب الموروث لا ذرّ ذرّه ... يفيد الفتى الابا خر مكتسب
1 / 13
فلا تتكل إلا على ما فعلته ... ولا تحسبنّ المجد يورث بالنسب
وليس يسود المرء إلا بنفسه ... وإن عدّ آباء كراما ذوي حسب
إذا المرء لم يثمر وإن كان شعبه ... من المثمرات اعتدّه الناس في الحطب
وقال آخر يهجو رجلًا شريفًا
من كان يعمر ما شادت أوائله ... فأنت تهدم ماشادوا وماسمكوا
ما كان في الحق أن تأتي فعالهم ... وأنت تحوي من الميراث ما تركوا
وقال آخر
يزين الفتى أخلاقه ويشينه ... وتذكر أخلاق الفتى وهو لا يدري
وقال أبو تمام حبيب بن أوس الطائي
وإني رأيت الوسم في خلق الفتى ... هو الوسم لا ما كان في الشعر والجلد
وقال أبو الطيب مقتفيًا أثره ومصدقًا خبره
وما الحسن في وجه الفتى شرفًا له ... إذا لم يكن في فعله والخلائق
وقال بعض من له في الحكمة فصل المقال منبها على ما تدرك به رتبة الكمال الانسان التام من نزع عن نفسه ربقة المساوي والملاوم وبذ بمجده المساوي والمقاوم وهذا الحد قلما ينتهي إليه انسان وإذا انتهى الانسان إلى هذا كان بالملائكة أشبه منه بالناس لأن الانسان مضروب بأنواع الشر مستول عليه وعلى طبعه ضروب النقص والكمال وإن كان بعيدًا لا ينال فإنه ممكن وذلك إن الانسان إذا صرف عزيمته وأعطى الاجتهاد حقه كان ممكنًا وهو أن يكون راغبًا بجميع مناقبه وخصائصه متيقظًا لصرف معايبه ونقائصه واردة طرائقه شرعة المكارم الصافية رافلة خلائقه في أبراد المحامد الضافية
1 / 14
مستعملًا كل فضيلة متجنبًا كل رذيلة مجتهدًا في بلوغ القصوى وقمع النفوس عما تحب وتهوى عاشقًا لصورة الجمال مستلذًا بمحاسن الخلال يرى الكمال دون محله والتمام أقل أوصافه ونبله فقد قيل قبيح بذي العقل أن يكون بهيمة وقد أمكنه أن يكون إنسانًا أو إنسانًا وقد أمكنه أن يكون ملكًا قال المتنبي
ولم أر في عيوب الناس شيأ ... كنقص القادرين على التمام
وقال علي بن مقلة
وإذا رأيت فتى بأعلى قمة ... في شامخ من عزة المترفع
قالت لي النفس العروف بفضلها ... ما كان أولاني بهذا الموضع
والمنهج القويم الموصل إلى الثناء الجميل أن يستعمل الانسان فكره وتمييزه فيما ينتج عن الأخلاق المحمودة والمذمومة منه ومن غيره ومن أخذ نفسه بما استحسن منها واستملح وصرفها عما استهجن منها واستقبح فقد قيل له كفاك تهذيبًا وتأديبًا لنفسك ترك ما كرهه الناس من غيرك وقيل لعيسى ﵇ من أدبك قال ما أدبني أحد رأيت جهل الجاهل فتجنبته
إذا أعجبتك خلال امرئ ... فكنه تكن مثل من يعجبك
وليس على المجد والمكرمات ... إذا جئتها حاجب يحجبك
وقالوا من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذلك هو الأحمق بعينه
لا تلم المرء على فعله ... فأنت منسوب إلى مثله
من ذمّ شيأ وأتى مثله ... فإنما دل على جهله
1 / 15
ويقال الانسان يضارع الملك بقوة الفكر والتمييز ويضارع البهيمة بقوة الشهوة والغذاء فمن صرف همته إلى رتبة الفكر والتمييز حتى يرى بهما عاقبة فعله فحقيق أن يلحق بالملائكة فيسمى ملكًا لطهارة أخلاقه ومن صرف همته إلى رتبة القوة الشهوانية بإيثار اللذة البدنية يأكل كما تأكل الانعام فحقيق أن يلحق بالبهائم فيصير إما غمرًا كثور أو شرهًا كخنزير أو ضريًا ككلب أو حقودًا كجمل أو متكبرًا كنمر أو رواغًا كثعلب أو جامعًا لذلك كشيطان ولقد صدق من قال
وإذا الفتى ساس الأمور بعلمه ... وأعين بالتأديب والتهذيب
سمت الأمور به فيبرز سابقًا ... في كل حال مشهد ومغيب
اللهم كما خلقت الانسان بقدرتك في أحسن تقويم وأعليته باختصاصك له ذروة التكريم وهديته بإرادتك نجدى الخير والشر وصرفته بقضائك في عناني النفع والضر روض اللهم جوامح نفوسنا إلى اقتفاء أثر الأكارم واقتناء ما يبعث على حمدها من صنوف المكارم وذد اللهم سوائم طباعنا عن مراتع الملاوم ومرابع ما يتوجه به علينا لوم اللوائم فإليك الخذلان والعون وبيدك أزمة المكان والكون وهذا أوان انشقاق كمائم هذا الكتاب عما أكنته من زهرات الآداب واهتصار أفنان فنونه الدانية القطاف المتسقة بأنواع التحف والألطاف
الباب الأول في الكرم وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في وصف الأخلاق الحسان المتخلقة بها نفوس الأعيان الفصل الثاني في ذكر الصنائع والمآثر المفصحة عن أحساب الأكابر الفصل الثالث في ذم التخلق بالاحسان إذا لم يوافق القلب اللسان
الباب الثاني في اللؤم وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في ذم من ليس له خلاق وما اتصف به من قبيح الأخلاق الفصل الثاني في ذكر الفعل والصنيع الدالين على لؤم الوضيع الفصل الثالث في أن من تخلق باللؤم انتفع وعلا على الكرام وارتفع
1 / 16
الباب الثالث في العقل وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في مدح العقل وفضله وشرف مكتسبه ونبله الفصل الثاني في ذكر أنواع الفعل الرشيد الدال على العقل المشيد الفصل الثالث في أن هفوات العقال لا يغضى عنها ولا تقال
الباب الرابع في الحمق وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في ذم الجهالة والجنون وما اشتملا عليه من الفنون الفصل الثاني في ذكر النوادر الصادرة عن مجانين البادية والحاضرة الفصل الثالث في احتجاج الأريب المتحامق على أن الحمق أزكى الخلائق
الباب الخامس في الفصاحة وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في أن الفصاحة والبيان أزين ما تحلت به الأعيان الفصل الثاني فيما يتحلى به ألباب الأدباء من بلاغات الكتاب والخطباء الفصل الثالث في أن معرفة حرفة الأدب مانعة من ترقى أعالي الرتب
الباب السادس في العي وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول فيما ورد عن ذوي النباهة في ذم العي والفهاهة الفصل الثاني فيمن قصر باع لسانه عن ترجمة ما في جنانه الفصل الثالث في أن اللسن المكثار لا يأمن آفة الزلل والعثار
الباب السابع في الذكاء وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في مدح الفطن والأذهان المعظمة من قدر المهان الفصل الثاني في ذكر البداهة البديعة والأجوبة المفحمة السريعة الفصل الثالث فيمن سبق بذكائه وفطنته إلى ورود حياض منيته
الباب الثامن في التغفل وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في ذم البلادة والتغفل من ذوي التعالي والتنزل الفصل الثاني فيمن تأخرت منه المعرفة ونوادر أخبارهم المستظرفة الفصل الثالث في أن أنواع التغفل والبله ستور على الأولياء مسبله
الباب التاسع في السخاء وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول من
الباب الأول الفصل الأول في أن التبرع بالنائل من أشرف الخلال والشمائل الفصل الثاني في ذكر منح الأماجد الأجواد وملح الوافدين والقصاد الفصل الثالث في ذم السرف والتبذير إذ فعلهما من سوء التدبير
الباب العاشر في البخل وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في ذم الامساك والشح وما فيهما من الشين والقبح الفصل الثاني فيما استملح من نوادر المبخلين من الأراذل والمبجلين الفصل الثالث في مدح القصد في الانفاق خوف التعيير بالاملاق
الباب الحادي عشر في الشجاعة وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في مدح الشجاعة والبسالة وما فيهما من الرفعة والجلالة الفصل الثاني في ذكر ما وقع في الحروب من شدائد الأزمات والكروب الفصل الثالث في ذم التصدي للهلكة ممن لا يطيق بها ملكة
الباب الثاني عشر في الجبن وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في أن خلتي الجبن والفرار مما يشير بني الأحرار الفصل الثاني فيمن جبن عند اللقاء خوف الموت ورجاء البقاء الفصل الثالث فيمن ليم على الفرار والأحجام فاعتذر بما ينفي عنه الملام
الباب الثالث عشر في العفو وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في مدح من اتصف بالعفو عن الذنب المتعمد والسهو الفصل الثاني فيمن حلم عند الاقتدار وقبل من المسئ الاعتذار الفصل الثالث في ذم العفو عمن أساء وانتهك حرمات الرؤساء
الباب الرابع عشر في الانتقام وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في التشفي والانتقام ممن أحضر قسرًا في المقام الفصل الثاني في ذكر من ظفر فعاقب بأشد العقوبة ومن راقب الفصل الثالث في أن الانتقام لحدود الله خير فعلات من حكمه الله وولاه
الباب الخامس عشر في الاخوة وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في مدح اتخاذ الاخوان فإنهم العدد والأعوان الفصل الثاني فيما يدين به أهل المحبة من شرائع العوائد المستحبة الفصل الثالث في ذم الثقيل والبغيض بما استحن من النثر والقريض
الباب السادس عشر في العزلة وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأول في ذم الاستئناس بالناس لتلون الطباع وتنافي الأجناس الفصل الثاني فيما يحض على الوحدة والاعتزال من ذميم الخلائق والخلال الفصل الثالث فيما يختم به هذا الكتاب من دعاء نرجو أن يسمع ويجاب
الباب الأول
في الكرم
وفيه ثلاثة فصول
في وصف الأخلاق الحسان
المتخلقة بها نفوس الأعيان
قال الله تعالى ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وقال رسول الله ﷺ ليس في الميزان شيء أثقل عند الله من الخلق الحسن وما حسن الله خلق رجل وخلقه فأدخله النار وقال علي كرم الله وجهه نعم الحسب الخلق الحسن وقال الحسن البصري سعة الأخلاق منحة من الله فإذا أراد الله بعبد خيرًا منحه خلقًا حسنًا وقال ﵊ من لانت كلمته وجبت محبته وحسنت احدوثته وظمئت القلوب إلى لقائه وتنافست في مودته وقالوا أحسن الشيم ما تشام منه بارقة الكرم وأوصى حكيم ولده فقال يا بني إن مكارم أخلاقك تدل على شرفك وطيب أعراقك سمع بعض الأعراب يقول لولده
أبني إنّ البرّ شيء هين ... وجه طليق وكلام لين
وفي بعض الكتب القديمة الأخلاق الصالحة ثمرات العقول الراجحة وقالوا من حسنت أخلاقه درت أرزاقه وقيل لبعض الأدباء متى يبلغ الرجل
1 / 21
ذروة الكمال قال إذا اتقى من خلقه وجاد بما رزقه واختار من القول أصدقه وحسن في كل الأحوال خلقه فذاك الذي أنهج إلى الكمال طرقه ويقال إن في التوراة يقول الله تعالى يا موسى ليكن وجهك بسامًا وكلامك لينًا تكن أحب إلى الناس وإلي ممن يعطيهم الذهب والفضة وقال ابن الرومي
له محيا جميل يستدلّ به ... على جميل وللبطنان ظهران
وقلّ من أضمرت خيرًا طويته ... إلا وفي وجهه للخير عنوان
وما أصدق قول القائل
وما اكتسب المحامد طالبوها ... بمثل البشر والوجه الطليق
وفي بعض الآثار المروية عن ابن عباس أن موسى ﵇ قال يا رب أمهلت فرعون أربعمائة سنة يكذب رسلك ويجحد آياتك فأوحى الله إليه إنه كان حسن الخلق سهل الحجاب فأحببت أن أكافئه
وعلى ذكر الحجاب وإن لم يكن من الباب
كانت العرب تقول ما شيء أضيع للمملكة وأهلك للرعية من شدة الحجاب للولي ولا أهيب للرعية والعمال من سهولة الحجاب لأن الرعية إذا وثقت من الولاة بسهولة الحجاب أحجمت عن الظلم وإذا وثقت بشدة الحجاب تهجمت على الظلم وركب القوي الضعيف فخير خلال الولاة سهولة الحجاب
وصف أخلاق أهل الوفاق
فلان خلقه كنسيم الأسحار على صفحات الأنوار أخلاق قد جمعت الحرية أطرافها وفرشت المروأة أكنافها أخلاق تجمع الأهواء المتفرقة على محبته وتؤلف الآراء المشتتة في مودته أخلاق هي المسك لولا فأرته والورد
1 / 22
لولا مرارته والماء لولا إسراعه إلى الكدر والروض لولا حاجته إلى المطر قد جمع شرف الأخلاق إلى طيب الأعراق
له خلق على الأيام يصفو ... كما رقت على الزمن العقار
آخر
خلق سهول المكرمات سهوله ... وتوعر الأيام من أوعاره
إن لاح فهو الصبح في أنواره ... أو فاح فهو الروض في نوّاره
المتنبي
صفت مثل ما تصفو المدام خلاله ... ورقت كما رق النسيم شمائله
آخر
موفق لسبيل الرشد متبع ... يزينه كل ما يأتي ويجتنب
تسمو إليه عيون كلما انفرجت ... للناس وجهة الأبواب والحجب
له خلائق بيض لا يغيرها ... صرف الزمان كما لا يصدأ الذهب
عيون من مكارم الأخلاق الدالة على طيب الأعراق
قال رسول الله ﷺ بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وهو ما أوصاه به ربه ﷿ في قوله خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين فلما امتثل أمر ربه وناطقه بشغاف قلبه أثنى على فعله بقوله تنويهًا بفضله الجسيم وإنك لعلى خلق عظيم ولهذا قال ﵊ ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا من وصل من قطعه وعفا عمن
1 / 23
ظلمه وأعطى من حرمه وقال الحسين بن مطير يفتخر
أحب مكارم الأخلاق جهدي ... وأكره أن أعيب وإن أعابا
وأصفح عن سباب الناس حلمًا ... وشرّ الناس من يهوى السبابا
ومن هاب الرجال تهيبوه ... ومن حقر الرجال فلن يهابا
وقال الأحنف بن قيس واسمه الضحاك وقيل صخر لبنيه ألا أدلكم على المحمدة الخلق السحيح والكف عن القبيح وقال أكثم بن صيفي لولده يا بني ذللوا أخلاقكم للمطالب وقودوها على المحامد وعلموها المكارم ولا تقيموا على خلق تذمونه من غيركم وصلوا من رغب إليكم وتخلقوا بالجود يلبسكم المحبة ولا تعتقدوا البخل فتتعجلوا الفقر وقيل لحممة بن رافع الدوسي من أكرم الناس قال من إذا قرب منح وإذا بعد مدح وإذا ظلم صفح وإذا ضويق سمح وقالوا من الأخلاق التي تزين ولا تشين وتحض على المكرمات وتعين نشر البشر وترك الكبر ونصر الحر وسلامة الصدر وقال جعفر بن محمد الصادق خير السادة أرحبهم ذراعًا عند الضيق وأعدلهم حلمًا عند الغضب وأبسطهم وجهًا عند المسئلة وأرحمهم قلبًا إذا سلط وأكثرهم صفيًا إذا قدر وقال عامر العدواني يا معشر عدوان الخير ألوف عروف وإنه لن يفارق صاحبه حتى يفارقه وإني لم أكن سيدكم حتى تعبدت لكم وقال يزيد بن المهلب استكثروا من الحمد فإن الذم قلما ينجو منه أحد ومن رغب في المكارم صبر على المكاره واجتنب المحارم ويقال المكارم موصولة بالمكاره فمن أراد مكرمة احتمل مكروهًا وقال أبو الشيص
عشق المكارم فهو معتمد لها ... والمكرمات قليلة العشاق
1 / 24
وأقام سوقًا للثناء ولم يكن ... سوق الثناء يعدّ في الأسواق
بث الصنائع في البلاد فأصبحت ... يجبي إليه مكارم الأخلاق
وقال أبو الطيب المتنبي
تلذ له المروأة وهي تؤذي ... ومن يعشق يلذ له الغرام
ولله در القائل
الحمد شهد لا يرى مشتاره ... يجنيه إلا من نقيع الحنظل
غلّ لحامله ويحسبه امرؤ ... لم يوه عاتقه خفيف المحمل
وقال علي بن الفضل
لو قرب الدرّ على جلابه ... ما نجح الغائص في طلابه
ولو أقام لازمًا أصدافه ... لم تكن التيجان في حسابه
ما لؤلؤ البحر ولا مرجانه ... إلا وراء الهول من عبابه
من يعشق العلياء يلقى عندها ... ما لقى المحب من أحبابه
وقال الشاعر
دعيني أنل ما لا ينال من العلا ... فصعب العلا في الصعب والصعب في السهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ... ولا بد دون الشهد من إبر النحل
1 / 25
وقال الأشعث بن قيس واسمه معد يكرب لقومه إنما أنا رجل منكم ليس لي فضل عليكم ولكني أبسط لكم وجهي وأبذل لكم مالي وأحفظ حريمكم وأقضي حقوقكم وأعود مريضكم وأشيع جنائزكم فمن فعل مثل هذا فهو مثلي ومن زاد عليه فهو خير مني ومن قصر عنه فأنا خير منه قيل له وما هذا قال أحضكم على مكارم الأخلاق
من روائع عادات السادات ووشائع سادات العادات
السخاء والنجدة والمروأة فالسخاء التبرع بالنائل قبل الحاف السائل والنجدة الذب عن الجار والاقدام عند الكريهة والمروأة حفظ الرجل دينه وإحراز نفسه عن الدنس إلى غير ذلك من الأخلاق الجميلة التي هي بالمدح كفيلة وسنذكر جملة منها فيما سيأتي وقبل أسباب السودد سبعة العقل والحلم والصيانة والصدق والعلم والسخاء وأداء الأمانة وأضيف إلى ذلك الصبر والتواضع والعفاف تلك عشرة كاملة هي لمحاسن الشيم شاملة وقال ابن عمر ما رأيت بعد رسول الله ﷺ في الصحابة أسود من معاوية فقيل له أهو خير من أبي بكر وعمر قال هما خير منه وهو أسود منهما لحلمه وجوده فأنا معشر قريش نعد الحلم والجود السودد ويحكي أن رجلًا رأى معاوية وهو صغير يلعب مع الصبيان فقال إني أظن هذا الغلام سيسود قومه قالت أمه هند ثكلته إن كان لا يسود إلا قومه وقيل السيد من أورى ناره وحمى معاره ومنع جاره وأدرك ثاره وقال النبي ﷺ اضمنوا لي ستًا أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا الأمانة إذا ائتمنتم واحفظوا فروجكم وغضوا أبصاركم وكفوا أيديكم وذكر أن عبد الملك بن مروان دخل على معاوية وعنده عمرو بن العاص فسلم ثم جلس فلم يلبث أن قام قال معاوية ما أكمل مروأة هذا الفتى قال عمرو إنه أخذ بأخلاق أربعة وترك أخلاقًا أربعة أخذ بأحسن البشر إذا ألقى
1 / 26
وبأحسن الحديث إذا حدث وبأحسن الاستماع إذا حدث وبأيسر المؤنة إذا حولف وترك مزاح من لا يثق بعقله وترك مجالسة من لا يرجع إلى دينه وترك مخالطة لئام الناس وترك من الكلام كل ما يعتذر منه وقال هشام بن عبد الملك لخالد بن صفوان بم بلغ فيكم الأحنف ما بلغ قال إن شئت أخبرتك بخلة واحدة وإن شئت بخلتين وإن شئت بثلاث قال فما الخلة قال كان أقوى الناس على نفسه قال وما الخلتان قال كان موقي الشر ملقي الخير قيل فما الثلاث قال كان لا يحسد ولا يبخل ولا يبغي وقال رجل للأحنف بم سودك قومك وما أنت بأشرفهم بيتًا ولا بأصبحهم وجهًا ولا بأحسنهم خلقًا قال بخلاف ما فيك يا ابن أخي قال وما ذاك قال بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك وقال عبد الملك لبنيه كلكم يترشح لهذا الأمر ولن يصلح له إلا من كان له سيف مسلول ومال مبذول ولسان معسول وعدل تطمئن إليه القلوب وأمن تستقر به في مضاجعها الجنوب وقيل لقيس بن عاصم المنقري بم سدت قومك قال ببذل القرى وترك المرا ونصرة المولى وروى علي ﵁ قال لما أتينا بسبايا طيء كانت في النساء جارية هيفاء سمراء كحلاء لمياء خميصة الخصر هضيمة الكشح مصقولة المتن فلما رأيتها أعجبت بها فلما تكلمت أنستني بمقالها ما رأيته من جمالها فكان من كلامها أن قالت يا محمد هلك الوالد وغاب الوافد فإن رأيت أن تمن علي وتخلي عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإني ابنة سيد قومها إن أبى كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويفشي السلام ولا يرد طالب حاجة أبدًا فقال ﵊ من أبوها قالوا حاتم طيء فقال ﵊ لو كان أبوها مسلمًا لترحمنا عليه خلوًا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق ثم قال للمسلمين ما حازت أسنتها وحوته أعنتها غير التهيئة والابضاع فلو فعلوا لفعلت فقالوا يا رسول الله أمرنا لأمرك تبع فاصنع ما بدا لك فقال أعلى أصحابي وأهلك أعدائي وأبدل الأنصار بالمضاضة غضاضة وأطلقها رسول الله ﷺ فخرجت إلى أخيها عدي وكان بدومة الجندل فقالت إئت هذا
1 / 27
الرجل قبل أن تعلقك حبائله فإني رأيت هديًا ورأيًا ستغلب به أهل الغلب رأيت خصالًا أعجبتني رأيته يحب الفقير ويفك الأسير ويرحم الصغير ويعرف حق الكبير وما رأيت أحدًا أجود منه ولا أكرم ﷺ وقال معاوية لا ينبغي للملك أن يكون كذابًا ولا حديدًا ولا بخيلًا ولا جبانًا ولا حسودًا فإنه إن كان كذابًا ووعد بخير لم يرج أو أوعد بشر لم يخف وإن كان حديدًا مع القدرة هلكت الرعية وإن كان بخيلًا لم يناصحه أحد ولا تصلح الولاية إلا بالمناصحة وإن كان جبانًا اجترأ عليه عدوه وضاعت ثغوره فذل وإن كان حسودًا لم يشرف أحدًا ولا يصلح الناس إلا بأشرافهم ويقال ليس للملك أن يغضب لأن القدرة من وراء حاجته وليس له أن يكذب لأن أحدًا يسترده حديثًا ولا أحد يكرهه على ما يريد
وليس له أن يكون حقودًا الآن خطره عظيم عن المجازاة وقال عبد الله بن طاهر لا ينبغي للملك أن يظلم وبه يستدفع الظلم ولا أن يعجل ومنه تلتمس الأناة ولا أن يبخل ومنه يتوقع الجود وقالوا ينبغي للملك أن يكون سخيًا لا يبلغ التبذير وحافظًا لا يبلغ البخل وشجاعًا لا يبلغ التهور ومحترسًا لا يبلغ الجبن وقائلًا لا يبلغ الهذر وصموتًا لا يبلغ الغي وحليمًا لا يبلغ العجز وقال أسماء ابن خارجة لا أشاتم أحدًا ولا أرد سائلًا فإنما هو كريم أسد خلته أو لئيم أستر عرضي منه وروى البيهقي في كتابه شعب الايمان بإسناده عن عائشة ﵂ أنها قالت قال رسول الله ﷺ مكارم الأخلاق عشرة تكون في الرجل ولا تكون في ابنه وتكون في الابن ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله لمن شاء من عباده صدق الحديث وصدق البأس وأن لا يشبع وجاره وصاحبه جائعان وإعطاء السائل والمواساة بالنائل والمكافأة بالصنائع وحفظ الأمانة وصلة الرحم والتذمم للجار وقرى الضيف ورأسهن الحياء ومن أخلاقهم صون الوجه بقناع الحياء وعقل اللسان عن اللجاج والمراء الحياء دليل الدين الصحيح وشاهد الفضل الصريح وسمة الصلاح الشامل وعنوان الفلاح الكامل من كان فيه نظم قلائد المحامد ونسق وجمع من خلال الكمال ما افترق قال رسول الله ﷺ إن لكل شيء خلقًا وخلق هذا الدين الحياء وقال رسول الله ﷺ الحياء من الايمان والايمان في الجنة وقال الحياء لا يأتي إلا بخير وقال رسول الله ﷺ استحيوا من الله حق الحياء قيل كيف ذلك يا رسول الله قال من حفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وذكر الموت والبلا وترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء فالحياء اسم جامع يدخل فيه الحياء من الله تعالى لأن ذمه فوق كل ذم ومدحه فوق كل مدح وقال يزيد ابن علي إني لأستحيي من الله تعالى أن أفضي إليه بشيء أخفيه من غيره والحياء من الناس يكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح ويروي عن النبي ﷺ إنه قال من تقوى الله اتقاء الناس وقيل هو أن يستحيي منهم في سره كما يستحيي منهم في جهره وقيل من المروأة أن لا تعمل شيأ في السر يستحيا منه في العلانية وكان يقال أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيا منه وقال النبي ﷺ لأبي عليك بالحياء والأنفة فإنك إن استحييت من الغضاضة اجتنبت الخساسة وأما استحياء الرجل من نفسه فهو أن لا يأتي في الخلاء إلا ما يأتي في الملا وكان رسول الله ﷺ أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيأ عرفناه في وجهه وكان عثمان بن عفان قد خص من الحياء بأجل السهام ومنح منه بأوفر الأقسام وشهد له رسول الله ﷺ بأنه تستحيي منه الملائكة الكرام قال الامام مالك ﵁ إنه أول من ضرب الأبنية في السفر وقالوا من لا يستحيي من نفسه فجدير أن لا يستحيي من غيره وقالوا في حده الحياء التوقي من فعل المساوي خوف الذم ويقال الحياء خوف المستحيي من تقصير يقع به من غير من هو أفضل منه وقال عمرو بن بحر الجاحظ الحياء لباس سابغ وحجاب واق وستر من العيب وأخو العفان وحليف الدين ورقيب من العصمة وعين كالئة تذود عن الفحشاء وتنهى عن ارتكاب الأرجاس وسبب إلى كل جميل وقالوا من عفت أطرافه حسنت أوصافه ويقال لا ترض قول امرئ حتى ترضي فعله ولا ترض فعله حتى ترض عقله ولا ترض عقله حتى ترضي حياءه فإن ابن آدم مجبول على أشياء من كرم ولؤم فإذا قوى الحياء قوى الكرم وإذا ضعف الحياء قوى اللؤم وقال بشار بن برديس له أن يكون حقودًا الآن خطره عظيم عن المجازاة وقال عبد الله بن طاهر لا ينبغي للملك أن يظلم وبه يستدفع الظلم ولا أن يعجل ومنه تلتمس الأناة ولا أن يبخل ومنه يتوقع الجود وقالوا ينبغي للملك أن يكون سخيًا لا يبلغ التبذير وحافظًا لا يبلغ البخل وشجاعًا لا يبلغ التهور ومحترسًا لا يبلغ الجبن وقائلًا لا يبلغ الهذر وصموتًا لا يبلغ الغي وحليمًا لا يبلغ العجز وقال أسماء ابن خارجة لا أشاتم أحدًا ولا أرد سائلًا فإنما هو كريم أسد خلته أو لئيم أستر عرضي منه وروى البيهقي في كتابه شعب الايمان بإسناده عن عائشة ﵂ أنها قالت قال رسول الله ﷺ مكارم الأخلاق عشرة تكون في الرجل ولا تكون في ابنه وتكون في الابن ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله لمن شاء من عباده صدق الحديث وصدق البأس وأن لا يشبع وجاره وصاحبه جائعان وإعطاء السائل والمواساة بالنائل والمكافأة بالصنائع وحفظ الأمانة وصلة الرحم والتذمم للجار وقرى الضيف ورأسهن الحياء ومن أخلاقهم صون الوجه بقناع الحياء وعقل اللسان عن اللجاج والمراء الحياء دليل الدين الصحيح وشاهد الفضل الصريح وسمة الصلاح الشامل وعنوان الفلاح الكامل من كان فيه نظم قلائد المحامد ونسق وجمع من خلال الكمال ما افترق
1 / 28
قال رسول الله ﷺ إن لكل شيء خلقًا وخلق هذا الدين الحياء وقال رسول الله ﷺ الحياء من الايمان والايمان في الجنة وقال الحياء لا يأتي إلا بخير وقال رسول الله ﷺ استحيوا من الله حق الحياء قيل كيف ذلك يا رسول الله قال من حفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى وذكر الموت والبلا وترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء فالحياء اسم جامع يدخل فيه الحياء من الله تعالى لأن ذمه فوق كل ذم ومدحه فوق كل مدح وقال يزيد ابن علي إني لأستحيي من الله تعالى أن أفضي إليه بشيء أخفيه من غيره والحياء من الناس يكون بكف الأذى وترك المجاهرة بالقبيح ويروي عن النبي ﷺ إنه قال من تقوى الله اتقاء الناس وقيل هو أن يستحيي منهم في سره كما يستحيي منهم في جهره وقيل من المروأة أن لا تعمل شيأ في السر يستحيا منه في العلانية وكان يقال أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيا منه وقال النبي ﷺ لأبي عليك بالحياء والأنفة فإنك إن استحييت من الغضاضة اجتنبت الخساسة وأما استحياء الرجل من نفسه فهو أن لا يأتي في الخلاء إلا ما يأتي في الملا وكان رسول الله ﷺ أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيأ عرفناه في وجهه وكان عثمان بن عفان قد خص من الحياء بأجل السهام ومنح منه بأوفر الأقسام وشهد له رسول الله ﷺ بأنه تستحيي منه الملائكة الكرام قال الامام مالك ﵁ إنه أول من ضرب الأبنية في السفر وقالوا من لا يستحيي من نفسه فجدير أن لا يستحيي من غيره وقالوا في حده الحياء التوقي من فعل المساوي خوف الذم ويقال الحياء خوف المستحيي من تقصير يقع به من غي
1 / 29
ر من هو أفضل منه وقال عمرو بن بحر الجاحظ الحياء لباس سابغ وحجاب واق وستر من العيب وأخو العفان وحليف الدين ورقيب من العصمة وعين كالئة تذود عن الفحشاء وتنهى عن ارتكاب الأرجاس وسبب إلى كل جميل وقالوا من عفت أطرافه حسنت أوصافه ويقال لا ترض قول امرئ حتى ترضي فعله ولا ترض فعله حتى ترض عقله ولا ترض عقله حتى ترضي حياءه فإن ابن آدم مجبول على أشياء من كرم ولؤم فإذا قوى الحياء قوى الكرم وإذا ضعف الحياء قوى اللؤم وقال بشار بن برد
وأعرض عن مطاعم قد أراها ... فاتركها وفي بطني انطواء
فلا وأبيك ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
وقال بعض الأعفاء
ورب قبيحة ما حال بيني ... وبين ركوبها إلا الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن ... إذا ذهب الحياء فلا دواء
وقالوا لا يزال الوجه كريمًا ما دام حياؤه ولم يرق باللجاج ماؤه وقالوا حياة الوجه بحياته كما أن حياة الغرس بمائه وقال ابن المعتز في كتاب الأدب من كساه الأدب ثوبه ستر عن الناس عيبه وقالوا فلان يتحدر من أسارير وجهه ماء الحياء وينير لألاء غرته حنادس الظلماء وقال الفرزدق في علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم
يغضي حياء ويغضي من مهابته ... فلا يكلم إلا حين يبتسم
ليلى الأخيلية في توبة الحميري
ومخرق عنه القميص تخاله ... وسط البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا رفع اللثام رأيته ... تحت اللواء على الخميس زعيما
1 / 30