أقول: إن تقييد بغض علي عليه السلام بسبب نصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطأ واضح، إذ يستلزم لغوية كلام رسول الله في إظهار فضل علي عليه السلام، لأن كل من أبغض أحدا لنصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم منافق من دون خصوصية لعلي عليه السلام، وكيف يحسن التقييد بالنصرة مع تمدح أمير المؤمنين عليه السلام بقوله، كما سبق عن صحيح مسلم: (( والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق ))، فإنه لو قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما زعمه ابن حجر من التقييد بالنصرة لما كان معنى لتمدح الإمام بذلك، وحاصل مقصود ابن حجر أن نفس بغض علي عليه السلام والنصب له وسبه ليس نقصا وعيبا، تبرئة لأصحابه من العيب ، وإن ورد مستفيضا أو متواترا أن من سب عليا وأبغضه فقد سب رسول الله وأبغضه، وهذا الوجه مخصوص عنده بمن نصب العداوة لأمير المؤمنين وسبه، بخلاف من أبغض باقي الصحابة وسبهم، فإنه لا يكون معذورا أصلا، بل يكون محلا لكل نقص، وأهلا لكل لعن، فهل هذا إلا التعصب والهوى؟! وليت شعري كيف لا يكون مبغض علي عليه السلام منافقا مع اتضاح تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام بوجوه التعظيم؟! والثناء عليه بطرق الثناء؟! فلا يكون بحسب الحقيقة بغض علي وسبه إلا استهزاء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وطرحا لفعله وقوله، فهل يكون نفاق أعظم من هذا ؟!!
وأما خروج الغلاة، فبالدليل كسائر العمومات في الكتاب والسنة المخصصة بالأدلة.
وأما قوله: ورد في حق الأنصار مثله، فكذب افتعله النواصب لدفع فضل سيد المسلمين وإمام المتقين، ولو سلم فمعناه كما نقله عن علمائهم أن بغضهم لأجل النصرة علامة النفاق، لأن التعليق على الوصف مشعر بالحيثية، بخلاف ما ورد في أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه لم يذكر فيه إلا ما يدل على إرادة شخصه الكريم، بلا اشتمال على ما يوهم إرادة النصرة، فقد ظهر من هذا أنه لا يجوز قبول رواية الناصب مطلقا، لأنه منافق والمنافق أشد من الكافر الصريح، وفي أسفل درك من النار كما ذكره الله سبحانه في كتابه العزيز، ومجرد إفادة خبره الظن لو وجد ناصب ثقة لا يجعله حجة، لأن الله سبحانه قد ذم في كتابه العزيز متبع الظن فقال: { إن يتبعون إلا الظن }، وقال: { إن الظن لا يغني من الحق شيئا }، ولا دليل خاصا يقتضي إخراج الظن الحاصل من خبر المنافق كالكافر.
পৃষ্ঠা ৬৫