42

أصول الإنشاء والخطابة

أصول الإنشاء والخطابة

তদারক

ياسر بن حامد المطيري

প্রকাশক

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤٣٣ هـ

প্রকাশনার স্থান

الرياض - المملكة العربية السعودية

জনগুলি

وأما ترتيب الخبر مع الإنشاء: فالأصل فيه تقديمُ المقدِّمات على النتائج، ولا يُعكَس إلا لغرضٍ، مثل قول عيسى بن طلحة -حين دَخَل على عُرْوَة بن الزُّبَير لَمَّا قُطِعَتْ رِجْلُه-: ما كنا نعدُّك للصِّرَاع، والحمد لله الذي أبقى لنا أَكْثَرَكَ؛ أبقى لنا سمعك وبَصَرك، ولسانك وعَقْلَك، وإحدى رِجْلَيْكَ. فقال عروة: والله ما عَزَّاني أحدٌ بمثل ما عَزَّيتني به. فلو قَدَّم قوله: (الحمد لله الذي أبقى لنا أكثرك) لكان يُشبِه الشَّمَاتَةَ، أنه يحمد الله له على قَطْعِ رِجْلِه، فلا تهتدي النَّفْسُ إلى مراده إلا حين يقول له: (ما أَعْدَدْنَاكَ للصِّرَاع)؛ لأنَّ للنفوس عند الخِطَاب جَفَلاتٍ إذا هي نَفَرَتْ، فربما ضَلَّتْ عن طريق الحق. وأما الجَزَالةُ والسُّهُولَة والرِّقَّةُ فهي مراتب للمعاني المستفادة من الكلام: فالجزالة شِدَّةٌ في المعنى تَقْرُبُ من حَدِّ الإرهاب، أو تبلُغُه، بحيث تُؤْذِنُ بعدم مبالاة المتكلِّم باستعطاف المخاطَب ولا بِمُلايَنَتِه، ولها مواقع: الغَضَبُ، والحَمَاسَة، والوَعْظُ، والعِتَاب، ونحوها. وأما السُّهُولة فهي دونَها، وهي لينُ المعنى وتجريدُه من شوائب الإرهاب، واشتمالُه على إيضاحِ بَسَاطَةِ حال المتكلِّم، ومُلايَنِة المخاطَب، ولها مواقع: الأمور العادية، والعلوم، والمخاطَبات بين الأكفاء. وأما الرِّقَّة فهي غَايَةُ إيضاحِ لَطِيفِ الوجدان من المتكلِّم، أو التلطُّفُ مع السَّامع، ولها مواقع: الشَّوْقُ، والرِّثَاء، والاعتذار، والتأديب. وبهذا يتضح أن ليس لشيءٍ من هذه الأوصافِ مَدْخَلٌ في صفة اللفظ كما قد يُتَوَهَّم.

1 / 85