وهكذا يكون القول في الأصدقاء على قدرهم.
ومن المحقق أن الرجل الذي يفكر في الانتقام يبقي جراحه مفتوحة دامية، وهو لولا ذلك أحرى أن تندمل وتبرأ.
والانتقام العام على الأرجح مقرون بالتوفيق، كالانتقام لموت قيصر وبرتيناكس وهنري الثالث الفرنسي وغيرهم كثيرون.
أما الانتقام الخاص فالأمر فيه على خلاف ذلك؛ لأن الرجل الحقود الذي لا يصفح يعيش عيشة السواحر بين الأذى والكيد والبأساء.
الشدة
كانت كلمة عالية من سنيكا على نمط الحكماء الرواقيين، حيث قال: «إن حسنات الرخاء موضع رغبة، أما حسنات الشدة فموضع إعجاب.»
والمعجزات - إذا كانت هي السيطرة على الطبيعة - فهي إذن أظهر ما تكون في أيام الشدة والبلاء.
وأعلى من تلك الكلمة - أعلى جدا مما ينتظر من وثني - قوله: «إن العظمة الحقيقية أن يكون لك ضعف إنسان ومنعة إله.»
وإنها لكلمة أحق بالشعر المنظوم، حيث تسوغ هذه المبالغات، وقد شغل الشعراء حقا بهذا المعنى، وهو الملحوظ في تلك الأسطورة التي لا تخلو من سر وتعد من أقرب الأساطير إلى روح المسيحية، ونعني بها أسطورة هرقل حين ذهب لإطلاق برومثيوس، فعبر البحر اللجي في قدرة من فخار، وكأنما تمثل هذه الأسطورة عزيمة المسيحي الذي يعبر أمواج هذه الدنيا في زورق واهن من اللحم والدم.
ونهبط من شاهق المبالغات فنقول: إن فضيلة الرخاء هي الاعتدال، وفضيلة الشدة هي الصبر والعزم الجليد، وهي في مراتب الأخلاق أسمى وأشبه بالبطولة .
অজানা পৃষ্ঠা