বৃহত্তম ফিতনা (প্রথম খণ্ড): উসমান
الفتنة الكبرى (الجزء الأول): عثمان
জনগুলি
ولم ير الناس - فيما يظهر - بشيء من ذلك بأسا، خير جاءهم فلم يكرهوه ولم يردوه. وليس منهم من يرى بأسا بأن يوصل السابقون الأولون من المهاجرين وذوو المكانة من أصحاب النبي. وأحسب أن عثمان لو وقف عند هذا الحد من السخاء والتوسعة على الناس وإجزال الصلات للأعلام من أصحاب النبي، لما أنكر الناس عليه شيئا. وهذا هو السر الذي يفسر ما يقول المؤرخون مجمعين عليه غير مختلفين فيه من أن الصدر الأول من خلافة عثمان كان صدر رضا وطمأنينة، ومن أن المسلمين أحبوا خلافة عثمان للينها ويسرها وسخائها وإسماحها أكثر مما أحبوا سياسة عمر لشدتها وقسوتها وحزمها الذي كان يحتاج إلى كثير من الصبر وحمل النفوس على ما لا تطيق إلا بالجهد والعنف العنيف.
وقد يكون من الخير أن ندع عثمان في العام الأول أو في الأعوام الأولى من خلافته يباشر سياسته هذه اليسيرة السمحة التي حببته إلى الناس، وأن ننظر إلى هؤلاء الناس الذين تألفهم عثمان بهذه السياسة الرقيقة الرفيقة، لنرى أكان من الممكن أن يتألفوا بهذه السياسة دون أن ينتهي أمرهم إلى الاختلاط والانتشار.
الفصل السادس
تحدث الطبري عن السري عن شعيب عن سيف عن عمارة بن القعقاع عن الحسن البصري قال: «كان عمر بن الخطاب قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلا بإذن وأجل، فشكوه، فبلغه فقام فقال: ألا إني قد سننت الإسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعا ثم ثنيا ثم رباعيا ثم سديسا بازلا. ألا فهل ينتظر بالبازل إلا النقصان؛ ألا فإن الإسلام قد بزل، ألا وإن قريشا يريدون أن يتخذوا مال الله معونات دون عباده، ألا فأما وابن الخطاب حي فلا؛ إني قائم دون شعب الحرة آخذ بحلاقيم قريش وحجزها أن يتهافتوا في النار.»
قال الطبري متحدثا عن السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة قالا: «فلما ولي عثمان لم يأخذهم بالذي كان يأخذهم به عمر، فانساحوا في البلاد، فلما رأوها ورأوا الدنيا ورآهم الناس، انقطع من لم يكن له طول ولا مزية في الإسلام، فكان مغمورا في الدنيا وصاروا أوزاعا إليهم وأملوهم وتقدموا في ذلك، فقالوا يملكون فنكون قد عرفناهم وتقدمنا في التقرب والانقطاع إليهم، فكان ذلك أول وهن دخل على الإسلام وأول فتنة كانت في العامة ليس إلا ذلك.»
وتحدث الطبري أيضا عن السري عن شعيب عن سيف بن عمر وعن الشعبي قالا: «لم يمت عمر رضي الله عنه حتى ملته قريش، وقد كان حصرهم بالمدينة فامتنع عليهم، وقال: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد. فإن كان الرجل ليستأذنه في الغزو وهو ممن حبس بالمدينة من المهاجرين - ولم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة - فيقول: قد كان لك في غزوك مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
ما يبلغك، وخير لك من الغزو اليوم ألا ترى الدنيا ولا تراك. فلما ولي عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد وانقطع إليهم الناس، فكان أحب إليهم من عمر.»
1
فنريد أن نبدأ من رعية عثمان بقريش، وأن نترجم إلى لغتنا الحديثة ما روي من سيرة عمر فيها؛ فعمر لم يخف الفتنة من أحد كما خافها من قريش، ولم يخف الفتنة على أحد كما خافها على قريش؛ لأنه كان يعرف هذا الحي من العرب حق المعرفة، وكان يعرف بنوع خاص مواطن القوة القوية فيه كما كان يعرف مواطن الضعف الضعيف. فقد كانت قريش التي نشأ فيها عمر قبل أن تدعى إلى الإسلام ممتازة بالقوة والضعف جميعا، وكانت قوتها تأتيها من مكانها حول البيت، واستئثارها بمناسك الحج تقيمها للعرب وتتسلط عليهم بها وتتحكم عليهم فيها، وترى لنفسها بذلك امتيازا لا يشاركها فيه غيرها من الناس؛ فهي تزعم لنفسها أرستقراطية متفوقة. وقد اعترف لها العرب بهذه الأرستقراطية في جملتهم، لا لتفوقها في الحرب ولا لتسلطها بقوة السيف، فلم تكن قريش قبيلة محاربة، بل لاستئثارها بأمر الدين وامتيازها في الجليل والخطير منه. ثم كانت القوة تأتيها من تجارتها الضخمة التي تفوقت على كل تجارة في العرب أو التي تسلطت على كل تجارة في العرب. أتاح لها ذلك أمنها في الحرم واستقرارها حول البيت، ومنحها ذلك من الذكاء والدهاء ونفاذ البصيرة وبعد الهمة ما لم يتح لغيرها من قبائل العرب لا نستثني منها إلا ثقيفا. فقد كانت قريش صلة بين الشرق البعيد والشرق القريب في التجارة، وكانت بذلك صلة بين الشرق والغرب، أو قل بين الروم والهند. وقد أفادت من ذلك مالا كثيرا، وأفادت من التجربة أكثر مما أفادت من المال. وعلمتها كثرة المال الحرص وحسن المحافظة ودقة التدبير والبراعة في الاستثمار، وعلمتها التجربة المتصلة وممارسة الأمم المختلفة وزيارة الأقطار النائية مهارة في مواجهة المشكلات والنفوذ منها والتغلب عليها؛ فكانت قبيلة ماهرة ماكرة أمكر العرب وأمهرهم من غير شك.
অজানা পৃষ্ঠা