قال: لا بد من الوقوف عند حد في هذا الجدال الشاق، فاطمئني يا كلوديا، وسوف تكونين محترمة ها هنا كما تستحقين، ولكنني لسوء الحظ لا أستطيع أن أعدك عن ابنتي بأكثر من الاحترام، وأما أنت يا بوليت فادخلي مخدعك والبثي فيه منتظرة أوامري.
فرجعت بوليت دون أن تودع أباها. أما جرجونة فدخلت مخدعها أيضا وهي ترتجف غضبا وأنفة. أما أنيبال فدفع للكونت رسالة وقال: نسيت أن أعطيك إياها وقد تسلمتها من ملطار حين دخولي.
فمزق الكونت الغلاف، وللحال اكفهر وجهه، فقال له أنيبال: ماذا جرى؟ فدفع له الرسالة وقال: خذ واقرأ، إن المصرف الهندي المرسيلي قد توقف عن الدفع، وليس لديه شيء من المال، وأنت تعلم أن فيه أموالي التي كنت أنوي أن أدفعها لمساهمي منجم «ريونجرو»، فإفلاسي محقق!
فقال له أنيبال: عفوا، فهل نسيت اقتراحي؟ وهل فاتك أنني راغب في مصاهرتك؟
فمد إليه الكونت يده وقال: إني أشكرك ولا أنسى كلماتك الطيبة، ولكن ما حدث أمامك يدلك على أن تحقيق أمنيتك من الأمور المستحيلة.
قال: لماذا؟
قال: ألم تسمع ما قالته بوليت لأختك؟ وقد تنبأت عن هذا الكره قبلا، فإن بوليت لا تحب المقيمين في هذا المنزل بدلا من أمها ...
أجاب: نعم، ولكن لا شك في أن البغضاء تتحول إلى هوى حينما تعلم ابنتك باليد التي أسديها إليك في هذه الأحوال الحرجة، وحينما تتحقق أن مساعدتي لك تبقي على شرف اسمك، وهذا يكون بشرط الزواج قبل انقضاء شهر، أي قبل موعد انعقاد الجمعية العمومية لمنجم ريونجرو، ويومئذ أدفع للمساهمين المال الذي يبقي على شرفك.
قال الكونت: لا بأس، رضيت بهذه الصفقة، ولكنني لا أتقيد بوعد لا ترضى ابنتي بإنجازه. أجاب أنيبال: قد اتفقنا. فتصافح الرجلان وافترقا.
وفي ذلك المساء بعينه ذهب ملطار إلى فندق اللوفر، وبقي المسيو دراك، وكان ملطار مرتديا بملابس هندية ما رآها عليه أحد من الباريسيين إلا ظنه أميرا من أمراء الهند، فأجل قدره خدم الفندق، وأدوا له تحية الإكبار والإجلال، ولاحظ خطأهم إلا أنه لم يشأ تنبيههم إليه. فدخل خادم الفندق على الرجل الإنكليزي وقال له: إن «دولة الأمير ملطار» يروم مقابلتك يا سيدي.
অজানা পৃষ্ঠা