وفي ذلك يقول المؤرخ الإنجليزي ألجود "Elgood":
"لقد ترك الاحتلال الفرنسي في مصر أثرا لا يمحى، فقد ظل المصريون يعجبون بنابليون بعد خروجه من ديارهم، وظلت طرق الإدراة الفرنسية مهيمنة على حكومة مصر، وظلت عادات التفكير الفرنسية تسيطر على الطبقة المستنيرة بمصر, وإن ما خلفته الحملة الفرنسية في مصر خلال ثلاثة أعوام لاغير، لمن أضخم ما يتسنى إنجازه في هذا الأمد الوجيز1".
ثم أتيحت لمصر الفرصة لكي تنهض وتتبوأ مركزها بين أمم العالم المتمدين, باستيلاء محمد علي على عرش مصر، وحاول أن ينشئ دولة قوية خالصة لنفسه ولذريته من بعده, فأفادت مصر من مجهوداته في هذا السبيل, وإن حكمها حكما استبداديا خالصا.
كان محمد علي طموحا، يريد أن يرى مصر ما بين طرفة عين وانتباهتها, لا تقل في حضارتها وقوتها عن دول أوروبا، فوضع أسس نهضة شاملة: في الجيش، والصناعة، والزراعة، والتعليم، والإدارة، حتى يكون البعث عاما، يدفع بعضه بعضا، ولا يعنينا في مقامنا هذا إلا ما يمس اللغة والأدب.
وقد وجد محمد علي أن خير وسيلة تنهض بالشعب المصري وترفعه إلى مستوى الأمم الناهضة, الاهتمام بالتعليم، وقد سلك في سبيل تعليم الشعب كل الطرق الناجحة: فمن بعثات وطباعة، وفتح مدارس، ونقل آثار الأمم الغربية في العلوم والآداب، وتأسيس الصحافة لتنير الحياة أمام الشعب.
البعثات:
جاء محمد علي إلى مصر جنديا في الحملة التي اشتركت في إخراج الفرنسيين منها سنة 1801م، ولم يمض عليه أربع سنوات حتى استولى على مصر سنة 1805م؛ بعد أن ثار المصريون بقيادة الزعيم العالم السيد عمر مكرم على واليهم التركي خورشيد لعسفه واستبداده؛ فقرروا عزله.
পৃষ্ঠা ২০