ফাতেহ আল-আরাব লি মিসর
فتح العرب لمصر
জনগুলি
ولا ننسى فن تفسير الكتب وإيضاحها بالرسم، وقد رأينا أن «سيموكاتا» يذكر صديقا له كان «مفسرا»، وأن «حنا مسكوس» يصف «زويلوس» بأنه كان ممن يعالج هذا الفن. والحقيقة أن فن الكتابة المزخرفة ورسم الصور الصغيرة في الكتب كان شائعا بالغا حده من الإتقان في هذا العصر في كل بلاد الشرق، وكان خير المخطوطات إذ ذاك يتخذ من الرق، يدهن بلون أرجواني، ويكتب عليه بحروف من الذهب، وكانت أمثال هذه الكتب تتخذ لمكتبة الإمبراطور. وإن بين أيدينا خطابا خطيرا أرسله أكبر مطارنة الإسكندرية، وهو «تيوناس»، إلى رجل اسمه «لوقيانوس»، وهو الوصيف الأكبر للإمبراطور وأمين خزانة كتبه. ولعل هذا موضع صالح لذكره وإن كانت كتابته في سنة 290 للميلاد. وقد جاء في أول ذلك الخطاب وصف لما ينبغي أن يسير عليه الكتاب في دواوين حسابهم، وما في عهدهم من الخلع والحلى، ووصف لطريق إثبات ما في الخزائن من آنية الذهب والفضة والبلور وقماقم المر وغير ذلك من تحف القصر، وجاء فيه بعد ذلك أن المكتبة أثمن ما في القصر، وأنه يجب على المسيحي ألا يترفع عن مطالعة كتب الأدب الدنيوي، وأنه يجب على أمين خزانة الكتب أن يكون ملما بكل ما فيها، وأن يرتبها على نظام ثابت، ويجعل لها ثبتا تدون فيه أسماؤها، وعليه أن يستوثق من أمر الكتب، وأن النسخ التي عنده منها صحيحة غير محرفة، وعليه أن يعيد كتابة النسخ وتزيينها بالصور إذا هي بليت. وجاء في آخر خطاب «تيوناس» هذا أنه ليس من الضروري أن تكون «كل» الكتب منسوخة بحروف من ذهب على رق أرجواني
28
إلا إذا أمر الإمبراطور بذلك أمرا. وهذا الخطاب يدلنا على الأقل على أن كبير المطارنة كان له علم بأمور مكتبة عظيمة جليلة. وقد ازدادت صناعة إيضاح الكتب بالرسم، وانتشرت في أثناء القرون الثلاثة التي تلت كتابة هذا الخطاب، ولم تنقص شيئا، ولم تتبدل تبدلا كبيرا في الوقت الذي نكتب عنه عما كانت عليه في وقت كتابة الخطاب. وكان أكثر إيضاح الكتب في مصر عند ذلك يقوم به الرهبان في الأديرة، وذلك نظير ما حدث في أوروبا فيما بعد. وقد كانت أعظم المواضع التي تخرج هذا الفن القسطنطينية والإسكندرية. على أنه قد كان من الرهبان في مواضع أخرى من يقضون أعمارهم في كتابة الكتب القيمة وتحلية صفحاتها بأبدع أنواع الزخرف وأجمل الألوان،
29
ومن تلك المواضع ما كان في مصر، ومنها ما كان في آسيا الصغرى أو الشام أو بلاد الفرس.
وأما النحت في هذا العصر فلا نعرف عنه إلا القليل؛ فلا نعلم عنه إلا أنه كان لا يزال من المعتاد أن تجعل تماثيل للإمبراطور الحاكم في العاصمة وفي أكبر مدائن الريف؛ وعلى ذلك فلم يكن هذا الفن مضيعا كل التضييع.
30
وكانت المدرسة البطليموسية في هذا الفن أولى مدارس العالم في ذلك العصر، وإن في بعض ما صنعته لجمالا كأنك به عين جمال صناعة القدماء ورونقه؛ فقد بقيت آثار الصناعة حتى في العصور المسيحية، ومن أمثال ذلك التمثال الجليل الضخم لأحد الأباطرة من حجر السماق الأحمر، ومقره الآن دار الآثار المصرية بالقاهرة.
31
على أنه لا شك في أنه ما أتى القرن السادس حتى كانت صناعة النحت قد اضمحلت، ولكن الصناعة البيزنطية الخالصة، صناعة نحت العاج، بلغت وقتئذ قصارى الكمال، ترى بها دقة الصناعة وإبداع الفن.
অজানা পৃষ্ঠা