ফাতেহ আল-আরাব লি মিসর
فتح العرب لمصر
জনগুলি
مقدمة المعرب
مقدمة المؤلف
1 - خروج هرقل
2 - النضال من أجل مصر
3 - خيبة بنوسوس
4 - ولاية هرقل
5 - مصر في حكم الإمبراطور الجديد
6 - فتح الفرس للشام
7 - فتح الفرس لمصر
8 - الفن والأدب
অজানা পৃষ্ঠা
9 - جهاد أصحاب الصليب للفرس
10 - إعلاء الصليب
11 - دعوة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)
12 - فتح العرب للشام
13 - الاضطهاد الأعظم للقبط على يد قيرس
14 - مسير العرب إلى مصر
15 - أول الحرب
16 - وقعة هليوبوليس
17 - حصن بابليون
18 - حصار حصن بابليون وفتحه
অজানা পৃষ্ঠা
19 - السير إلى الإسكندرية
20 - حوادث القسطنطينية
21 - تسليم الإسكندرية
22 - فتح بلاد الساحل
23 - انقضاء حكم الروم بمصر
24 - وصف الإسكندرية عند الفتح
25 - مكتبة الإسكندرية
26 - فتح «بنطابوليس»
27 - إعادة بنيامين
28 - الحكم الإسلامي
অজানা পৃষ্ঠা
29 - ثورة الإسكندرية بقيادة منويل
خاتمة
الملاحق والمصادر
مقدمة المعرب
مقدمة المؤلف
1 - خروج هرقل
2 - النضال من أجل مصر
3 - خيبة بنوسوس
4 - ولاية هرقل
5 - مصر في حكم الإمبراطور الجديد
অজানা পৃষ্ঠা
6 - فتح الفرس للشام
7 - فتح الفرس لمصر
8 - الفن والأدب
9 - جهاد أصحاب الصليب للفرس
10 - إعلاء الصليب
11 - دعوة النبي محمد (عليه الصلاة والسلام)
12 - فتح العرب للشام
13 - الاضطهاد الأعظم للقبط على يد قيرس
14 - مسير العرب إلى مصر
15 - أول الحرب
অজানা পৃষ্ঠা
16 - وقعة هليوبوليس
17 - حصن بابليون
18 - حصار حصن بابليون وفتحه
19 - السير إلى الإسكندرية
20 - حوادث القسطنطينية
21 - تسليم الإسكندرية
22 - فتح بلاد الساحل
23 - انقضاء حكم الروم بمصر
24 - وصف الإسكندرية عند الفتح
25 - مكتبة الإسكندرية
অজানা পৃষ্ঠা
26 - فتح «بنطابوليس»
27 - إعادة بنيامين
28 - الحكم الإسلامي
29 - ثورة الإسكندرية بقيادة منويل
خاتمة
الملاحق والمصادر
فتح العرب لمصر
فتح العرب لمصر
تأليف
ألفريد بتلر
অজানা পৃষ্ঠা
ترجمة
محمد فريد أبو حديد
مقدمة المعرب
الطبعة الأولى
ألف الدكتور «ألفريد ج. بتلر» هذا الكتاب منذ ثلاثين عاما، وعرفته منذ عشرين، فكان من الكتب التي خلفت في نفسي أثرا كبيرا، يمتزج فيه الإعجاب والتقدير بالرغبة في أن تتملك اللغة العربية بحثا قيما مثله، والأسف على أن يخلو تراثنا الأدبي من كتاب نظيره. وأي شيء أعجب من أن تكون لغتنا العربية، وأن يكون الفتح العربي حدا فاصلا في تاريخنا يفتح صفحة جديدة في حياتنا، ثم مع هذا لا نجد وصفا عربيا لذلك الفتح يمكن أن يعتمد على دقته ويوثق بتحريه؟ فكانت النفس تتطلع إلى ضم كتاب الدكتور بتلر إلى ثروتنا الأدبية ، غير أنه كان يقعدها التفكير في مشقة ذلك العمل، ومظنة العجز عن إنجازه، وقلة الثقة بالقدرة على نشره، ثم أتيح لي أن أحقق ذلك الحلم بأن ناطت بي «لجنة التأليف والترجمة والنشر» ترجمة ذلك الكتاب؛ إذ اختارته من بين الكتب القيمة التي تسعى أبدا في إظهارها ونشرها، فوجدت في تكليفها سرور الساعي إلى تحقيق أمنية طالما تاقت نفسي إليها، وأرى أن هذا مكان لائق لكلمة أقولها عن تلك اللجنة المباركة، التي ما سعت إلى أن يعرف أحد عملها، وهي دائبة لا تفتر عن العمل في خدمة العلم والأدب، وما قصدت قط أن تظهر للملأ فضلها، وهي ماضية قدما في جهادها في ميدان التثقيف والتنوير، لم تقف خدماتها عند حد سياسي ولا عند وطن، بل كانت خدمتها للناطقين بالعربية أجمعين، بادئة بالكنانة المحروسة مصرنا المحبوبة، ولو كنت من غير أعضاء لجنة التأليف لوجدت مجال القول بعد فسيحا، ولكن حسبي ذلك من القول.
وبعد، فقد كان من حق هذا الكتاب أن ينقل إلى العربية منذ ظهر؛ فإنه يسد ثلمة في تاريخ العرب ما كان ينبغي لها أن توجد، وما كان أجدر بأن ينقله إلى العربية مصري؛ إذ إن الكتاب يتعلق بتاريخ مصر.
غير أن الذي عاقني عن ترجمته قد عاق أمثالي عنها، ولم يكن أحد ليستطيع مثل ذلك العمل الكبير في مصر إلا إذا شدت أزره هيئة علمية قوية، ولكن الخير إذا جاء متأخرا فليس ذلك بناقص من قدره، ولعل تأخر ظهوره في العربية إلى يومنا هذا كان عن قدر وحكمة؛ فإن للكتاب معنى كان لا يظهر في الماضي ظهوره اليوم، فهو اليوم في إبانه وأوانه، والأحوال ملائمة له، ومجرى الأهواء مستعد لقبوله وتلقيه؛ ذلك أن مؤلف الكتاب رجل باحث لم يقصد من تأليف كتابه إلا بيان الحقيقة ناصعة، فلم يكن ممن يذهبون في التأليف إلى غرض من دعاية دينية أو سياسية، ولا ممن يتسترون بالعلم من أجل غرض يخفيه أو شهوة يسترها، بل كان نزيها في بحثه، قاصدا في قوله إلى اللباب. ومثل هذا الباحث لا يدركه القراء حق إدراكه، ولا يقدره الناس حق قدره، إلا إذا كان الجو المحيط بهم جو بحث وراء الحق، ودرس لإجلائه والإبانة عنه، ونحمد الله إذ قد بدت في مصر هذه الأيام حركة جدية نحو البحث والدرس، ولسنا نشك في أن هذا الكتاب ممتزج بها، سائر في مسيرها، جار مجراها.
غير أن الأمر غير قاصر على ذلك؛ فإن الوقت الحالي أسعد الأوقات لظهور هذا الكتاب من ناحية أخرى، ولعلها أجل شأنا وأبلغ خطرا.
ذلك أن العرب لما دخلوا مصر كانوا فئة قليلة، وجعلوا يتخذون لهم في مصر نظاما ينتزعونه مما سبق من نظم الحكم في البلاد، وجعل عددهم يتزايد ممن دخل في الإسلام من أهل البلاد طوعا أو كرها، فإذا مصر بعد قرن فيها عدد كبير من المسلمين، وبعد أن كانوا فئة قليلة حاكمة أصبحوا فئة كبيرة تشترك وأهل البلاد في أعمال الحياة؛ ونشأ ما ينشأ بين الجيران المختلفي المشارب من المنافسات والمنازعات، وزادت تلك المنافسات على مر الزمن حتى كانت أحيانا تتخذ شكل ثورة من أهل البلاد المسيحيين، وكان رد ذلك قاسيا من جانب الحكومة القائمة التي ما كانت لتدع الثورة يندلع لهيبها من غير أن تقضي عليها، ثم مضى الوقت وكان عدد المسلمين يتزايد، وعدد المسيحيين يتضاءل، وتغيرت الدول، وتبدلت نظرتها إلى واجبها في الحكم، وداخل المسيحيين ما يداخل الأقلية عادة.
إذن كانت مصر قبل الإسلام أمة واحدة يحكمها الروم، فاحتفظت بقوميتها، وحاطتها بمذهب ديني مستقل حافظت عليه أشد المحافظة، وما كانت محافظتها على مذهبها الديني إلا صورة من صور الحرص على بقاء شخصيتها ودوام استقلالها، ثم جاء الإسلام فإذا أهل مصر بعد بضعة قرون قسمان، كل منهما منفصل عن الآخر رغم تجاورهما، وإذا فيها شعبان متنافسان يحمل أحدهما لواء الكثرة والسيادة، ويحمل الآخر سلاح الراغب عن الامتزاج والفناء.
অজানা পৃষ্ঠা
وقد نكون على حق إذا نحن قلنا إن الأمر بقي على تلك الحال إلى العصور الحديثة، غير أن ذلك الانفصال طور متوسط في حياة الشعوب، وما كان لشعب أن يبقى على ذلك إلى الأبد؛ فإن سنة الطبيعة أن يمتزج سكان القطر الواحد، ويشتركوا في المصالح، ويشعروا بأنهم أهل وطن واحد، تجمعهم الحياة نفسها، وتقرب بينهم أواصر الجوار والاشتراك في سراء الظروف وضرائها، على أن بلوغ ذلك لا يكون إلا إذا مهدت له الظروف، وعملت على إحداثه الأحداث. والأحداث لا تخلق وإن سعى إليها الناس، بل إن الناس ينساقون فيها، وقد يؤثرون فيها بعض الأثر أثناء اندفاعهم في تيارها القوي. وقد تهيأت الظروف إلى ذلك الامتزاج منذ عهد قريب؛ فقد يمكن أن نقول - وفي قولنا كل ما يدعو إلى الوثوق - إن سنة 1919 كانت حدا فاصلا بين عهد قديم وعهد حديث؛ بين عهد لم يكن الشعب المصري يحس أنه شعب مرتبط مشترك، وعهد آخر يشعر فيه المصريون جميعا أنهم أهل بلاد واحدة. وها نحن اليوم نشهد جيلا جديدا من المصريين آخذا في الامتزاج والاشتراك على أساس وطنية صادقة، ووحدة لا تفصم عراها؛ فلو ظهر هذا الكتاب من نحو عشرين سنة لما قدره أهل مصر قدره، ولما تبينوا فيه روح مؤلفه العادل، ولما أدركوا ما في صدره من سعة، وما في عقله من رجحان، وأما اليوم فإنهم لا شك يقدرونه، ويدركون ما فيه من عدالة ونفوذ رأي؛ فمؤلف الكتاب معجب بالعربي، ومعجب بالقبطي؛ فهو يذكر حوادث التاريخ ذكر القاضي الناقد، لا يعبأ أين تميل به الحجة؛ لأنه لا يقصد إلى نصر فئة، ولا الدعاية لشعب، بل يذكر ما كان في الماضي، ويوضح ما فيه من المسائل من غير أن تكون في نفسه مرارة، أو أن يكون في حكمه زيغ؛ فهو إن رأى الحجة مع العرب أبان عنها بيانا شافيا، وإن رأى الحجة مع القبط كشف عنها كشفا صريحا، وفي نفسه سرور الباحث عن الحقيقة إذا وفق إلى كشفها؛ إذ ليس في قلبه ما يسخطه على تلك الحقيقة إذا هي تبدت في جانب دون جانب؛ فالمصريون في هذه الأيام يستطيعون أن ينظروا إلى الماضي نظرة إلى تاريخ جرت حوادثه جريانا طبيعيا، ساقتها إليه الظروف التي كان لا بد من أن تسوقها إليه، ويستطيعون إذا رأوا ما يؤلم في ذلك الماضي أن يتخذوا منه عبرة من غير أن تثور حفيظتهم؛ إذ إن الأخ لا تبعده عن أخيه ذكريات ما كان بين الجدود من إحن أو منافسات؛ فلنا أن نعتقد أن قيمة هذا الكتاب تبدو على حقيقتها اليوم، وما كانت لتظهر من قبل مثل ظهورها هذا؛ إذ كانت تتنازع القلوب عوامل الحياة نفسها، فتغلب على حكمها.
كان للمؤلف فضل التعرض لبعض مفتريات التاريخ، وكانت شائعة بين الناس يأخذونها تلقفا بغير تمحيص، وطالما كانت تلك المفتريات عضدا لمن أراد البغي على المصريين؛ إذ يسوقها حجة عليهم، عليها مظهر الصدق التاريخي، فينخدع بها القارئ.
وإليك مثلين لتوضيح ذلك؛ فقد تناول في أول بحثه مسألة طالما رددها المؤرخون، وهي اتهام المصريين القبط بأنهم كانوا دائما يرحبون بالغزاة الأجانب، فرحبوا أولا بالفرس، ورحبوا ثانيا بالعرب؛ يريدون بذلك أن يتخلصوا من نير ليضعوا نيرا آخر على رقابهم. وقد أظهر المؤلف في حادث من هذين الحادثين كذب ما ادعاه المغرضون من المؤرخين، وخلص إلى أن القبط إنما كانوا أمة شاعرة بوجودها، متماسكة فيما بينها، مستمسكة بمذهبها الديني، وقد اتخذت ذلك المذهب الديني رمزا لاستقلالها، فضحت في سبيله بكل شيء، وكانت - وهي تفعل ذلك - تحافظ على استقلالها وشخصيتها من أن تندمج في أمة أخرى، ولكن المؤلف أظهر أن تلك الأمة التي حافظت تلك المحافظة المرة على شخصيتها، لم تكن لترضى بأن تفتح ذراعيها لسيد جديد، وتقف معه في وجه السيد القديم، بل كان كل ما فعلته أن بقيت مكانها لا تحرك ساكنا برغبتها، تاركة ميدان النضال بين المتنافسين؛ إذ لم يكن لها مصلحة في الدفاع عن سيد أذاقها مر العذاب في محاولته القضاء على استقلالها. وهكذا أظهر المؤلف أمة القبط في ثوب العزة والأنفة، ورمى عنها ما كان المؤرخون قد ألقوه ظلما عليها من التهم الشنيعة بإظهارها في مظهر الدناءة والذلة.
ولكن هذه الروح العادلة التي حدت بالمؤلف إلى نصرة الحق في جانب أمة القبط، حدت به كذلك إلى نصرة الحق في جانب أمة العرب؛ فلم يحاول أن يخفي من فضائلها شيئا، أو يعكر من صفو سيرتها في مدة فتح مصر، بل كان عادلا في وصف الأفراد والمجموع. نرى إعجابه بقائد القوم عمرو بن العاص، كما نرى إعجابه بروح البساطة والطهارة التي كان عليها غزاة العرب إذ ذاك، ثم نراه تعرض لمسألة خاض فيها المؤرخون المتأخرون، ووجدوا فيها سبيلا للطعن في سيرة العرب، وهي إحراق مكتبة الإسكندرية، فأبان هناك عن الحق راجعا إلى أسانيد التاريخ، حتى أظهر أن العرب عندما غزوا الإسكندرية لم يجدوا هناك مكتبة كبرى؛ إذ كانت مكاتب تلك المدينة قد ضاعت ودمرت من قبل غزوتهم بزمن طويل.
وبعد، فإن هذا الكتاب له قيمة خاصة لسبب آخر فوق ما سبق لنا بيانه، وذلك أن تواريخ العرب وفتوحهم لم يتناولها إلى الآن كاتب حصر همه في ميدان محدود، وبحث فيه بحثا مستفيضا، كما فعل مؤلف هذا الكتاب؛ فنجد كثيرا من الكتب تصف سيرة العرب إجمالا، وتتعرض إلى فتح مصر في قول موجز لا يزيد على عشرات من الصفحات، وأكثر هؤلاء المؤرخين إنما يرجعون إلى ما كتبه العرب في دواوين أخبارهم، غير أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا لا يتناول إلا فتح العرب لمصر، وهو في أكثر من خمسمائة صفحة، وقد رجع مؤلفه إلى أسانيد القبط والأرمن والسريان واللاتين وغيرهم، كما رجع إلى مؤلفات العرب، فكانت نظرته من غير جانب واحد؛ ولهذا نراه أقرب إلى التمحيص، وأحرى بأن يكون قد أصاب القصد.
والحق أن تاريخ الفتح في أشد الحاجة إلى ذلك التمحيص؛ فكم به من مسائل غامضة يجب على المؤرخ أن يجلو غموضها، نضرب لذلك مثلا شخصية المقوقس؛ فإنا نسمع ذلك الاسم يتردد في كتب التاريخ عند ذكر رسالة الرسول
صلى الله عليه وسلم
إلى حاكم مصر، ونجده مذكورا في أثناء الفتح عند ذكر المفاوضة بين العرب والروم، ونجده كذلك مذكورا عند تسليم الإسكندرية، وقد سماه بعضهم جورج أو جريج بن مينا، وسماه بعضهم ابن قرقب أو قرقب، وجعله بعضهم من أهل مصر، وقال آخرون إنه يوناني، وهو بين كل ذلك يلوح في وسط ظلمة من الشكوك لا يكاد الإنسان يعتقد أنه شخص طبيعي وجد حقيقة في تلك الأحداث؛ غير أن المؤلف ما زال يقارن ويناقش ويفحص، حتى خرج إلى أن المقوقس لم يكن سوى قيرس البطريرك الملكاني بالإسكندرية، الذي جمعت له ولاية الدين والدنيا معا في أيام هرقل وخلفائه، على أن المؤلف قد استدرك الأمر، فأظهر أن ذلك الاسم قد أطلقه العرب على سبيل التعميم على الذي كان بطريرك الروم قبل قيرس، كما أطلقوه على بنيامين بطريرك القبط الذي كان طريدا وعاد بعد أن استقر العرب في مصر. وقد كان يخالفه في هذا الرأي كتاب أكبرهم الأستاذ ستانلي لين بول، غير أن ذلك الأستاذ لم يسعه بعد أن اطلع على ما كتبه المؤلف في بحوثه المختلفة عن شخصية المقوقس إلا أن يذعن للحق، فكتب إليه في يوم عيد ميلاده:
وإني جاعل هديتي في عيد ميلادك شهادتي بالرجوع عن رأيي في معارضتك في شخصية المقوقس؛ إذ ثبت لدي أنه لم يكن سوى قيرس.
وقد رأينا أن نورد أبحاث المؤلف في هذا الشأن تفصيلا، فأضفنا إلى الكتاب ذيلا جديدا ضمنه ما كتبه المؤلف عن المقوقس في رسالة أصدرها بعد إصداره هذا الكتاب، وهي «معاهدة مصر في الطبري».
অজানা পৃষ্ঠা
وقد عانينا كثيرا في أثناء ترجمة هذا الكتاب؛ إذ إن المؤلف يقتبس فقرات كثيرة عن كتاب العرب، وبعض تلك الفقرات نصوص لا بد للمترجم أن يرجع إلى أصولها في اللغة العربية، حتى لا تكون الترجمة مذهبة روح القول الأصلي، أما البعض الآخر فعبارة عن أوصاف مادية لا يهمه إلا تأدية ما تصفه، وقد وفقنا - ولله الحمد - إلى الوصول لتلك النصوص في أغلب الأحوال، ولكن عجزنا عن بعضها لغير تقصير منا، ولنضرب لذلك مثلا قطعة منقولة عن هشام بن الكلبي، وهي عبارة عن مناظرة لعمرو بن العاص في حضرة معاوية؛ فقد بحثنا في كل ما استطعنا الوصول إليه من كتب التاريخ والأدب فلم نجد ذلك النص، ثم سألنا كثيرا من المتأدبين في مصر فلم يهتدوا إليه، وأرسلنا في طلب ذلك إلى المؤلف نفسه، ولكن طول العهد قد أنساه من أين أتى بذلك النص، فأرسل يعتذر - وله العذر - قائلا: «لعلي أخذت ذلك النص من بعض مقتطفاتي من مكاتب باريس ومدريد.» فاضطررنا أمام هذا أن نترجم النص الإنجليزي بقدر ما استطعنا من التقريب إلى أسلوب عصر معاوية وعمرو.
وقد وردت في الكتاب مقتطفات كثيرة عن اللغتين اليونانية واللاتينية، ولم يكن لنا حظ العلم بهاتين اللغتين، فاستعنا ببعض من لهم إلمام بهما؛ فأما النصوص اليونانية فقد ترجمها لنا صديقنا المسيو كلونارس، وأما النصوص اللاتينية فقد ساعدنا صديقنا المستر ويد، المدرس بمدرسة فاروق، بأن أرسلها إلى صديق معروف بالتفوق في تلك اللغة، وهو «القاضي بربكهيد»؛ فلهم جميعا عميق الشكر على خدمتهم الجليلة، وكان لا بد لنا مع هذا من إثبات الأصل؛ فأما النصوص اللاتينية فقد كان من السهل إيرادها في هوامش الكتاب، وأما النصوص اليونانية فقد تعذر علينا ذلك، فوضعنا علامة نجمة في موضع النص، مع كتابة رقم مسلسل بجوار النجمة، ثم ألحقت كل النصوص اليونانية في آخر الكتاب مسلسلة بأرقامها ليطلع عليها من شاء. كما أشكر محمد أفندي إسماعيل الصاوي على مجهوده في عمل فهارس الكتاب، وحضرة محمد أفندي نديم ملاحظ مطبعة دار الكتب على عنايته بإخراج الكتاب في شكله الحاضر.
محمد فريد أبو حديد
مقدمة المؤلف
لعلنا لسنا في حاجة إلى الاعتذار عن تأليف هذا الكتاب فيما يمس الغرض منه، فإنما الغرض منه أن نبني تاريخا واسع المدى مفصل الأخبار لفتح العرب مصر، ولم يسبق لأحد أن كتب مثل هذا التاريخ، اللهم إلا رسائل متفرقة ألم كاتبوها ببعض هذا الأمر إلماما، أمثال «جبون» ومن جاء بعده، وتلك الرسائل ما هي إلا بعض أبواب أو فصول موجزة داخلة ضمن مؤلفات مكتوبة عن دولة الروم أو عن دولة العرب. وفي الحق أنه لمما يسترعي النظر ألا يكون في أية لغة من اللغات بحث مفصل له قيمة يصف تاريخ ذلك الفتح، وقد كان ذلك من سببين اثنين: أولهما قلة ما لدينا من الأخبار التي يمكن أن يعتمد عليها الباحث العادي، وثانيهما ذلك الخلاف الواسع بين الرواة والمصادر، سواء منها المشهور وغير المشهور، وسواء في ذلك الشرقي منها والغربي.
وعلى ذلك فقد لف هذا الموضوع ظلام دامس، فكان الوالج فيه مقدما على تيه حالك من الخلاف والتناقض، وقد يلوح قولنا هذا كأن فيه مبالغة ومغالاة، ولكنه الحق لا شك فيه، ويعززه رأي كاتب معروف، وهو المستر
E. W. Brooks ؛ إذ يقول: «وقل أن نجد حادثا هاما من حوادث التاريخ قد خفيت أخباره واختلف في رواياتها كما هو حال تاريخ فتح الإسكندرية. حقا إن تاريخ غزو العرب للدولة الرومانية كله تاريخ مظلم غامض، ولكن تاريخ مصر أشده ظلمة وحلوكة.»
1
وقد أقدمنا على تأليف هذا الكتاب، وقصدنا منه - على الأقل فيما اختططنا لأنفسنا - أن نجلو بعض تلك الظلمة التي تلف الأمر لفا، وأن ندخل إلى الموضوع نتائج البحث الجديد، وأن ننتفع بما صار في متناول اليد من الأخبار الجديدة، وأن نقرن ما جاء في كتب مؤرخي الشرق بعضه إلى بعض، ثم نعالجه بالفحص والتمحيص حتى نقيم تاريخ هذا العصر على أساس علمي، ولم يخف علي ما في عملي من تقصير عن الخطة التي رسمتها له، بل إني عالم به حق العلم؛ فقد أخفقت طريقتي في بعض الحالات، ولم أفلح فيما قصدت منها، فكنت في ذلك عند قول
Maeterlinck «كمن يضع عدسة منظاره المكبر على سكون وظلمة». غير أني أقر أن إخفاقي كان في حالات أخرى راجعا إلى عجز في أنا لضعف علمي باللغة العربية، ومشقة السير في عملي في فترات قصيرة من أوقات الفراغ، وهو عمل يتطلب استقرار الذهن والبحث الدقيق المتواصل. على أنني أرجو أن عملي هذا سوف يبعث على زيادة البحث، ويحفز إلى المضي في الدرس. والحق أنني ألفيت نفسي مضطرا إلى مخالفة جل ما استقرت عليه الآراء في موضوع الفتح العربي ؛ فإنك تجد سيرة الفتح، حتى فيما كتبه أحدث المؤرخين وأقربهم عهدا، لا تزيد في مجملها عما يلي:
অজানা পৃষ্ঠা
أنه قبل غزوة العرب ودخولهم فعلا في البلاد، كانت مصر قد وضعت عليها الجزية مدة ثلاث سنين أو تزيد، وضعها عليها قيرس (المقوقس)، ثم منع منويل تلك الجزية، فجاء العرب يغزون البلاد من أجل ذلك، وأن المقوقس كان من القبط وانضم إلى العرب، وأن القبط عامة رحبوا بالغزاة، ورأوا فيهم الخلاص، وأسدوا إليهم كل مساعدة، وأن الإسكندرية فتحت عنوة بعد حصار طويل مليء بالحوادث العجيبة والمخاطرات المثيرة.
مثل هذه السيرة هي التي أثبتها هؤلاء المؤرخون، ولعل القارئ يظن أننا نغالي ونبالغ إذ نقول إن تلك القصة لا حقيقة لها من بدئها إلى ختامها، ولكنا لا نرى رأيا غير هذا. وإنا إذا بحثنا الأمر، وفحصنا هذه العبارات جميعا، وعرفنا منشأها وأساسها؛ لاح لنا أنها تقوم على أساس من الحقيقة أو من شبه الحقيقة، ولا شيء أدعى للنظر ولا أروح للنفس من أن تفحص تلك الحقائق، وترى كيف حورت وحرفت حتى أمكن أن تلفق منها قصة تاريخية كاذبة، وإن شئت قلت خرافة. وقد لا يعجب القارئ أننا أطلنا في الهوامش والحواشي في بعض المواضع، وجوابنا على ذلك أننا قد رأينا واجبنا أن نثبت المراجع التي رجعنا إليها، والأسباب التي حملتنا على الذهاب مذهبنا الذي سلكناه، ورأينا الإفاضة والإطالة أولى بنا في مثل هذا الموضوع، وحيالنا ميدان فسيح مليء بالأخبار المتناقضة والخلافات العظيمة، فأطلنا وأفضنا، وما كان ينبغي لنا ذلك لو كنا نعالج أمرا أقل رقعة وأضيق ميدانا. وكذلك قد أطلنا في ملحقات الكتاب، ولكن لقد كان من أوجب الواجبات أن نقيم لأنفسنا بناء لتاريخ ذلك العصر، ونتخذ نظاما لتسلسل تواريخه وضبطها؛ فمثلا لم يكن من الممكن أن نكتب تاريخ الفتح إلا إذا جلونا حقيقة المقوقس، ولم يكن لنا كذلك بد من رسم خطة تامة لتسلسل التواريخ فيه؛ فلم يكن بالمجزئ أن نثبت ما نستخلصه من النتائج، وهي في كثير من الأحيان طريقة لم يسبق إليها أحد، بغير أن نبين الدعائم التي أقمناها عليها. ولقد كانت تلك الدعائم كثيرة الشعب والوجوه، سواء أكان ذلك فيما يخص شخص المقوقس، أم يخص تواريخ الفتح الفارسي، أو تواريخ الفتح العربي.
وأما موضوع الكتاب فقد بدا لنا أن كتابة تاريخ الفتح العربي لمصر يجب ألا يعالج على أنه حادث منقطع العلاقة بسائر حوادث التاريخ، بل إنه حادث لا يظهر خطره ولا تتضح حقيقته إلا إذا قرن بالأحداث التاريخية الكبرى التي ساقت دولتي الروم والفرس القديمتين إلى الاصطدام بالدولة العربية الناشئة. وقد رأينا أن حكم هرقل علم ظاهر من أعلام التاريخ يليق لأن نجعله مبتدأ تاريخنا. ومن لطائف الاتفاق أنه يبدأ على حوادث ذات شأن عظيم وقعت في مصر، وكانت لا تزال مجهولة خافية؛ فقد حدث في أثناء ذلك الحكم أن تمزق ملك فارس، وأن بعث (النبي) محمد، وقام برسالته ونشر دينه، وأن أفلت حكم بيت المقدس والشام من أيدي القياصرة، وملك كسرى بلاد مصر، كما أننا نطلع منه على الأسباب السياسية والدينية التي مهدت السبيل لانتصار سيف الإسلام وصولة القرآن. على أننا في الوقت عينه لم ننس أن نلقي نظرة على مجرى الحوادث التي كانت تحدث فيما وراء حدود مصر، وكانت نظرتنا إليه إلمامة حتى تكون تلك الحوادث الخارجية ثانوية تابعة لا تخمر الغرض الأول من الكتاب.
ولا غنى لنا عن التعرض بالقول للمراجع التي رجعنا إليها في تاريخ هذا العصر الذي اخترناه، فنذكر أولا من التواريخ القصيرة التي كتبها أهل الغرب في العصور القريبة
His. of the Saracens ، وهو تاريخ عجيب ألفه «أوكلي»، وتكاد شهرته بين الناس تعدل شهرة كتاب جبون، وهو
Rom. Empire. ، ثم نذكر كتاب «شارب»، وهو
Eg. under The Romans ، ولكنه ليس بالمؤلف الكبير القيمة. ونجد أخبارا طريفة وبحثا حديثا في الطبعة التي أخرجها الأستاذ «بوري» من كتاب تاريخ «جبون»، وفي الكتاب الذي ألفه الأستاذ نفسه، وهو
Later Rom. Empire ، ونجد مثل هذه الفوائد في كتاب المستر «ملن»، وهو
Eg. under Rom. Rule ، وكتاب الأستاذ ستانلي لين بول، وهو
Eg. in The Mid. Ages ، ورسالته عن القاهرة في سلسلة الرسائل المسماة
অজানা পৃষ্ঠা
Mediaeval Towns ، وكتاب فيل
Geschichte der Chalifen
مرجع قيم، بل هو لا غنى عنه، على أنه قد تقادم عليه العهد، وكتاب «فون رانكه»
Weltgeschichte
يحوي نبذة عن الفتح، ومقالا عن عمرو في مصر، وفيها يردد الكاتب الأخبار المتداولة، ولعلنا نستطيع تلخيص رأي «فون رانكه» في كلماته التي قالها هو، وهي: «وكان فتح مصر ناشئا من خيانة خائن قبطي خرج من قومه واستظل بألوية العرب.» وذلك لعمري رأي لا تقوم له اليوم قائمة في ميدان البحث. وأما المؤلفات الفرنسية الكبرى فلا بد لنا أن نذكر منها كتاب «ليبو» طبعة «سان مارتان»، وهو
Histoire du Bas Empire ، وهو كتاب لم يزد عليه المتأخرون إلا قليلا، أو لم يزيدوا عليه شيئا. وأما كتاب سيديو
Histoire Generale des Arabes ، فقد جاءت فيه نبذة عن الفتح، ولا يكاد الإنسان يجد بها جملة واحدة دقيقة. ومثل ذلك «ديهل» نفسه؛ فإنه كتب في كتابه القيم
Afrique Bizantine
ما يأتي: «وقد انحاز القبط إلى جانب المغيرين بغير أن يقاوموا مقاومة تذكر، وكانوا بانشقاقهم هذا سببا في نصرة المسلمين» (صفحة 553). وأما كتاب «رينودو»
His. Patr. Alex.
অজানা পৃষ্ঠা
فمؤلف جليل فيه درس عميق وبحث مستفيض، وله قيمة لا ثلمة فيها في الموضوع الذي يعالجه، وقد كان «كاترمير» مؤلفا اشتهر بسعة علمه ودقة حكمه، ومؤلفاته لا تزال على قيمتها العظيمة لم تفقد شيئا يذكر في نظر الباحثين في تاريخ مصر. على أن مؤلفات أهل الغرب لا يجوز الاعتماد عليها وحدها، حتى وإن كانت خيرا مما هي وأتم؛ فإن من أراد أن يبحث بحثا جديدا من هذا النوع، وجب عليه أن يعتمد على المراجع الأصلية. أما تلك المراجع، فاليوناني منها مخيب للظن والأمل؛ فمنها كتاب تيوفانز، وقد كتبه المؤلف في سنة 813، ولكنه أساء كل الإساءة في فهم أخبار الفتح العربي، فتاريخه المجمل المقتضب يخلط بين الفتح الأول والفتح الثاني للإسكندرية، مع أنه لا يذكر أحد الفتحين، وهو يخترع معاهدة عقدت مع العرب قبل دخولهم لمصر غازين، وليس في كتابه تناسب ولا تناسق، وهو السبب في كثير من التاريخ المختلط المكذوب. ومن كتاب اليونان «نيقفوروس»، وهو خير من السابق شيئا ما، ولكن كتابه لسوء الحظ ليس به شيء من أخبار ما بين سنتي 641-668، وما بقي بعد ذلك لا يزيد على أنه «ثبت بأسماء القواد المنهزمين». وهذان الكاتبان كلاهما يورد نتفا مفردة غير متصلة، ويختلف أحدهما عن الآخر، ويذكر كلاهما من تواريخ السنين ما لا يستطاع قبوله.
وأما حنا مسكوس وبطارقة بيت المقدس زكريا وصفرونيوس، فقد كانوا كتابا دينيين في أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع، ونستطيع أن نلمح فيما كتبوه بعض إشارات إلى حوادث سبقت الفتح. وقد ترك «ليونتيوس» النيابولي في قبرص ترجمة لحياة «حنا الرحوم» بطريق الإسكندرية، وفيها فائدة لتاريخ مدة الفتح الفارسي، وقد نشرها جلزر نشرة بديعة متقنة. وأما كتاب
Chron. Paschale
أو
Alexandrinum ، فأغلب الظن أنه كتب في أوائل القرن السابع في مصر، ولكنه لا يبلغ عهد الفتح، في حين أن الكتاب اللاتيني
Chronicon Orientale
الذي ألفه
Echellensis ، مؤرخ في سنة 1238 بعد الميلاد.
وأما المراجع الأرمنية، فإنها تكاد تكون في نظرنا لا فائدة فيها لتاريخ الفتح، مع أنها تذكر بالتفصيل العظيم حروب الدولة الرومانية مع الفرس، وتصف ضياع الشام؛ فالأسقف سبيوس له كتاب ظهر باللغة الروسية، وقد حرره المستر «كونيبير» مع ترجمة إنجليزية، ولكنه لم يطبع بعد، وفيه أخبار توضح ذلك العصر، ولكن ليس فيها ما يتعلق بمصر، أو ما أقل ما يتعلق بمصر فيها. وميخائيل السوري يظهر أنه ينقل عن تيوفانز، وقد نشر كتابه «لانجلوا». وأما النسخة التي حررها «شابوت» فإنها لم تتم بعد، وكتاب «اليشع النصيبي» توجد منه نسخة مخطوطة في المتحف البريطاني، ولكن جزءا منه خاصا بالفتح العربي قد نشر في «بتجن».
فلنأت الآن إلى الكتاب المصريين، ويجب أن نجعل أولهم وعلى رأسهم حنا النقيوسي، وهو أسقف قبطي كتب في مصر في أواخر القرن السابع، ولعله ولد حوالي زمن الفتح، وكتابه عبارة عن مؤلف في تاريخ العالم، وقد كتب جزء منه في الأصل باللغة القبطية، وجزء آخر باليونانية، ويظهر أنه قد نقل إلى العربية في زمن متقدم جدا، وعلى أساس النسخة العربية وجدت ترجمة أثيوبية، وهي النسخة الوحيدة الباقية من ديوان حنا، وقد ترجمها زوتنبرج وحررها. وأخبار هذا الكتاب ذات قيمة عظمى؛ إذ كان نصها واضحا غير غامض، ولم يتطرق إليه الفساد، ولكن ذلك الكتاب لا يذكر به شيء لسوء الحظ ما بين تولية هرقل وبلوغ العرب حصن بابليون؛ وعلى ذلك فكل مدة الفتح الفارسي وعودة مصر إلى الروم قد ضاعت منه، وكذلك قد اختلطت أخبار آخر مدة الفتح العربي اختلاطا عظيما؛ إذ هي مقلوبة رأسا على عقب، لا يستطاع إقامتها، ولا يكاد النقد يعيد إليها سياقها. على أنه قد ثبتت منه بعض حقائق من الأمهات الكبرى، ولا بد لنا من اعتبارها معالم ثابتة لا تدافع، ولا يختلف في صحتها، مع أنها تخالف ما جاء في الأخبار العربية المتأخرة عنها؛ فهي على ذلك أسس متينة لمن أراد أن يبحث في تاريخ هذا العصر. والحق أنه لم يكن في الإمكان أن يكتب تاريخ الفتح العربي لمصر لولا أن عثرت البعثة البريطانية إلى بلاد الحبشة على نسخة مخطوطة من كتاب حنا، وإنا لنرجو أن يعثر يوما ما على نسخة قبطية أو عربية من كتاب حنا النقيوسي تكون سابقة للنسخة الأثيوبية التي وجدت.
অজানা পৃষ্ঠা
2
ولقد وجد الدكتور «شفر» في متحف برلين قطعة من ست صفحات مكتوبة بلغة الصعيد، وهي كما قال المستر «كروم» تتفق اتفاقا يسترعي النظر مع ما جاء في ديوان حنا. وقد ترجم «زوتنبرج» كتاب حنا، ونشره نشرة فيها عيوب في بعض نواحي الترجمة، وفي حسبان التواريخ، ولا يزال أهل البحث على شوق في انتظار ظهور الترجمة الإنجليزية التي اضطلع بها الدكتور «شارلز».
وأما المخطوطات القبطية المتقدمة فلا يعرف منها إلا النزر اليسير مما لا علاقة له بموضوعنا، وقد عني المسيو أميلنو بنشر قطع من الوثائق البودلية، وبها قطعة من حياة بنيامين (وهو بحث منشور في الجريدة الآسيوية لسنة 1888 تحت عنوان
Fragments Coptes Pour Servir à l’Histoire de la Conquête de l’Egypte .) وقد نشر العلامة نفسه بحثا عن حياة صمويل القلموني في
Monuments pour servir a l’Histoire de l’Egypte Chret. aux V
e -VII
e
siècles ، وقد نشرت نسخة أثيوبية من حياة صمويل نفسه، وهي
Vido do Appa Samuel do Mosteiro do Kalamon ، نشرها
F. M. E. E. Pereira ، وهو الذي نشر كذلك عن اللغة الأثيوبية رسالة
অজানা পৃষ্ঠা
Vida do Appa Daniel ، ونحن مدينون للمسيو أميلنو كذلك برسالة في ترجمة حياة «بيزنتيوس»، وأخرى في حياة البطريق إسحاق، وكلاهما عن وثائق قبطية كتبت في القرن السابع، وبها نبذ ذات شأن عظيم، ولا شك أن الترجمة العربية لحياة شنودة قائمة على أصل قبطي، وقد نشرها كذلك المسيو أميلنو، ولكن القيمة التاريخية لهذه الوثائق القبطية ليست عظيمة المقدار؛ فقد كان هم من كتبوها ذكر الأمور الخاصة بالكنيسة، وكلما كانت تلك الأمور خارقة للمألوف كانت عنايتهم بها أعظم، وأما أمور الدنيا وحركاتها التي حولهم فقد كانت قلوبهم منصرفة عنها، تكاد تكون مقفلة من قبلها، ولا حاجة بنا إلى الأسف على أن هؤلاء الكتاب كانوا يستطيعون أن يدونوا لنا الأخبار الكثيرة ولكنهم لم يفعلوا، فلا يذكرون تاريخ عصرهم وحوادثه إلا بعض نتف متفرقة يذكرونها عرضا، ويلمحون إليها تلميحا.
وإنه لأشد لأسفنا أن حنا النقيوسي وسائر كتاب القبط في القرن السابع تفصلهم حقبة طويلة من الزمن عن الكتاب العرب، وهي نحو قرنين، وإنا لنأمل بعض الأمل أن نرأب تلك الثلمة إذا ما تم درس أوراق البردي الكثيرة التي كشفت في الفيوم وسواها، وإن ما تم منها للآن على أيدي الدكتورين «غرنفل» و«هنت»، وعلى يدي المستر كروم، ليس له كبير جدوى في تاريخ العرب، غير أن أوراق البردي العربية التي ينشرها الأستاذ «كراباسك» لا بد ترسل نورا يجلو ذلك التاريخ، ولنا على ذلك دليل مما نشره في ثبت بين فيه نماذج من تلك الأوراق، وعرضه في معرض «فينا»، وقد كان بينها خطابات من عمال اشتركوا في ميدان الفتح، وأورد حنا النقيوسي ذكر أسمائهم كما أورد أسماءهم مؤرخو العرب.
ولسنا نطمع أن نأتي ببيان مستقص لكل مؤرخي العرب، وحسبنا أن نأتي هنا بكلمة عن كل من كبارهم؛ فلعل في ذلك فائدة؛
3
فقد كان من أول مؤرخي العرب وأعظمهم قدرا الواقدي (747-823 للميلاد)، وقد ضاع كتابه، ولم يبق منه إلا المقتبسات الكثيرة والإشارات العدة التي بقيت في كتب المؤرخين الآخرين. وأما تلك الكتب التي تحمل اسمه مثل كتاب «فتوح مصر»، فإنها تنسب إليه خطأ، ولكنها في العادة تذكر منسوبة إلى اسمه تسهيلا في القول ، بدل أن يقال إنها تأليف «المدعي بأنه الواقدي».
البلاذري (806-892) تعلم في بغداد، ثم تردد على أبواب الخلفاء، وكتب حوالي سنة 868 كتابه «فتوح البلدان»، وهو كتاب في ذكر الحروب والغزوات مرتبة بحسب الأقطار والأقاليم، وهذا الكتاب إذا لم يكن أول الكتب عهدا وأغزرها مادة فهو بغير شك حجة من أعظم المراجع قيمة، ويتضح منه أنه قد كان منذ القرن التاسع خلاف عظيم في الآراء عن تفاصيل فتح مصر، واسمه مشتق من «حب البلاذر»، وهو مادة مخدرة، وقد كان موته ناشئا من أخذه جرعة منه زائدة عن طاقته، والعلامة
Weil
لا يعرف البلاذري.
ابن عبد الحكم (المتوفى بالفسطاط سنة 870) مؤلفه موجود في نسخة وحيدة مخطوطة لم تنشر بعد، وهي في باريس، ولكن قد أعدت العدة لنشرها، وإن الباحثين في الأمور الشرقية ليتطلعون إلى ذلك تائقين، وقد نقل كثير من الأخبار عن ذلك المؤلف، نقلها المؤرخون المتأخرون من العرب، كما نقل عنه «فيل» و«كاترمير»، ويختلط في كتاب ابن عبد الحكم كثير من قصص الخيال بأخبار التاريخ، ولكن لو نشرت منه نسخة منقودة لكانت ذات شأن عظيم.
وثمة الكثير من أوائل من كتبوا في وصف البلدان باللغة العربية، وقد نجد في كتبهم كثيرا من الأخبار والنتف التاريخية التي لها قيمة عظمى، وقد نجد نصوص أكثرهم في كتاب «دي جويجه»
অজানা পৃষ্ঠা
Bibliotheca Geographica Arabica ، ونسمي من هؤلاء الإصطخري (ولعله ممن كتب في القرن التاسع)، وأبا القاسم بن حوقل (وكتب حوالي سنة 960 للميلاد)، وشمس الدين المقدسي، وابن رستاه، وابن الفقيه (وكتبا حوالي سنة 900 للميلاد)، وابن واذح أو اليعقوبي (المتوفى سنة 874 للميلاد)، وهو حجة عظيم القدر، غير أن «فيل» لا يعرف عنه شيئا، والمسعودي (وكتب حوالي سنة 960 للميلاد)، وهو كاتب دقيق الملاحظة، وما كتبه ذو قيمة كبرى في وصف آثار الإسكندرية.
ابن قتيبة (828-889 للميلاد) خلف «كتاب المعارف»، وهو عبارة عن قاموس تاريخي لتراجم حياة الأعلام، وقد قال عنه «فوستنفلد»: «إنه أقدم الكتب التاريخية المحضة التي بقيت إلى الآن من مؤلفات العرب.» ولكن الظاهر أنه أخذ أخباره من الرواية الشفوية وحدها بغير أن يرجع إلى المدونات، وقد أكثر النقل عنه متأخرو المؤلفين العرب، غير أنه لم يأت في أخباره عادة إلا بالقليل، وأسلوبه غير مفصل ولا مستفيض، وذلك أمر غير عجيب، بل هو المتوقع منه.
والآن فلننتقل إلى ذكر علم من أشهر الكتاب، ومن أجلهم قدرا في أكثر ما كتب، وهو الطبري (839-923 للميلاد)، وقد ولد في بلاد طبرستان، واسمه مشتق منها، وتلقى كثيرا من العلم، ثم ضرب في البلاد، فذهب إلى العراق والشام ومصر، ودرس القرآن والحديث والفقه والتاريخ، ثم عاد إلى بغداد وأقام بها، واشتغل بالتدريس والكتابة، وأخباره في العادة دقيقة، ويعنى بها عناية كبرى، ويفصل فيها تفصيلا وافيا مجليا، ولكن من أكبر ما يدعو للأسف أن كتابه ناقص نقصا عظيما في أخبار فتح مصر؛ فإن روايته في ذلك قليلة قلة شديدة، وزيادة على قلتها قد دخلها خلط كبير في كل ما يتعلق بوصف البلدان وتواريخ الحوادث، وذلك يدعو إلى كثير من التضليل. على أننا نرى أنه من الجائز أن يكون العيب في ذلك عيب النساخ، وليس عيب المؤلف؛ إذ قد يكون النساخ قد اختصروا الأصل، ولم تكن لهم خبرة تسددهم في اختيار ما يجب اختياره، وإغفال ما يجمل بهم إغفاله من الأخبار والروايات التي أوردها المؤلف بعضها إلى جانب بعض في ديوانه. ولعل ذلك يوضح لنا العلة في أمر عجيب في ذلك الكتاب؛ إذ جاء فيه ما قد يفيد أن فتح الإسكندرية قبل فتح منفيس أو مصر.
والمؤرخ المسيحي سعيد بن بطريق معروف معرفة عظيمة باسم آخر أكثر شيوعا، وهو «أوتيكيوس»؛ وعلى ذلك فلسنا في حاجة إلى الإطالة في ذكره؛ فقد ولد في الفسطاط في سنة 876، وتوفي سنة 960 للميلاد، وكان عالما ممتازا في الطب والدين والتاريخ، وصار بطريق الملكانية من سنة 933، واستمر عليها إلى وفاته، وينتهي ديوانه في سنة 938، وقد نسج به تاريخا سائغ المقرأ، غير أنه لم يكن تاريخا نقديا، وقد جمع في نسجه كل ما وجده دونه من خيوط الأخبار في المؤلفات؛ وعلى ذلك قد حفظ أخبارا كثيرة ذات شأن كبير، وديوانه فيه غلطة ثابتة في التاريخ مقدارها ثماني سنوات، سوى ما فيه فوق ذلك من الأخطاء وخلاف المتفق عليه.
ودوننا كاتب مسيحي آخر، وهو الأسقف القبطي للأشمونيين، نعني ساويرس (ابن المقفع)، وكتب تاريخ حياة البطارقة، وهو كتاب لم ينشر، ولا يعرف عنه إلا القليل، اللهم سوى ما أخذ عنه رينودو في كتابه، وتوجد ثلاث نسخ مخطوطة من هذا الكتاب؛ إحداها في المتحف البريطاني، وهي مما تخلف من نحو القرن الخامس عشر، والثانية في المكتبة الأهلية (بباريس)، وهي من نحو القرن الرابع عشر، والثالثة وهي قبل هاتين بمدة طويلة، ولعلها من نحو القرن الثاني عشر، وهي في حيازة مرقس بك سميكة (مرقص باشا سميكة) في القاهرة. وكتاب ساويرس عظيم الفائدة فيما يتعلق بتاريخ الكنيسة، غير أنه ليس فيه كبير غناء فيما سوى ذلك من أخبار الدنيا، وقد كان يعيش في القرن العاشر، ولكن لم يتحقق تاريخ وفاته الصحيح. والنسخة الخطية التي في باريس بها مقدمة من كتابة محبوب بن منصور، وهو شماس كان بالإسكندرية في النصف الأخير من القرن الحادي عشر، وقد كان يحرر في كتاب «تاريخ حياة البطارقة»، وقد قال ساويرس في مقدمته التي كتبها بنفسه: إنه كان يلجأ إلى بعض القبط ليترجموا له الوثائق القبطية واليونانية إلى اللغة العربية؛ إذ إن اللغتين المذكورتين كانتا حتى عند ذلك غير معروفتين لأكثر المسيحيين. وهذا عظيم الدلالة؛ إذ يظهر الحال من الاضمحلال التي هوت إليها لغة القبط ولغة اليونان، كما أنه يظهر جهل ساويرس بهاتين اللغتين. والحق أن ذلك الدليل على جهل اللغة القبطية عجيب مدهش، حتى ليلوح لنا أنه لا يكاد يصدق (انظر ثبت الكتب المخطوطة في باريس، طبعة دي سلان، صفحة 83).
فلنمض الآن من التاريخ الكنسي الذي كتبه ساويرس المصري إلى الرسالة التي كتبها الماوردي عن الأحكام السياسية، وكان الماوردي من بغداد (975-1058)، وقد بلغ أعلى شأو في ميدان الفقه والقضاء والسياسة، وكان ممتازا بسعة علمه ودقة حكمه، كما كان ممتازا باستقامته واستقلاله وعزة نفسه، وكتابه في «الأحكام السلطانية» مؤلف نفيس، فيه قوة في البيان وعمق في البحث، وهو عمدتنا فيما نعرف عن نظام الضرائب في الإسلام، كما أنه عمدتنا في كثير غير ذلك من مسائل الشريعة والعرف.
وإذا نحن استثنينا هذا الكتاب لم نجد إلا فراغا منذ القرن العاشر إلى القرن الثاني عشر، حتى نأتي إلى عصر كتاب الإدريسي في الجغرافيا، وكان الإدريسي من أهل الأسفار، ولما بلغ من العمر ستين عاما نزل ضيفا كريما على بلاط الملك روجر الثاني في صقلية، وكتاب الإدريسي يحوي طائفة من الأخبار القيمة. وأتى بعده بفترة قصيرة كتاب ابن الأثير (1160-1232)، ثم كتاب أبي صالح، وكان يعيش في العصر نفسه، وكتب حوالي سنة 1200، ولعله ولد قبل مولد ابن الأثير ببضع سنين، ثم يلي ذلك كتاب ابن خلكان «وفيات الأعيان». وكان ابن الأثير من أهل ما بين النهرين، وكان أكثر درسه للعلم في الموصل وبغداد، وقضى معظم حياته في الدرس والأدب، ولكنا لا نستطيع أن نجعله في الميدان الذي نحن فيه إلا في مرتبة دون مرتبة كبار المؤرخين، ولعله نقل أخبار الفتح عن كتاب الطبري، وما جاء فيه من ذلك لا يزيد الأمر إلا تحييرا. ومن أعجب الأمور أن كتابه الذي يسميه «الديوان الكامل» تزيد قيمته بعد أن نخرج من فترة الفتح، حتى إنه ليخيل إلينا أن القضاء جرى بأن يلقي أخبار الفتح في مجاهل النسيان. وأما ابن خلكان فقد كان صديقا لابن الأثير، وخلف كتابا في تراجم الأعيان، وقد نقلنا عنه كثيرا من الأخبار، وتوجد نسخة قيمة من ذلك الكتاب في اللغة الفرنسية، نشرها
Mac Guckin de Slane ، وكتاب أبي صالح «تاريخ الكنائس والديارات» معروف اليوم، والفضل في ذلك يرجع إلى نسخة المستر
B. T. Evetts
التي طبعت في أكسفورد.
অজানা পৃষ্ঠা
وأما تاريخ مصر القصير الذي ألفه عبد اللطيف البغدادي، فقد كان معروفا من زمن طويل، والفضل في ذلك راجع إلى نشرة «ويت» مع ترجمتها اللاتينية، وقد ولد عبد اللطيف في بغداد في سنة 1161، ورأى كثيرا من الحروب مع الصليبيين في أيام السلطان صلاح الدين مع أنه لم يكن من الجند، على أنه سافر في بلاد الشرق الأدنى، وأقام مدة طويلة في مصر، وكان قصده من زيارتها في أول الأمر أن يسمع حكمة «الميمونيين».
4
وقد اشتهر بالعلم شهرة واسعة؛ لما كان عليه من معرفة بالطب والفلسفة والتاريخ، ولكن خدمته للتاريخ ينقص منها ما في أخباره من قصر واختصار، ومن الاستطراد في كتابته وتنقله من أمر إلى آخر.
ياقوت (1178-1228) هو كاتب شائق، وأكثر ما كتبه موثوق به، وقد ولد في بلاد الدولة الرومانية، ثم بيع رقيقا في بغداد لتاجر، فكان يبعث في التجارة إلى بلاد الخليج الفارسي، ثم ترك مولاه لخلاف شجر بينهما، وأخذ في تحصيل العلم، وكان يرتزق في أثناء ذلك من نسخ الكتب، ثم صالح مولاه قبل سنة 1200، وعاد إلى الاشتغال بالتجارة، وسافر من أجل ذلك إلى جزيرة «كيس»، ولكنه عندما عاد من سفره وجد أن مولاه قد توفي، فاشتغل ببيع الكتب والتأليف والسفر، وحوالي سنة 1213 زار مدينة «تبريز» وبلاد الشام ومصر، وبعد ذلك بسنتين سار إلى الشرق من دمشق، حتى إذا بلغ مرو ألفى بها مكتبة مليئة بالكتب، وهناك بدأ كتابه «معجم البلدان»، وانتهى من كتابته في سنة 1224، ولكنه اضطر إلى الرجوع لزيارة الإسكندرية، ولم يبدأ في نقل كتابه إلا في سنة 1227 في حلب، ومات وهو يشتغل في ذلك العمل في السنة التالية، وإنما لمما يؤسف له أنه لم يستطع أن يعيد النظر على كتابه، وهو كتاب لا يزال ذا قيمة عظمى في التاريخ والجغرافيا.
وأما ديوان المكين أو ابن العميد، أي كتاب تاريخ المسلمين، فهو مجموعة من نتف وأخبار قصيرة مرتبة بحسب تاريخ السنين، والكتاب معروف؛ إذ نشر نصه مع ترجمة لاتينية في سنة 1625، نشره
Erpenius ، وقد نقل «جبون» عنه كثيرا، كما نقل عنه كثيرون غيره، ولم يكن ل «جبون» من المراجع العربية إلا هذا الكتاب مع بضعة كتب أخرى قليلة، وقد قال رينودو فيه رأيا غير مشهور، إذ قال:
5
Qui Elmacinum sequuntur si Arabice nesciant, non ipsum sed interpretem sequi deprehenduntur, qui ut in multis saepe falsus est, ita circa annorum Arabicorum cum Romanis comparationem saepissime (His.
وكذلك قال فيما يتعلق بالتواريخ:
6
অজানা পৃষ্ঠা
Infinitis exemplis constat hallucinari saepissime Elmacinum.
والظاهر أن المكين، كما قال رينودو، جعل ديوانه أو جزءا كبيرا منه على أساس ساويرس، وهذه الحقيقة توضح بعض السبب في قلة تحريه ودقته، وقد ولد المكين حوالي سنة 1205، ولكن تاريخه ينتهي إلى ما قبل عصره بنحو قرن، وقد كان مسيحيا مصريا، ولكن مؤلفه يجب أن يعد بين المؤلفات الصغيرة القيمة في نظر الباحث في تاريخ مصر.
أبو الفرج (1226-1286)، ويسمى كذلك ابن العبري؛ نظرا لأنه من أصل إسرائيلي، وقد ولد في ملطية بأرمينيا، وهو معروف بكتابه «تاريخ الدول» الذي نشره «بوكوك» مع ترجمة لاتينية، وهذا التاريخ مكتوب باللغة العربية، وقد اختصره أبو الفرج نفسه من كتاب أكبر كتبه باللغة السريانية، وقد جاء فيه أول ذكر مفصل لإحراق مكتبة الإسكندرية المزعوم، ولكنه لا يزيد شيئا على ما نعرف من أخبار الفتح العربي. وكتابه «تاريخ الكنائس» باللغة السريانية يتعلق بالكنيسة السورية أكثر مما يتعلق بكنيسة الإسكندرية، ولكن به بعض أخبار قيمة تتعلق بعصرنا الذي نعالجه، وكان أبو الفرج مسيحيا يعقوبيا، وصار أسقفا، ثم صار بطريقا لطائفته.
وللنووي معجم في التراجم فيه كثير من الأخبار التي لا تتعلق بعصر خاص، ولكنا لا نجد به كثيرا مما له علاقة لازمة بالفتح العربي، وقد ولد في قرية «نوا» بقرب دمشق في سنة 1232، وصرف حياته في الدرس والتعليم، ثم مات من الإعياء والجهد، ولا يزال قبره محفوظا، وله في نفوس الناس مقام كبير؛ إذ يعدونه وليا من أولياء الله.
وأما القزويني المتوفى سنة 1283، فقد خلف كتابا في آثار البلاد، وهو يشبه أن يكون دليلا لوصف الآثار القديمة، وقد وجدناه ذا فائدة في المسائل المتعلقة بالآثار. وكتاب أبي الفداء في وصف البلدان لا يسعنا أن نغفله؛ فهو قيم لذاته، وقد زادت قيمته لما أضاف إليه «رينو» في طبعته الفائقة التي جاءت في مقدمتها مقالة ذات فائدة عظمى، وصفت فيها الموارد العامة لعلم وصف البلدان في العربية.
وقد كان أبو الفداء علما من الأعلام، سليل الأسرة التي أنجبت صلاح الدين الأيوبي، ودرج في سننها من سبل الفروسية، فكان يهيم بمعمعان الحرب منذ نعومة أظفاره، على أن ناحيته العقلية كانت نامية زاكية ، وصار في آخر عمره سلطانا لحماة فوق ما كان عليه من سعة العلم والتبريز في الأدب، فكان بابه مقصدا للأعلام في كل ضرب من الفنون والآداب، وكان مولده في سنة 1273، وكانت وفاته في سنة 1331.
ولعلنا لا نكون تجاوزنا الحدود ونحن في صدد قولنا هذا في وصف البلدان إذا نحن عرضنا لكتاب أميلنو
Geographie de l’Eg. à l’Epoque Copte ؛ فهو كتاب عظيم النفع، يرجع إليه لمعرفة أسماء البلدان في العصر القبطي والعربي. وكذلك يجدر بنا ذكر مقال المستر «لسترانج» في مؤلفي كتب وصف البلدان من العرب، وذلك في مقدمة كتابه
.
ابن خلدون (1332-1405) يذكرنا اسمه بانتشار الدولة الإسلامية على بلاد المغرب؛ فقد كان مولده في تونس، ولكن أسرته كانت قد انتقلت من زمن طويل إلى بلاد الأندلس وأقامت بها، ثم تركت أشبيلية، وأقامت في سبتة قبل ميلاده بنحو قرن، وقد حصل ابن خلدون العلم في تونس أولا، ثم في تلمسان، ثم لحق بسلطان غرناطة، وقام بنفسه على عقد المعاهدة مع «الدون بدرو» القاسي ملك قشطالة، وقد استطاع سلطان غرناطة بتلك المعاهدة أن يعود إلى قصبة ملكه، وتاريخ ابن خلدون بحالته التي بقي عليها إلى اليوم مختلط تحيط به ظلمة حيث يصف أخبار فتح مصر، على أنا نجد به نبذا ذات قيمة عظمى ظهر صدقها الناصع ظهورا جليا.
অজানা পৃষ্ঠা
المقريزي (1365-1441) نجد فيه مؤلفا مصريا إذ ولد بالقاهرة، وكتابه «الخطط والآثار» أثر نفيس من آثار العمل المتصل في جمع الأخبار، وقد كان كاتبا مكثرا عظيم الإكثار، وكان مطلعا على عدد عظيم من المؤلفات، غير أن معظمها قد ضاع ودرست معالمه، فهو من جهة مقدار ما كتب أعظم مراجعنا وأكبرهم شأنا، على أنه قد رجع فيما رجع إليه إلى بعض مؤلفين ليسوا ذوي ثقة عظمى، ومنهم من لا يتضح معنى قوله ومنهم، من يشك في روايته، وعلى ذلك فإنه مع شدة غيرته في كتابته وعنائه في عمله لا نستطيع أن نصفه بالدقة والتحري، ولا بأنه استطاع أن يحسن بناء ما وجد دونه من الأخبار.
ابن حجر العسقلاني (1372-1448) نحن مدينون له بكتابه في التراجم الذي أفادنا في ترجمة حياة «عمرو، وسواه من القواد في مدة الفتح»، وكان مولده في عسقلان كما يدل عليه اسمه، ثم سافر كثيرا في بلاد الشام وبلاد العرب ومصر، وحج إلى بيت الله إذ كان عمره عشر سنين، واشتغل بالتجارة ثم بالشعر ثم بالأدب، ومات وقد طعن في السن في مدينة القاهرة.
أبو المحاسن (1409-1469) كان أبوه مملوكا للسلطان برقوق، وولاه على حلب ثم على دمشق، ولكن المؤرخ نفسه ولد في القاهرة وتعلم بها، وكان المقريزي أحد من تلقى عنهم العلم، وقد جمع كتابه في تاريخ مصر على طريقة هي أشبه شيء بطريقة المقريزي؛ أي إنه كان يروي مختلف الروايات عن الحادث الواحد بغير أن يعلق عليها أو ينقدها أو يرجح بعضها على بعض، وإن فعل كان ذلك نقدا يسيرا.
السيوطي (1445-1505) هو آخر من نذكر هنا من المؤرخين، وكتابه «حسن المحاضرة» مبني في كثير من نواحيه على كتاب المقريزي؛ فهو ينقل عنه قطعا بأكملها نقلا لفظيا، وكان السيوطي من أهل القاهرة، مع أن أسرته كانت في الأصل من أرومة فارسية، وحلت في أسيوط منذ ثلاثة قرون قبل مولده، وكان أبوه قاضيا في القاهرة، وعلم بالشيخانية، وخطب في مسجد ابن طولون. وقد بدأ السيوطي يكتب منذ صغره، وكان يفخر بأن مؤلفاته معروفة في آسيا الصغرى، والشام، وبلاد العرب، وشمال أفريقيا، وبلاد الحبشة ذاتها، ولكن غروره وتفيهقه جعلاه مكروها عند الناس، فعزل عن أعماله المختلفة في التدريس، أو اعتزل العمل بها من تلقاء نفسه، ثم انتحى ناحية في جزيرة الروضة ومات بها. وكتابه في التاريخ يدل على انحطاط حتى إذا قورن بكتب سلفه الأقربين، ولكن من الحق أن نقول عنه كما نقول عن سلفه، إن اختيارهم للروايات كان يحوي أخبارا لها قيمة وخطر مما أغفله سواهم من أصحاب المصنفات الأخرى، أو مما ردوه ولم يروا إثباته.
على أننا لا بد أن نذكر مؤلفا آخر ذا شأن عظيم، ولم يكن من مؤلفي التاريخ، بل من الكتاب في وصف البلدان والآثار، ولم يكشف مؤلفه إلا سنة 1891، نعني به ابن دقماق، ويظهر أنه مصري، وأن وفاته كانت سنة 1406. وقد نشر الدكتور «فولرز» نص كتابه مع مقدمة اعترف فيها، وحق له ذلك، بما كان عليه المؤلف من سعة العلم التي تستلفت النظر، والقصد الأول للكتاب يدل عليه عنوانه؛ فهو وصف لبلاد مصر، وكثير من الحقائق التي حفظها ابن دقماق في كتابه لم يسبقه إلى ذكرها أحد، وهي شائقة من أروع ما كتب، ولا سيما ما كان منها في وصف آثار الفسطاط والإسكندرية، ولنضرب لذلك مثلا، فإنه يذكر أن الباب الأصلي للحصن الروماني الذي كان تحت كنيسة المعلقة كان في عام 1400 مستعملا لمرور الناس، ولعلنا نرجو أن يوفق الدكتور «فولرز» إلى نشر ترجمة لذلك الكتاب العجيب.
هذه إذن أمهات الكتب الشرقية التي استمددنا منها تاريخنا هذا، وليس منها واحد يذكر أخبار الفتح واضحة متصلة، بل نرى واجبنا أن نقول إنه ليس منها ما يذكر تلك الأخبار دقيقة، ولا يكاد الإنسان يتصور مقدار ما فيها من خلط في التواريخ والحوادث والأشخاص، ولعل القارئ يستطيع من مطالعة الملاحق التي ألحقناها في آخر الكتاب أن يتبين شيئا من مقدار ما هنالك من خلط في التاريخ، ومقدار ما عانيناه من المشقة في ابتداع طريقة لضبط تواريخ الفتح الفارسي والفتح العربي؛ فالظاهر أن مؤرخي العرب لا يعرفون شيئا عن تيودور القائد الأعلى لجيوش الروم، فهم يخلطونه ببعض أصاغر القواد، وهم كذلك يخلطون بين قيرس وبنيامين، وبين فتح قطر مصر وفتح مدينة مصر وفتح الإسكندرية، وأما معاهدة بابليون فهم يخلطونها بمعاهدة الإسكندرية،
7
وكذلك لا يميزون بين فتح الإسكندرية الأول الذي كان صلحا، وبين فتحها الثاني الذي كان عنوة في مدة ثورة منويل. والحق أننا لا ندعي أننا قد جلونا هذه الظلمات، فإنا لم نعمل سوى أن حاولنا تبيين أكبر مواطن الخلط، والوصول إلى الحقائق التي غطى عليها تناقض الأخبار. وقد حاولنا كذلك أن نكتب بغير تحيز إلى جانب القبط أو العرب؛ فبدأنا درس هذا التاريخ وكان الاعتقاد السائد أن القبط قد ساعدوا العرب ورحبوا بهم، غير أننا اضطررنا إلى أن نعتقد أن التاريخ قد ظلم القبط في ذلك ظلما فاحشا، وكذلك بدأنا درسنا على الاعتقاد الشائع أن العرب أحرقوا مكتبة الإسكندرية، غير أنا اضطررنا إلى أن نرى أن التاريخ قد ظلم العرب في ذلك ظلما فاحشا كذلك، وقد رحبنا بالرأيين الجديدين معا؛ إذ كنا ممن يحملون لكلا الشعبين العربي والقبطي أكبر الإعجاب. على أننا لا يحملنا ذلك على الانحياز لأحدهم، فما كان لنا إلا قصد واحد، وهو أن نصل إلى الحق. غير أننا نرجو أن يهتم العرب والقبط جميعا بسعينا هذا الذي سعينا إليه في تمييز الحق وتصفيته من الباطل، وفي جلاء عصر شديد الظلمة من عصور تاريخ مصر.
وكنا في كتابة الألفاظ العربية نسير على النظام المتبع في نشرة مطبعة «كلارندرن» لكتاب أبي صالح، وهو النظام الذي أقره كثير من العلماء الإنجليز باستعمالهم إياه. على أننا لم نجد من الضروري أن ننقل وفق هذا النظام ما دخل إلى اللغة الإنجليزية من الألفاظ العربية وصقله الاستعمال، مثل محمد
Mohammed ، وعمر
অজানা পৃষ্ঠা
Omar ، ومكة
Mecca ، والقاهرة
Cairo ، وكنا نحذف أداة التعريف كما فعل من قبلنا المستر
Le Strange
في بحثه «بغداد». ولقد كان من العسير في بعض الأوقات أن نختار صورة للفظ من صور له متعددة بين يونانية وقبطية وعربية، فمثلا آثرنا استعمال لفظ
Nikiou ، وهو يوناني قبطي؛ إذ كان هو المستعمل عند الفتح، وفضلناه على لفظ نقيوس، وهو الصورة العربية لاسم تلك المدينة؛ إذ إن تلك الصورة تكاد تكون ميتة اليوم، ولكنا عند ذكر الفيوم رأينا من اللازم استعمال ذلك اللفظ المألوف، وفضلناه على الصورة القبطية لذلك الاسم وهي «بيوم»، أو الصورة اليونانية الرومانية «إقليم أرسنويه»، وهذا الاختلاف كان في أكثر الأحوال مقصودا على ذلك ولو كان خطأ، ويجب ألا يضاف إلى بيان الأخطاء الغير المقصودة أو وجوه النقص في الكتاب.
ولا بد لنا أن نشكر الدكتور المبجل «ر. ه. شارلز» إذ أعارنا ترجمته لكتاب حنا النقيوسي، والمستر «ف. ك. كونيبير» إذ أعارنا ترجمة إنجليزية لكتاب سبيوس، وللمستر «ب. ت. افتس » أن أعاننا بترجمة نبذ كثيرة من الكتب العربية، والمستر «و. أ. كروم»، والمستر «أ. و. بروكس»، والأستاذ «فولرز»، الأستاذ في «يينا»، لما قدموه لنا من الاقتراحات ووجوه النقد. ولا بد لنا أن نذكر مع الشكر والعرفان من ساعدونا أثناء زيارتنا القريبة لمصر، ونخص منهم فضيلة الأستاذ الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية؛ إذ قد قدم لنا بعض قطع اختارها أو كتبها خاصة بالفتح، ومرقص بك سميكة إذ ساعدنا بأن راجع معنا نسخة من تاريخ ساويرس، كما قدم لنا كثيرا من الأيادي في وجوه مختلفة لم يدخر فيها وسعا، وجناب ماكس هارتز بك إذ قدم لنا كثيرا من البيانات عن الحصن الروماني حصن بابليون، وعن سوى هذا من أمور خاصة بالفن والآثار، والكبتن ليونز
R. E.
بنظارة الأشغال العامة، والمنسنيور «ب. كازانوفا» مدير المعهد الفرنسي، والمستر «أ. أ. فلوير» رئيس مصلحة التلغرافات؛ إذ قدموا لنا كثيرا من المساعدات فيما يخص أسماء المواضع وخطط البلاد عموما. وفوق كل ذلك أبادر بأحر الاعتراف بفضل صديقي المبجل المفضل «العميد بوتشر» بالقاهرة؛ إذ أتاح لي فرصة زيارة القاهرة مرة ثانية من أجل هذا الكتاب، وقد كان لا يفتر عن أن يغمرني بعطفه وتشجيعه، وهو يتابع خطواتي في هذا العمل، ويضيء لي السبيل فيه.
ألفريد ج. بتلر
অজানা পৃষ্ঠা