ফাতেহ আল-আরাব লি মিসর
فتح العرب لمصر
জনগুলি
أنه قبل غزوة العرب ودخولهم فعلا في البلاد، كانت مصر قد وضعت عليها الجزية مدة ثلاث سنين أو تزيد، وضعها عليها قيرس (المقوقس)، ثم منع منويل تلك الجزية، فجاء العرب يغزون البلاد من أجل ذلك، وأن المقوقس كان من القبط وانضم إلى العرب، وأن القبط عامة رحبوا بالغزاة، ورأوا فيهم الخلاص، وأسدوا إليهم كل مساعدة، وأن الإسكندرية فتحت عنوة بعد حصار طويل مليء بالحوادث العجيبة والمخاطرات المثيرة.
مثل هذه السيرة هي التي أثبتها هؤلاء المؤرخون، ولعل القارئ يظن أننا نغالي ونبالغ إذ نقول إن تلك القصة لا حقيقة لها من بدئها إلى ختامها، ولكنا لا نرى رأيا غير هذا. وإنا إذا بحثنا الأمر، وفحصنا هذه العبارات جميعا، وعرفنا منشأها وأساسها؛ لاح لنا أنها تقوم على أساس من الحقيقة أو من شبه الحقيقة، ولا شيء أدعى للنظر ولا أروح للنفس من أن تفحص تلك الحقائق، وترى كيف حورت وحرفت حتى أمكن أن تلفق منها قصة تاريخية كاذبة، وإن شئت قلت خرافة. وقد لا يعجب القارئ أننا أطلنا في الهوامش والحواشي في بعض المواضع، وجوابنا على ذلك أننا قد رأينا واجبنا أن نثبت المراجع التي رجعنا إليها، والأسباب التي حملتنا على الذهاب مذهبنا الذي سلكناه، ورأينا الإفاضة والإطالة أولى بنا في مثل هذا الموضوع، وحيالنا ميدان فسيح مليء بالأخبار المتناقضة والخلافات العظيمة، فأطلنا وأفضنا، وما كان ينبغي لنا ذلك لو كنا نعالج أمرا أقل رقعة وأضيق ميدانا. وكذلك قد أطلنا في ملحقات الكتاب، ولكن لقد كان من أوجب الواجبات أن نقيم لأنفسنا بناء لتاريخ ذلك العصر، ونتخذ نظاما لتسلسل تواريخه وضبطها؛ فمثلا لم يكن من الممكن أن نكتب تاريخ الفتح إلا إذا جلونا حقيقة المقوقس، ولم يكن لنا كذلك بد من رسم خطة تامة لتسلسل التواريخ فيه؛ فلم يكن بالمجزئ أن نثبت ما نستخلصه من النتائج، وهي في كثير من الأحيان طريقة لم يسبق إليها أحد، بغير أن نبين الدعائم التي أقمناها عليها. ولقد كانت تلك الدعائم كثيرة الشعب والوجوه، سواء أكان ذلك فيما يخص شخص المقوقس، أم يخص تواريخ الفتح الفارسي، أو تواريخ الفتح العربي.
وأما موضوع الكتاب فقد بدا لنا أن كتابة تاريخ الفتح العربي لمصر يجب ألا يعالج على أنه حادث منقطع العلاقة بسائر حوادث التاريخ، بل إنه حادث لا يظهر خطره ولا تتضح حقيقته إلا إذا قرن بالأحداث التاريخية الكبرى التي ساقت دولتي الروم والفرس القديمتين إلى الاصطدام بالدولة العربية الناشئة. وقد رأينا أن حكم هرقل علم ظاهر من أعلام التاريخ يليق لأن نجعله مبتدأ تاريخنا. ومن لطائف الاتفاق أنه يبدأ على حوادث ذات شأن عظيم وقعت في مصر، وكانت لا تزال مجهولة خافية؛ فقد حدث في أثناء ذلك الحكم أن تمزق ملك فارس، وأن بعث (النبي) محمد، وقام برسالته ونشر دينه، وأن أفلت حكم بيت المقدس والشام من أيدي القياصرة، وملك كسرى بلاد مصر، كما أننا نطلع منه على الأسباب السياسية والدينية التي مهدت السبيل لانتصار سيف الإسلام وصولة القرآن. على أننا في الوقت عينه لم ننس أن نلقي نظرة على مجرى الحوادث التي كانت تحدث فيما وراء حدود مصر، وكانت نظرتنا إليه إلمامة حتى تكون تلك الحوادث الخارجية ثانوية تابعة لا تخمر الغرض الأول من الكتاب.
ولا غنى لنا عن التعرض بالقول للمراجع التي رجعنا إليها في تاريخ هذا العصر الذي اخترناه، فنذكر أولا من التواريخ القصيرة التي كتبها أهل الغرب في العصور القريبة
His. of the Saracens ، وهو تاريخ عجيب ألفه «أوكلي»، وتكاد شهرته بين الناس تعدل شهرة كتاب جبون، وهو
Rom. Empire. ، ثم نذكر كتاب «شارب»، وهو
Eg. under The Romans ، ولكنه ليس بالمؤلف الكبير القيمة. ونجد أخبارا طريفة وبحثا حديثا في الطبعة التي أخرجها الأستاذ «بوري» من كتاب تاريخ «جبون»، وفي الكتاب الذي ألفه الأستاذ نفسه، وهو
Later Rom. Empire ، ونجد مثل هذه الفوائد في كتاب المستر «ملن»، وهو
Eg. under Rom. Rule ، وكتاب الأستاذ ستانلي لين بول، وهو
Eg. in The Mid. Ages ، ورسالته عن القاهرة في سلسلة الرسائل المسماة
অজানা পৃষ্ঠা